كادت موهنجودارو، إحدى أقدم المدن في العالم، أن تُمحى من الخريطة إثر الفيضانات المأسوية التي غمرت باكستان خلال الصيف الفائت.
لكن رغم صموده، أصبح الموقع رمزاً للتهديد الذي يشكله الاحترار المناخي على التراث الثقافي للبشرية. فقد نجا الموقع المشيد في عام 3000 قبل الميلاد تقريباً على يد حضارة السند في ما يُعرف اليوم بمنطقة جنوب آسيا، من مصير أسود من جراء الفيضانات، على الأرجح بفضل عبقرية مصمميه.
فهذه المدينة الرابضة على علوّ مرتفع فوق نهر السند، مجهزة بنظام بدائي للصرف والمجاري، ما يتيح تصريف كميات كبيرة من مياه الفيضانات. ولقي ما يقرب من 1600 باكستاني مصرعهم في الفيضانات التي ألحقت ضرراً بحوالى 33 مليون شخص آخرين، في كارثة فاقمها "على الأرجح" الاحترار المناخي، بحسب شبكة "وورلد ويذر أتريبيوشن" البحثية.
تأثير هائل
وقال مدير برنامج التراث العالمي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) لازار إلوندو أسامو إن المدينة القديمة "كان من الممكن أن تختفي بكل الآثار" التي تحويها.
وأشار أسامو إلى أن الموقع الباكستاني كان "ضحية" لتغير المناخ، كما أنه "محظوظ جداً" لأنه ما زال موجوداً، بعد 100 عام على اكتشافه لأول مرة عام 1922.
وقالت مديرة اليونسكو أودري أزولاي "حماية هذا التراث بأنفسنا تعني مواجهة عواقب اضطراب المناخ وفقدان التنوع البيولوجي. إنه التهديد الرئيسي الذي نقيّمه بطريقة ملموسة". ولفتت إلى أنه من بين 1154 موقعاً للتراث العالمي، "هناك موقع واحد من كل خمسة، وأكثر من ثلث المواقع الطبيعية، يواجه بالفعل هذا التهديد كحقيقة واقعة".
وأتت حرائق غابات ضخمة على مساحات واسعة في جبال روكي في كندا، المصنفة ضمن مواقع التراث العالمي، كما أن النيران اقتربت هذا العام حتى 15 كيلومتراً من موقع دلفي الأثري اليوناني، حيث فاقمت موجة الحر من حدة حرائق الغابات عبر حوض البحر الأبيض المتوسط.
في غضون ذلك، وقعت انهيارات أرضية في البيرو هذا العام عند سفح ماتشو بيتشو في جبال الأنديس. وفي أستراليا، يواجه الحاجز المرجاني العظيم، المدرج أيضاً على قائمة التراث العالمي، موجات ابيضاض بسبب ارتفاع درجات حرارة المياه. وفي غانا، أدت ظاهرة التعرية إلى جرف جزء من حصن برينزينشتاين الذي تم الحفاظ عليه كموقع بارز لتجارة الرقيق.