لا تزال التطورات المتسارعة تلقي بظلالها على الحياة السياسية في البيرو، الدولة الأميركية الجنوبية، حيث لم تستبعد رئيسة البلاد الجديدة دينا بولوارتي، الدّعوة إلى انتخابات مبكرة، بحثا عن حلّ سلمي للأزمة السياسية.
وتعتزم بولوارتي إعلان تشكيلة حكومتها، اليوم السبت، تزامناً مع الاستياء المتزايد في الشارع مع مطالبة أنصار الرئيس السابق بيدرو كاستيلو بالإفراج عنه.
وناشدت الرئيسة الجديدة "الأخوات والإخوة الذين خرجوا للتظاهر، بأن يلتزموا الهدوء"، وذلك غداة احتجاجات عنيفة لأنصار كاستيو، وأوضحت أنه "إذا كان المجتمع والوضع يتطلبان ذلك، فإننا سنقترح انتخابات في إطار النقاشات مع القوى الديمقراطية في الكونغرس.
بولوارتي شغلت منصب نائبة الرئيس حتى تنصيبها رئيسة للبلاد يوم الأربعاء بعد إقالة كاستيو في البرلمان. وبذلك تصبح أول امرأة تتولى الرئاسة في البيرو.
من جهتها، سارعت الولايات المتحدة الأميركية إلى الترحيب بتوليها رئاسة بيرو بعد أدائها اليمين الدستوري أمام البرلمان.
انقلاب واعتقال
وكان الرئيس بيدرو كاستيو أودع منذ الأربعاء الماضي في الحبس الاحتياطي، لمدة سبعة أيام على الأقل، بعد أن فتحت النيابة تحقيقاً ضده بتهمة "التمرّد" و"التآمر" إثر محاولته الانقلاب على السلطة التشريعية.
فقد وجه كاستيو الذي تولى السلطة منذ يوليو/تموز من العام الماضي، خطابا إلى الأمة أعلن فيه حل البرلمان (الذي كان يستعد لعقد جلسة ثالثة للتصويت على عزله)، وأنه سيحكم عبر مراسيم رئاسية، وسيشكل حكومة طوارئ، كما دعا لانتخابات برلمانية للموافقة على دستور جديد، لينتهي الأمر بعزله واحتجازه من جانب الشرطة، بينما أدت نائبته دينا بولوارتي اليمين الدستورية كرئيس مؤقت.
وكان البرلمان البيروفي الذي تهيمن عليه المعارضة اليمينية أعلن رفضه مرسوم الرئيس اليساري، ورد بدوره عبر تصويت أسفر عن موافقة 101 من النواب على عزله من منصبه، وذلك خلال جلسة تم بثها على الهواء مباشرة، وشهدت اعتراض 6 أعضاء وامتناع 10 عن التصويت.
احتجاجات
في المقابل، احتجاجات عدة اندلعت الخميس في ليما وعدد من المدن في أنحاء البلاد، خصوصا في مناطق الأنديز حيث يحظى كاستيو بأكبر قدر من الدعم. واستخدمت الشّرطة الغاز المسيل للدموع، لتفريق المتظاهرين الّذين ساروا باتجاه البرلمان، ورفعوا لافتات كُتب عليها "الحرّيّة لكاستيو"، "بولوارتي لا تمثّلني" و"حلّ البرلمان".
وتَواصل الجمعة قطع الطريق السريع لعموم أميركا، وهو الطريق الرئيسي الذي يعبر البلاد ويمتد من شمال القارة الأميركية إلى جنوبها.
كذلك تجمع المتظاهرون في ساحة سان مارتن المركزية قبل التوجه إلى مكتب النائب العام والبرلمان، ورددوا هتاف "انقلابيين" كما أحرقوا لافتات عليها صورة بولوارتي.
وقالت متظاهرة كانت تُشارك في الاحتجاج في شوارع ليما "نريد حلّ هذا الكونغرس الفاسد والإفراج عن كاستيو. لقد اتّخذ قرارًا بحلّ البرلمان لأنّهم لم يسمحوا له بالعمل".
وأغلق عشرات من رجال شرطة مكافحة الشغب الجادّات المؤدّية إلى البرلمان لمنع مرور المتظاهرين.
اللجوء إلى المكسيك
وبدا لافتاً أعلان وزير الخارجية المكسيكي، مارسيلو إبرارد، عن استعداد بلاده لمنح اللجوء لرئيس بيرو المعزول بيدرو كاستيليو، رغم توضحيه أن المكسيك لم تتلق أي طلب بهذا الصدد بعد.
وقال "نحن نتخذ موقفا إيجابيا من منح اللجوء، لكن أحدا لم يتقدم بهذا الطلب. ولا أعتقد أننا سنعارض ذلك في حال طلبه منا، وبإمكاننا النظر إلى ذلك بشكل إيجابي".
يأتي ذلك فيما أعلنت الخارجية الأميركية أنها ترفض أي "تهديد للنظام الديمقراطي" في البيرو مؤكدةً أن الولايات المتحدة تراقب الوضع عن كثب في البيرو و"نحن على اتصال مع الحكومات الإقليمية".