بعد اكثر من اربعة عقود على بداية حرب الخليج الأولى أو الحرب العراقية-الإيرانية التي اندلعت لأسباب عدة على رأسها الدعاية الإيرانية القائمة على تصدير الثورة واشتداد الخلاف بين العراق وإيران حول ترسيم الحدود خاصة في منطقة شط العرب المطلة على الخليج العربي الغني بالنفط بالإضافة إلى الاشتباكات العسكرية المتقطعة بين البلدين.
ولمناسبة ذكرى انطلاقة الحرب، كشف معهد "المجلس الاطلسي" الامريكي عن قراءة معمقة لتعقيدات مسار العلاقات بين البلدين منذ الثمانينيات حتى الان، بما في ذلك الحرب بينهما التي جذبت الحضور العسكري الامريكي بقوة الى المنطقة والمتلاشي الان بعد 40 سنة، ومن ثم خلال سقوط نظام صدام حسين، والمرحلة التي جاءت بعده، برعاية امريكية وايرانية، والتي أخلت بالتوازن الطائفي في المنطقة برمتها.واشنطن: ايران تستحق العقاب والعزلة
يذكر التقرير أنه عندما غزا العراق ايران في 22 سبتمبر/ايول العام 1980، لم يشعر الكثيرون في المنطقة والعالم بمشاعر الاسف، اما في واشنطن نفسها، فيذكر التقرير بأن ادارة جيمي كارتر كانت تشعر باليأس في محاولات اطلاق سراح 52 دبلوماسيا امريكيا احتجزوا كرهائن في طهران لمدة عام تقريبا، وفي واشنطن كان هناك شعور بان "ايران تستحق العقاب والعزلة على المسرح الدولي".
واشار التقرير الى ان هذا الوضع ساهم في "ميل الولايات المتحدة نحو بغداد، كما فعل معظم العالم، خلال الصراع الدموي 1980-1988".
واليوم يقول التقرير إن ايران بعد نحو 40 سنة، صعدت كقوة مهيمنة في المنطقة في ظل تأثيرها الكبير في لبنان وسوريا واليمن والعراق، واضاف انه في العام 2003، حققت الولايات المتحدة خلال اسابيع ما فشلت ايران في تحقيقه خلال ما يقرب من عقد من الحرب.
التقارب بين العراق وايران
وعن الوضع في بغداد، كشف التقرير عن العداء العراقي المتزايد تجاه ايران منذ العام 2003، مشيرا إلى المفارقات فيه ان "طبقته الحاكمة تم تنصيبها بشكل مشترك من قبل واشنطن وطهران، ولديها في الوقت نفسه قدرة محدودة على فصل نفسها عن جارتها القوية حتى فيما هي تحاول الحفاظ على العلاقات مع محررتها، اي الولايات المتحدة".
واشار التقرير الى ان امتناع الدول العربية، ولا سيما دول الخليج العربي، عن التعامل مع الحكومات العراقية بعد العام 2003 ، ادى الى تطوير الروابط الدينية والاجتماعية والثقافية التاريخية بين العراق وإيران بالاضافة الى المصالح الاقتصادية المتبادلة، وشكلا تحالفا قويا بينهما.
ولفت الى انه عندما قام تنظيم داعش بغزو العراق واصبح على مسافة من بغداد خلال صيف العام 2014، "كان الايرانيون هم اول من ظهر، واضعين العديد من قدراتهم في تصرف العراق".
واشار الى انه مع فتوى المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني، تمكن العراق بمفرده من تأمين المقاتلين المطلوبين، ولم يكن بحاجة الا الى الاسلحة والمستشارين العسكريين والمساعدات اللوجستية الاخرى، فيما وفرت ايران الكثير من هذا في غضون اربع وعشرين ساعة، وعندها بدأ تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة عملياته في اغسطس/آب العام 2014، مع توفير واشنطن دعما جويا حاسما.
ومنذ العام 2003، يشير التقرير الى ان العلاقات الاقتصادية بين العراق وايران كانت تتحرك في مسار تصاعدي، حيث ان التبادل التجاري بينهما يبلغ 12 مليار دولار سنويا وهناك خطة لزيادته الى 20 مليار دولار قريبا.
الكلفة والتبعات
انتهت حرب الخليج في الثامن من أغسطس/آب 1988، ويُقدر خبراء اقتصاديون كلفة ثماني سنوات من الحرب بأكثر من أربعمئة مليار دولار، فضلا عن كلفة بشرية أهم وهي أكثر من مليون قتيل وأضعاف ذلك من المصابين والمعوقين، كما خلَّفت دمارا واسعا في البنية التحتية للبلدين وألحقت ضررا كبيرا بالمنشآت النفطية ، الرافعة الاقتصادية في البلدين.
وحرب الخليج الأولى أو الحرب “العراقية-الإيرانية”، أطلقت عليها الحكومة العراقية، آنذاك، اسم: “قادسية صدام”؛ بينما عُرفت في “إيران” باسم: “الدفاع المقدس”، (بالفارسية: دفاع مقدس)، وهي حرب نشبت بين “العراق” و”إيران”، من أيلول/سبتمبر 1980؛ حتى آب/أغسطس 1988، انتهت بلا انتصار لطرفي الصراع؛ وقبولهما لوقف إطلاق النار، وبالرغم من ذلك خلّفت الحرب نحو مليون قتيل وخسائر مالية بلغت: 400 مليار دولار أميركي.
ودامت هذه الحرب لثماني سنوات؛ لتكون بذلك أطول نزاع عسكري في القرن العشرين، وواحدة من أكثر الصراعات العسكرية دموية في العالم.