أيام قليلة تفصل العراق عن الإستحقاق النيابي المنتظر، وهي العملية الانتخابية الخامسة خلال عقدين، الجهات المنظمة طمأنت باتخاذها إجراءات تضمن نزاهة الانتخابات التي يشارك فيها عدد ليس بقليل من المراقبين الدوليين.
ومع بدء العد التنازلي للإنتخابات العراقية، تتصاعد حدة المخاوف من عمليات تزوير وضغط محتملين على الناخب لمصادرة إرادته.وتعتمد الانتخابات التشريعية المبكرة المقررة في 10 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، على البطاقة البايومترية المزودة ببصمة الناخب وإجراءات إلكترونية لإظهار النتائج الأولية للاقتراع فور انتهاء التصويت. فهل فعلا ستمنع هذه البطاقات تزوير أصوات الناخبين؟
البطاقة البايومترية... أمل بمنع التزوير
الجدل بشأن حصانة تلك الآليات أمام "سارقي" الأصوات والمتسللين لصناديق الاقتراع، لا يزال سيد الموقف خشية تكرار ما شهدته الانتخابات السابقة من عمليات تزوير واحتيال، ولعلّ أهم ما صرّح به رئيس قسم الصحافة في جامعة اهل البيت، الدكتور غالب الدعمي، لـ "جسور" أن مفوضية الانتخابات لجأت إلى استخدام البطاقة البايومترية كونها آمنة حيث ستتكون من بصمة ثلاثية، وهي البصمة الموجودة في البطاقة، وبصمة جهاز التحقق يوم الانتخابات، فضلا عن بصمة الناخب الحية يوم الاقتراع، وبالتالي ستكون هنالك مطابقة ثلاثية لهذه البصمات للتأكد من الناخب قبل قيامه بعملية التصويت.وأشار الدعمي لـ "جسور" إلى أن مفوضية الانتخابات اتخذت إجراءات احترازية كبيرة بما يخص البطاقات القصيرة الأمد أيضا، إذ إن الناخب الذي يراجع بالبطاقة القصيرة الأمد والتي لا تحتوي على صورة المواطن، فسيبصم ببصمة الأصابع العشرة، وعند إكماله التصويت ستسحب هذه البطاقة وسيسلّم إيصال بذلك، وستعطل البطاقات البايومترية والقصيرة الأمد لمدة 72 ساعة بعد انتهاء تصويت الناخب.
ويؤكد أنّ البطاقة البايومترية ستكون اساس نزاهة الانتخابات اذا تمت وفق الضوابط والتعليمات والاشراف النزيه، لذلك فهي تحتاج إلى توعية كبيرة وشاملة وضرورية ليكون لكل عراقي بطاقة بايومترية حفاظا على صوته، بحسب الدعمي.
خصائص البطاقة البايومترية
البطاقة البايومترية تبرز من قبل صاحبها خلال إجراء الانتخابات، وتؤكد بعض التقارير أن هذا النوع من البطاقات يساهم في تمكين صاحبها من الإدلاء بصوته في مكان إقامته، كما تحفظ البيانات الشخصية للناخب بشكل ممغنط، ويمكّن ذلك قراءة البيانات بشكل إلكتروني عبر أجهزة متصلة بقاعدة بيانات الناخبين. وكذلك يمكن من خلال هذه البطاقة حفظ بيانات خاصة أخرى مثل بصمتي العين واليد، وبذلك يصعب تزويرها.ومن ناحية محاولات التلاعب والتزوير، يؤكد الدعمي لـ"جسور" أن نحو 25% من بلدان العالم تستخدم نظام البطاقة البايومترية لتحديد هوية الناخبين، ويضيف أن البايومترية تعتبر أكثر أمنا لكونها لا تعمل إلا بوجود الناخب حصرا، لكي يبصم في الجهاز، مما يجعلها أكثر حصانة، كما تم تحديث الإجراءات للتخلص من الإخفاقات التي حدثت سابقا، ويضيف أن بعض الكتل السياسية متخوفة من البطاقة البايومترية لأنها سوف تمنع التزوير ولن يتمكن أي شخص من التلاعب بالنتائج، ولن يكون هناك تصويت بالإنابة.
توزيع نسب "عالية" من بطاقات الناخبين
عضو دائرة المعلومات في المفوضية العليا للانتخابات عماد جميل، كان أكد في وقت سابق ان المفوضية تمكنت من توزيع نسب "عالية" من بطاقات الناخبين البايومترية خلال اليوم الأخير المحدد لتوزيع البطاقات، مشيراً إلى ان ديالى وواسط حققتا أعلى النسب في التوزيع.وقال جميل إن "المفوضية تجاوزت أمس 87% من توزيع البطاقات، ووزعنا من مجموع 17 مليوناً ما يقارب 15 مليون بطاقة انتخابية، موضحاً أن هذه النسبة تعتبر "جيدة جداً"، وأن أصحاب البطاقات غير الموزعة لا يستطيعون التصويت.
وذكر ان محافظتي ديالى وواسط حققتا نسب عالية في توزيع البطاقات الانتخابية، وكذلك الموصل التي تعرضت لأعمال إرهابية وتأخرت فيها عملية التوزيع، في حين تجاوزت نسبة توزيع البطاقات في غالبية المحافظات 70%.
عضو دائرة المعلومات في مفوضية الانتخابات أكد أن الإجراءات التي اتخذتها مفوضية الانتخابات تحدّ من التلاعب بعملية الانتخابات ونتائجها، وإن عمليات المحاكاة التي قامت بها كان لها دور في ضمان فعالية الأجهزة وعملها، وإن الأنظمة والتعليمات وجميع الإجراءات التي اتخذتها المفوضية تبعث رسائل اطمئنان للناخبين بالحفاظ على أصواتهم وذهابها للمرشحين الذين تم انتخابهم، وكذلك الابتعاد عن جميع الضغوط السياسية التي تتعرض لها المفوضية في حال تأخر إعلان النتائج.
دعم دولي لردع التجاوزات
وعن أهمية المراقبة الدولية في الإنتخابات، أكدّ الدعمي لـ "جسور" أنّ للمراقبة الدولية اهمية كبيرة في سلامة سير عملية الاقتراع، والمفوضية ستحدد المحافظات التي ستركز فيها عملية المراقبة وتوزيع المراقبين، وإن إعلان النتائج سيتميزّ بشفافية أكبر من المرات السابقة وانها ستعلن داخل المحطات أولاً.وأشار الدعمي إلى أن المفوضية ستشدّد الإجراءات الأمنية والرقابية في المحافظات التي جرت فيها المشاكل في الانتخابات السابقة وخصوصاً المحافظات التي تحتوي اختلافاً بين الكتل والأحزاب المشاركة في الانتخابات مثل كركوك، ستكون الإجراءات أكثر صرامة و"لن نسمح بحدوث التجاوزات".
وتتضارب توقعات المراقبين ومُسوحات الرأي العام السرية التي تجريها بعض المراكز المتخصصة بشأن نسب المشاركة بين من يتكهن أنها ستكون معتدلة وبين من يرى أنها قد تكون ضعيفة.
هذا وشدد رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، على التعامل بحزم مع أي محاولة للتزوير في الانتخابات، وعلى المتابعة المستمرة للتجاوزات والخروقات من قبل المرشحين والأحزاب.