ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان وإسرائيل، عاد ليتصدّر المشهد اللبناني مع زيارة الوسيط الأميركي للبنان، ولقائه المعنيين ضمن اطار مهمة ادارة دفة المفاوضات غير المباشرة.
تعمل الولايات المتحدة من خلال وفدها، على تفعيل قنوات التفاوض المقطوعة بين بيروت وتل ابيب، منذ تعليق اجتماعات الناقورة (جنوبي لبنان) تحت وطأة التباين في رسم الخطوط والسقوف التفاوضية.
وساطة و"نقل افكار"
بجولة "جس نبض" و"استكشاف الإمكانيات المتاحة لتقريب المسافات وتبديد التباينات"، استهل الوسيط الأميركي الجديد آموس هوكشتاين، مهمة إدارة دفة التفاوض البحري غير المباشر بين البلدين، بلقاءات في العاصمة اللبنانية بيروت، مستطلعاً مدى "الجهوزية والجدية لدى المسؤولين اللبنانيين لاغتنام الوساطة الأميركية السانحة واقتناص فرصة التوصل إلى اتفاق حدودي يتيح للبنان استثمار ثروته النفطية"، وفق ما نقلت مصادر مواكبة لزيارة هوكشتاين، موضحةً أنّ زيارته الراهنة للبنان تندرج ضمن إطار "مهمة مركزية أوكلت إليه من إدارته، وهي تقوم في المرحلة الراهنة على مجرد نقل الأفكار والملاحظات على خط بيروت - تل أبيب".
ولفتت المصادر، إلى أنّ الوسيط الأميركي جال على المسؤولين اللبنانيين "مستمعاً للطروحات من دون أن يحمل معه أي طرح محدد لاستئناف المفاوضات المتصلة بالشق التقني من الترسيم، واكتفى بإبداء استعداده للعب دور إيجابي في عملية تبادل الأفكار والرسائل بين لبنان وإسرائيل، على أن يسعى في حال لمس تجاوباً واستعداداً لتدوير الزوايا من الجانبين إلى المساهمة في تطوير هذه الأفكار في مراحل لاحقة".
صلابة الوفد اللبناني المفاوض
وفي حديث لـ "جسور"، اعتبر العميد اللبناني المتقاعد ناجي ملاعب، ان الوساطة الاميركية يعوّل عليها اذ ان الوسيط مقبول من الطرفين الاسرائيلي واللبناني.
واكد العميد ملاعب ان "تصلب الوفد اللبناني في طرحه للخط 29، مبني على تقرير مركز هيدروغرافي (مسح بحري) بريطاني، اذ ان التقرير ارسل الى لبنان بناءً على طلبه في عام 2011"، وتابع "من الأفضل لو تم تبني التقرير في تلك الفترة فكنا وضعنا اسساً تفاوضية امتن من الحالية بكثير".
ووصف ملاعب الوفد اللبناني بـ "الجريء" في تفاوضه، اذ انه استند الى تقارير هامة، مثل التقرير البريطاني وتقارير سلاح البحرية في الجيش اللبناني، اذ قال : "استناد الوفد اللبناني المفاوض الى القانون الدولي وتقارير مراكز متطورة ازعج العدو والوسيط الاميركي في آنٍ معاً".
وأشار ملاعب إلى ان موقف لبنان، ف يالجولة الأخيرة من المفاوضات، هو "الصحيح"، مناشدا الوسيط الاميركي الجديد القبول ببعض الشروط اللبنانية على الرغم من "اقتناعنا (اللبنانيين) انه منحاز للجانب الاسرائيلي". وأضاف "اذ انطلق هذا المفاوض من الموقف اللبناني، سنتمكن من الحصول على حقوق اكثر من تلك التي حصلنا عليها مع السفير الاميركي السابق فريديرك هوف".
لهيب تعديل المرسوم6433
يضمن المرسوم 6433 حق لبنان في مفاوضات ترسيم الحدود مع اسرائيل، الا انه شكل تهديداً حقيقياً لاستمرارية المفاوضات بين الجانبين وتسبّب بغضب اسرائيلي عارم.
اعتبر العميد ملاعب ان البعض يريد التفاوض وفق مبدأ "اذا لم يكن ما تريد ارد ما يكون"، اذ ان تعديل المرسوم رقم 6433 كان موضع جدل كبير وألهب الرأي العام اللبناني.
واستغرب ملاعب سكوت من يدّعي "مقاومة العدو الاسرائيلي" عن هذه المسألة، وقال: "من يدعي المقاومة ضد العدو اعتبر ان الباخرة الايرانية المحملة بالمازوت هي ارض لبنانية، لكننا لم نسمع اي موقف عنه من اهدار ثروة هائلة على الحدود الجنوبية بقيمة 45 مليار دولار!".
