يفرض الهمّ المناخي نفسه بصورة متزايدة على اجتماعات الجمعيات العامة في الشركات مع طرح عدد تاريخي من القرارات للتصويت، مما يشكل طريقة لإظهار حسن نية الإدارات وأيضا وسيلة ضغط بيد صغار المساهمين.
وتتنوّع القرارات المرتبطة بالقضايا المناخية والمطروحة للتصويت أمام المساهمين خلال اجتماعات الجمعيات العامة في شركة "تيسلا" عام 2022، وأحد هذه القرارات الكثيرة يتعلق بالحدّ من انبعاثات غازات الدفيئة، وآخر يضع حدّاً لتمويل الطاقة الأحفورية التي تعتمد عليها البنوك وثالث يقيّم البصمة الكربونية للعملات المشفرة.
وتشير منظمة "ساستاينبل إنفستمنتس إنستيتيوت" إلى أنّ 600 قرار متعلق بالممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات عُرض للتصويت في 2022 حتى العاشر من مايو/ أيار في الولايات المتحدة، ما يمثل ارتفاعاً بنسبة 19% عن العام الفائت.
وأحصت منظمة "كلايمت أكشن 100+" غير الحكومية 215 قراراً للتصويت مرتبطاً بقضايا المناخ في نهاية أبريل/ نيسان، ما يشكل رقماً قياسياً.
قرارات مطروحة
وفي أوروبا، لم يشهد عدد القرارات المطروحة للتصويت ارتفاعاً مماثلاً، إذ أحصت وكالة "بروكس إنفست" 29 قراراً مرتبطاً بالمناخ تم طرحه للتصويت، مقابل 15 قراراً طُرح للتصويت عام 2021، وأغلبها في فرنسا والمملكة المتحدة.
ويقول المسؤول عن قضايا الحوكمة لدى "بروكس إنفست" لويك دوسان لوكالة "فرانس برس" إنّ "العوائق التي تواجه طرح القرارات أقل حدة في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى أنّ الشركات أقل تقدماً في شأن المسائل المناخية".
وبنتيجة ذلك، يطرح المساهمون في الشركات الموجودة في الولايات المتحدة قرارات أكثر من تلك المُقدمة في أوروبا حيث تطرحها إدارات الشركات.
لكن في أوروبا، يشكل المناخ الموضوع الأكثر ذكراً ضمن أسئلة المساهمين هذه السنة، إلى جانب الأسئلة المرتبطة بالتمويل، بحسب ما تظهر بيانات جمعتها شركة "سكايلنز" المتخصصة في التكنولوجيا المالية.
ما هو الـ"ساي أون كلايمت"؟
ويمثل "ساي أون كلايمت" مبدأ تعرض على أساسه شركة ما سياستها المرتبطة بالحد من انبعاثات الكربون على تصويت استشاري يجريه المساهمون. وبدأ عدد من الشركات اعتماد هذا المبدأ عام 2021، وحذت حذوها مؤسسات أخرى هذا العام من بينها شركة "انجي" للطاقة في فرنسا.
ومبدأ "ساي أون كلايمت" مستوحى بشكل مباشر من "ساي أون باي"، وهي حركة برزت في العقد الفائت وأتاحت للمساهمين إبداء آرائهم حول رواتب المدراء التنفيذيين في الشركات.
ويقول لويك دوسان "هنالك فارق عشر سنوات بين المفهومين. وكان الإجراء في البداية عبارة عن طلب قدّمه المستثمرون لكنّ مجالس الإدارة رفضته معتبرةً أنّه من اختصاصها"، مضيفاً أنّ "بعض الشركات اعتمدته فجأةً ما زاد الضغط الممارس من المستثمرين أو المشرعين"، وقد أدى ذلك إلى اعتماده في الأعراف والقوانين، كما حصل في فرنسا.
ويدفع إدراج القرارات المرتبطة بالقضايا المناخية على جدول أعمال الجمعيات العامة، بالشركات لإظهار موقفها، وقد يفضي عن تغييرات مهمة.
شركات عملاقة
وعام 2021، صوّت المساهمون في شركتي "إكسون موبيل" و"شيفرون" لصالح إجبار شركات النفط الأميركية العملاقة على مكافحة التغير المناخي بشكل افضل.
وفي الجمعيات العامة، تتزايد الأصوات المؤيدة للقرارات المرتبطة بالممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، إذ ارتفعت من 22% عام 2013 إلى 33% عام 2021 في الولايات المتحدة، بحسب منظمة "ساستاينبل إنفستمنتس إنستيتيوت".
لكن نجاح هذه القرارات ليس مضموناً خصوصاً وأنه يمثل ثمرة عمل يمتد على فترة طويلة. ورفض المساهمون في مؤسسة "غولدن ساكس" المصرفية الأميركية بغالبيتهم قرارات تطالب المصارف بوقف المشاركة في تمويل المشاريع الأحفورية الجديدة.
دعمٌ أضعف
أكتب-العنوان-الفرعي-هنا
وتقول مديرة "ساستاينبل إنفستمنتس إنستيتيوت" هايدي ويلش لوكالة فرانس برس إنّ "الطلب كان أكبر من ذلك المسجل في الماضي. ونظراً لأنّه جديد، ليس مستغرباً أن نرى دعماً أضعف".
وفي النهاية، تأتي معظم القرارات التي يتم إقرارها من الإدارة. وفي مصرف "ستاندرد تشارترد" الإنكليزي، حصل قرار من الإدارة في شأن "الموافقة على مسار الشركة المحايد للكربون بحلول عام 2050" على تصويت مؤيد بنسبة 83% أوائل مايو/ ايار.
في المقابل، رفضت نسبة أكبر من المصوتين قراراً طرحه المساهمون في شأن التعهّد أيضاً بوقف تمويل مشاريع تعتمد على الوقود الأحفوري.
وتقول المشاركة في تأسيس "سكايلنز" بينيديكت أوتفور إن القرارات المطروحة من المساهمين قد تتعارض أحياناً مع "المبادئ الرئيسية" لاستراتيجية الشركة، وتتضاءل تالياً فرص الموافقة عليها.
وتشير إيناس دو لا كومبل وفاني ديشان من شركة "كربون 4" المتخصصة في استراتيجيات خفض انبعاثات الكربون إلى أنّ القرارات المقدمة من الشركة "تسهّل الحوار مع المساهمين في شان هذه المسائل". لكن مع ذلك، فإن هذه القرارات "لا تتمتع بمستوى طموح كافٍ لمواجهة حالة الطوارئ المناخية واحترام اتفاقية باريس".