عاد مشهد قطع الطرقات إلى لبنان احتجاجاً على الارتفاع الجنوني لأسعار المحروقات، فقد استفاق اللبنانيون على تسعيرة جديدة لصفيحة البنزين بزيادة 25 في المئة عن التسعيرة السابقة، ما بات يوازي نصف الحد الأدنى للأجور، في ظل انهيار اقتصادي يتخبط به البلد.
شرارة التحركات
ولأن السائقين العمومينن هم أكثر المتضررين من ارتفاع اسعار المحروقات عمدوا الى قطع الطريق في عدد من المناطق منها عند مستديرة ساحة النجمة في مدينة صيدا جنوبي البلد معتبرين أن الأمر "لم يعد يحتمل خصوصاً وأن مصدر رزقهم يعتمد بالدرجة الأولى على هذه المادة".
وتوالى قطع الطرقات حتى المساء ليشمل مناطق مختلفة من لبنان، وبحسب غرفة التحكم المروري التابعة لقوى الأمن الداخلي اللبناني والمخصصة لرصد حركة الطرق، فقد تم قطع السير على أوتوستراد المدينة الرياضية باتجاه الكولا في بيروت، وقطع السير في منطقة الصيفي وعند ساحة الشهداء، كما قطع السير على أوتوستراد الملولة - التبانة في طرابلس، وأوتوستراد البالما،وجونيه وبعلبك احتجاجاً.
يكتفون بالقليل من الوقود
وأعرب مواطنون على محطات البنزين عن صدمتهم بسعر صفيحة البنزين مؤكدين عدم قدرتهم على ملء خزانات سياراتهم بصفيحة كاملة والاكتفاء بما يلبي "كل يوم بيومه" وهو ما يتوافق مع إعلان أصحاب المحطات أن طوابير السيارات اختفت رغم توفر مادة الوقود.
واعتبر بعض المواطنين أنهم حاولوا سابقاً، من خلال الثورة، تغيير الواقع المرير لكن الدولة قمعتهم واعتدت عليهم فأوقفوا التظاهر.
على الشعب عدم الرضوخ
وأعلن جورج البراكس عضو نقابة أصحاب المحطات أن دعم المحروقات بات خلفنا، لافتا إلى أن "جدول تركيب الاسعار صدر على أساس 20 الف ليرة للدولار الواحد، وأنه لم يعد لاصحاب المحطات إمكانية شراء كميات كبيرة من المحروقات".
وأشار في حديث تلفزيوني الى أن الدولة سبق لها أن وعدتهم بعدم رفع الدعم عن البنزين قبل إيجاد حلول بديلة تحافظ على القدرة الشرائية للمواطن وهذا ما لم يحصل إذ رُفع الدعم بطريقة غير رسمية عن المحروقات . ورأى أن على الشعب عدم الرضوخ والاستسلام إذ كيف لرب عائلة أن يؤمن تكاليف المدارس والمأكل والملبس إن كان عليه دفع كل هذا المبلغ المرتفع للمحروقات فقط.
انفجار إجتماعي
وفي هذا السياق، رأى رئيس الاتحاد العمالي العام، بشارة الأسمر، أن "سعر صفيحة البنزين سيلامس حدود الـ400 ألف ليرة لبنانية في الأسابيع المقبلة بسبب ارتفاع سعر برميل النفط العالمي وارتفاع سعر صرف الدولار ورفع الدعم الكلي عن المحروقات". محذراً من انفجار اجتماعي كبير كما حذر من انهيار كبير في أداء المؤسسات الحكومية التي تعتمد كلياً على المحروقات لتأمين الخدمات المختلفة من كهرباء واتصالات وانترنت ومياه.
وأعلن أنه تقرر دعوة الهيئات الاقتصادية والصناعية وهيئات المجتمع المدني وهيئة التنسيق النقابية إلى اجتماع موسع يعقد الاسبوع المقبل لاتخاذ القرارات والخطوات المناسبة لأشكال التحرك المرتقب من اعتصامات وتظاهرات واضرابات لوقف التدهور وحمّل الأسمر المسؤولين والكتل النيابية تداعيات هذه الكارثة الإنسانية.
وعلّق ممثل موزعي المحروقات فادي أبوشقرا في حديث إذاعي على الارتفاع الكبير، قائلا: "الارتفاع الجنوني لأسعار البنزين ، ضربة موجعة للمواطن ولأصحاب المحطات" موضحاً أن "راتب المواطن أصبح بقيمة أربع صفيحات من البنزين".
تعليق وزارة الطاقة
من جهتها، أصدرت وزارة الطاقة بيانًا أكدت فيه تفهمها "المعاناة التي يعيشها المواطنون من جراء غلاء أسعار المشتقات النفطية وسعر صرف الدولار مما ينعكس سلباً على الدورة الاقتصادية والحياة المعيشية للمواطنين".
وأوضحت أنها "ليست الجهة المتحكمة بالأسعار، إذ أن عوامل عدة تؤثر بشكل مباشر على تركيبة جدول الأسعار لهذه المشتقات توقيتاً ومضموناً، والجدول يخضع لآلية اعتمدت بناءً على أمرين: الأول عدم الاستقرار في اسعار الدولار داخلياً فالسعر يُحدده مصرف لبنان لاستيراد هذه المشتقات من قبل الشركات المستوردة وفق (منصة صيرفة)، والثاني ناتج عن الارتفاع الكبير في أسعار النفط العالمي، مما انعكس ارتفاعاً على السعر المحلي بالإضافة إلى احتساب الكِلف الإضافية كالنقل وخدمة المحطات وغيرها".
لكن الأكيد أن تداعيات ارتفاع صفيحة الوقود ستنسحب على كل القطاعات في أزمة اقتصادية ومالية هي الأسوأ، في تاريخ لبنان الحديث، ارتفعت معها معدلات الفقر، والبطالة، وانهار سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار، متجاوزاً عتبة ال20 ألف ليرة، فيما يبلغ الحدّ الأدنى للأجور 675 ألف ليرة.