واشار العميد المتقاعد الى ان جولة الوسيط الاميركي "المكوكية" بين لبنان واسرائيل، والحديث عن "استقدام شركة اميركية لاستخراج النفط والغاز الطبيعي في المنطقة المتنازع عليها مع العدو، قد تكون بداية حل، الا ان التشدد اللبناني يبقى حول النسبة التي سيحصل عليها".
وترجّح مصادر مطلعة، أن تكون نقطة الأساس في المسار التفاوضي الجديد باعادة الاعتبار الى الخط 23، بما يؤدي حكماً الى صرف النظر عن الخط 29، الذي تسبّب طرحه في تعليق التفاوض وفي إضفاء مزيد من التعقيد على المشهد، وأخَّر بدء لبنان عملية الاستكشاف في الحقول الجنوبية، المعروفة بالرقعة رقم 9.
تجاذبات الداخل اللبناني
الموقف اللبناني المهتز والخلافات الداخلية تساهم في اضعاف الموقف اللبناني الرسمي بوجه الاسرائيلي. اذ ان الخلافات الجوهرية والمبدئية في تحديد نقاط وخطوط انطلاق التفاوض على خرائط الترسيم، مكّنت الإسرائيليين من استثمار الوقت الضائع والتغوّل أكثر في عمليات الاستكشاف النفطية في المياه الإقليمية اللبنانية.
اضف الى ذلك، رغبة رئيس الجمهورية اللبناني ميشال عون، ورئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، في استبدال الوفد العسكري بوفد تفاوضي مدني، بعد إحالة رئيس الوفد السابق العميد بسام ياسين إلى التقاعد. الأمر الذي يلقى رفضاً قاطعاً من جانب الثنائي حركة امل وحزب الله، منعاً لإعطاء المفاوضات أي صفة ذات أبعاد تطبيعية بين لبنان وإسرائيل.
على ما يبدو، فإن المفاوضات قد تأخذ شكلا مختلفا مع وضع لبنان لمقاربة قد تحرك عجلة المفاوضات من جديد. اذ يشار الى امكانية تشكيل وفد مغاير للوفد العسكري اللبناني السابق، ويصبح مطعّما بخبراء عسكريين وإداريين وإختصاصيين، او من الممكن ان يتم التوجه الى اقتراح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي يقتضي بتكليف شركة استشارات متخصصة لوضع تصوّر متكامل يُسهّل إعادة إطلاق عجلة التفاوض.
فلبنان بحاجة ماسة لاستثمار ثروته النفطية والغازية ولو بعد 6 او 7 سنوات، بغية انتشال اقتصاده المتهاوي واللبنانيين من اسوأ ازمة مرت عليهم على الاطلاق.
تعمل الولايات المتحدة من خلال وفدها، على تفعيل قنوات التفاوض المقطوعة بين بيروت وتل ابيب، منذ تعليق اجتماعات الناقورة (جنوبي لبنان) تحت وطأة التباين في رسم الخطوط والسقوف التفاوضية.
وساطة و"نقل افكار"
بجولة "جس نبض" و"استكشاف الإمكانيات المتاحة لتقريب المسافات وتبديد التباينات"، استهل الوسيط الأميركي الجديد آموس هوكشتاين، مهمة إدارة دفة التفاوض البحري غير المباشر بين البلدين، بلقاءات في العاصمة اللبنانية بيروت، مستطلعاً مدى "الجهوزية والجدية لدى المسؤولين اللبنانيين لاغتنام الوساطة الأميركية السانحة واقتناص فرصة التوصل إلى اتفاق حدودي يتيح للبنان استثمار ثروته النفطية"، وفق ما نقلت مصادر مواكبة لزيارة هوكشتاين، موضحةً أنّ زيارته الراهنة للبنان تندرج ضمن إطار "مهمة مركزية أوكلت إليه من إدارته، وهي تقوم في المرحلة الراهنة على مجرد نقل الأفكار والملاحظات على خط بيروت - تل أبيب".
ولفتت المصادر، إلى أنّ الوسيط الأميركي جال على المسؤولين اللبنانيين "مستمعاً للطروحات من دون أن يحمل معه أي طرح محدد لاستئناف المفاوضات المتصلة بالشق التقني من الترسيم، واكتفى بإبداء استعداده للعب دور إيجابي في عملية تبادل الأفكار والرسائل بين لبنان وإسرائيل، على أن يسعى في حال لمس تجاوباً واستعداداً لتدوير الزوايا من الجانبين إلى المساهمة في تطوير هذه الأفكار في مراحل لاحقة".
صلابة الوفد اللبناني المفاوض
وفي حديث لـ "جسور"، اعتبر العميد اللبناني المتقاعد ناجي ملاعب، ان الوساطة الاميركية يعوّل عليها اذ ان الوسيط مقبول من الطرفين الاسرائيلي واللبناني.
