مع انحسار رقعة الجليد جراء التغير المناخي المتسارع في المحيط المتجمد الشمالي، باتت الحيتان القاتلة (أوركا) تمضي وقتا أطول في هذه المياه وتوسع نطاق صيدها نحو الشمال، ما يوفر لها طرائد جديدة لم تعتد عليها قبلا.
ويؤشر تمدد هذه الحيتان بدرجة متزايدة نحو الشمال إلى أن الحوت القاتل يتكيف مع الأوضاع الجديدة في المحيط المتجمد الشمالي، حيث تتقلص مساحة الكتل الجليدية بدرجة كبيرة.
وتتربص حيتان الأوركا المعروفة بمهاراتها المتعددة التي تتيح لها التوجه إلى كل بحار العالم تقريبا، بطرائد جديدة في المنطقة القطبية الشمالية، من بينها الحيتان البيضاء (بيلوغا) وعلى الأرجح بعض أجناس الفقمة التي تعيش على الجليد، وفق اختصاصيين.
انحسار الطوف الجليدي
ترتبط هذه الظاهرة أيضا بهجرة سمك الرنكة الأطلسية، الطبق المفضل لهذه الحيتان، إلى الشمال لأسباب لا تزال ضمن إطار الفرضيات.
وتنشئ مساحات الصيد الجديدة هذه نزاعات جديدة بين حيتان الأوركا (التي يُقدّر عددها عالميا بـ50 ألفا)، والإنسان في مناطق لم تُرصد فيها قطّ في السابق".
وبات يُسجل حضور متزايد للحيتان القاتلة في بحر تشوكشي بين ألاسكا والسواحل الروسية، وفق دراسة استندت إلى 8 سنوات من عمليات الرصد السمعي.
وفي هذا القطاع، يهاجم الأوركا بصورة متزايدة الحيتان المقوسة الرأس، وهو نوع أكثر عرضة لتبعات انحسار الطوف الجليدي.
ويشير الباحثون الأميركيون إلى أن هذه الهجمات "ستزيد على الأرجح نظرا إلى تمدد الفصول التي يخلو فيها المحيط من الجليد".
ويشهد المحيط المتجمد الشمالي احترارا أسرع بثلاث مرات مقارنة مع سائر مناطق العالم، ما يؤثر بشدة على حجم الطوف الجليدي والأنظمة البيئية التي تعتمد عليه.
وفي المعدل، تراجع مستوى الطوف الجليدي في المنطقة القطبية الشمالية بنسبة تفوق 13 في المئة كل عقد خلال السنوات الأربعين الأخيرة.