واكد العميد ملاعب ان "تصلب الوفد اللبناني في طرحه للخط 29، مبني على تقرير مركز هيدروغرافي (مسح بحري) بريطاني، اذ ان التقرير ارسل الى لبنان بناءً على طلبه في عام 2011"، وتابع "من الأفضل لو تم تبني التقرير في تلك الفترة فكنا وضعنا اسساً تفاوضية امتن من الحالية بكثير".
ووصف ملاعب الوفد اللبناني بـ "الجريء" في تفاوضه، اذ انه استند الى تقارير هامة، مثل التقرير البريطاني وتقارير سلاح البحرية في الجيش اللبناني، اذ قال : "استناد الوفد اللبناني المفاوض الى القانون الدولي وتقارير مراكز متطورة ازعج العدو والوسيط الاميركي في آنٍ معاً".
وأشار ملاعب إلى ان موقف لبنان، ف يالجولة الأخيرة من المفاوضات، هو "الصحيح"، مناشدا الوسيط الاميركي الجديد القبول ببعض الشروط اللبنانية على الرغم من "اقتناعنا (اللبنانيين) انه منحاز للجانب الاسرائيلي". وأضاف "اذ انطلق هذا المفاوض من الموقف اللبناني، سنتمكن من الحصول على حقوق اكثر من تلك التي حصلنا عليها مع السفير الاميركي السابق فريديرك هوف".
لهيب تعديل المرسوم6433
يضمن المرسوم 6433 حق لبنان في مفاوضات ترسيم الحدود مع اسرائيل، الا انه شكل تهديداً حقيقياً لاستمرارية المفاوضات بين الجانبين وتسبّب بغضب اسرائيلي عارم.
اعتبر العميد ملاعب ان البعض يريد التفاوض وفق مبدأ "اذا لم يكن ما تريد ارد ما يكون"، اذ ان تعديل المرسوم رقم 6433 كان موضع جدل كبير وألهب الرأي العام اللبناني.
واستغرب ملاعب سكوت من يدّعي "مقاومة العدو الاسرائيلي" عن هذه المسألة، وقال: "من يدعي المقاومة ضد العدو اعتبر ان الباخرة الايرانية المحملة بالمازوت هي ارض لبنانية، لكننا لم نسمع اي موقف عنه من اهدار ثروة هائلة على الحدود الجنوبية بقيمة 45 مليار دولار!".
واشار العميد المتقاعد الى ان جولة الوسيط الاميركي "المكوكية" بين لبنان واسرائيل، والحديث عن "استقدام شركة اميركية لاستخراج النفط والغاز الطبيعي في المنطقة المتنازع عليها مع العدو، قد تكون بداية حل، الا ان التشدد اللبناني يبقى حول النسبة التي سيحصل عليها".
وترجّح مصادر مطلعة، أن تكون نقطة الأساس في المسار التفاوضي الجديد باعادة الاعتبار الى الخط 23، بما يؤدي حكماً الى صرف النظر عن الخط 29، الذي تسبّب طرحه في تعليق التفاوض وفي إضفاء مزيد من التعقيد على المشهد، وأخَّر بدء لبنان عملية الاستكشاف في الحقول الجنوبية، المعروفة بالرقعة رقم 9.
تجاذبات الداخل اللبناني
الموقف اللبناني المهتز والخلافات الداخلية تساهم في اضعاف الموقف اللبناني الرسمي بوجه الاسرائيلي. اذ ان الخلافات الجوهرية والمبدئية في تحديد نقاط وخطوط انطلاق التفاوض على خرائط الترسيم، مكّنت الإسرائيليين من استثمار الوقت الضائع والتغوّل أكثر في عمليات الاستكشاف النفطية في المياه الإقليمية اللبنانية.
اضف الى ذلك، رغبة رئيس الجمهورية اللبناني ميشال عون، ورئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، في استبدال الوفد العسكري بوفد تفاوضي مدني، بعد إحالة رئيس الوفد السابق العميد بسام ياسين إلى التقاعد. الأمر الذي يلقى رفضاً قاطعاً من جانب الثنائي حركة امل وحزب الله، منعاً لإعطاء المفاوضات أي صفة ذات أبعاد تطبيعية بين لبنان وإسرائيل.
على ما يبدو، فإن المفاوضات قد تأخذ شكلا مختلفا مع وضع لبنان لمقاربة قد تحرك عجلة المفاوضات من جديد. اذ يشار الى امكانية تشكيل وفد مغاير للوفد العسكري اللبناني السابق، ويصبح مطعّما بخبراء عسكريين وإداريين وإختصاصيين، او من الممكن ان يتم التوجه الى اقتراح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي يقتضي بتكليف شركة استشارات متخصصة لوضع تصوّر متكامل يُسهّل إعادة إطلاق عجلة التفاوض.
فلبنان بحاجة ماسة لاستثمار ثروته النفطية والغازية ولو بعد 6 او 7 سنوات، بغية انتشال اقتصاده المتهاوي واللبنانيين من اسوأ ازمة مرت عليهم على الاطلاق.