بؤس اللبنانين يتواصل. فأزمة المحروقات في لبنان ترخي بثقلها على المواطنين وعلى القطاعات الحيوية في البلاد. ومع تخطي سعر صفيحة البنزين عتبة الـ 200 الف ليرة والحديث عن ارتفاع سعرها اكثر نهاية الشهر الحالي، يشتد الخناق اكثر على اللبنانيين، في ظل غياب اي خطة بديلة وعملية لقطاع النقل العام.
وفق رئيس اتحادات نقابات قطاع النقل البري بسام طليس يشكل النقل العام في لبنان 5 بالمئة من حجم السوق، اذ لم يبق أمام اللبنانيين إلّا النقل العمومي الخاص الذي بدوره لم يعد باليسر الذي كان عليه قبل الأزمة. إذ يشهد قلّة في عدد سيارات الأجرة و”الفانات” على الطرقات من جهة، ومن جهة ثانية فوضى التعرفة. ويعتبر المعنييون الا حلول آنية لمعالجة ازمة المحروقات المتفاقمة في البلاد اذ ان الازمة ليست ازمة استيراد فقط بل ازمة مالية ايضًا.وزير الاشغال الجديد يتحرك
سعيًا للوصول الى حلول تفضي الى التخفيف من وطأة الازمة على المواطنين يعمد وزير الاشغال العامة والنقل علي حمية الى وضع استراتيجية شاملة ومتكاملة لمرافق قطاع النقل العام من خلال دراسة ملفات المديريات التابعة للوزارة.
فقد عقد حمية اجتماعًا مع المدير العام لمصلحة سكك الحديد والنقل المشترك زياد نصر، في حضور مدير الادارة المشتركة منير صبح، للاطلاع على الخطط والمشاريع التي تعنى بقطاع النقل العام وسكك الحديد. كما تم التداول في كيفية تفعيل النقل العام المشترك في ظل ازمة المحروقات المتفاقمة من خلال استحداث منظومة متكاملة للنقل المشترك تربط المناطق اللبنانية ببعضها.
و تم خلال الاجتماع شرح مفصل لعدد من المشاريع الحيوية والمراحل التي وصل اليها كل مشروع، ليصار الى تنفيذها وفق رؤية متكاملة.
فرصة تفعيل النقل العام الاخيرة
يعتبر قطاع النقل العام مرفأ حيويًا، لطالما كان مغيبا عن مشاريع الدولة اذ اقتصرت المشاريع فقط على شق الطرقات وبناء الجسور. هذه المشاريع وعلى الرغم من اهميتها الا انها قاصرة عن ايجاد حلول فعالة للبنانيين. والوضع الحالي للقطاع هو نتيجة غياب الاستثمار الجدي والمجدي في القطاع.
في حديث لمنصة "جسور" ابدى المدير العام لمصلحة سكك الحديد والنقل المشترك في لبنان زيار نصر ارتياحه للاجتماع الذي جرى مع الوزير. وقال نصر"لمسنا حرصًا واستعدادًا من قبل الوزير لاعطاء موضوع النقل العام والمشترك اهتماما خاصا والاجتماع الاول اقتصر على عرض مشايع النقل المشترك المعدّة سابقًا بهدف تفعيلها. وعن سبب عدم تنفيذ هذه المشاريع اكد نصر ان " غياب القرار السياسي وعدم توفر الاعتمادات الكافية حالا من دون التنفيذ".
أعباء النقل ترهق اللبنانيين
ويعتبر نصر ان "الاولوية اليوم في ظل ازمة المحروقات المتفاقمة هي للنقل المشترك. في كل الدول التي تشهد ازمة كلبنان تعطى الاولوية لقطاع النقل المشترك لتمكين المواطن من متابعة شؤون حياته اليومية. وتابع " سيتم تأمين الاعتمادات اللازمة وبشكل فوري لتنفيذ المشاريع ورفع اعباء النقل عن المواطنين الفقراء".
هذا واشار نصر الى ان الخطط والمشاريع جاهزة تنتظر صرف اعتمادات لها والمباشرة بالتنفيذ. آملا ان تكون الاولوية لمشروع ممول من قبل البنك الدولي لحل ازمة السير وبناء شبكة للنقل في مدينة بيروت الكبرى وربطها بجوارها فنكون جهزنا البنية الاساسية في التنقل الى بيروت وداخلها".
حرف المشروع عن مساره؟
وعن هواجس البعض من ان يذهب تمويل هذا المشروع الى مشاريع اخرى، يتحفظ نصر عن هذا الكلام ويؤكد ان "الأولوية يجب ان تكون لتنفيذ المشروع وعدم حرفه عن مساره الطبيعي. وقال "تواصلت جهات معينة في الحكومة السابقة مع البنك الدولي لحرف المشروع عن مساره الطبيعي لغايات واولويات اخرى، فصنف المشروع "ذات مخاطر"، الا انه بالسنبة لنا لا اولوية تعلو فوق تفعيل مشروع النقل العام والمشترك ونأمل اعادة استئناف العمل فيه قريبا".
وفي موضوع دعم السائقيين العموميين، اشار نصر الى انه تقدم بطرح موازٍ لموضوع دعم السائقيين العموميين وفق شروط وضوابط لكي يصل الى الفئات المستهدفة وتأمين خدمات النقل المشترك بشكل يصون حقوق الجميع آملا أخذه بعين الاعتبار من قبل الجهات المعنية. هذا وحذر نصر من احتمال تنفيذ المشاريع بعشوائية وان يكون الدعم موجه وهادف لتحقيق الغاية منه.
على مرأى من الحكومات المتعاقبة تدهور قطاع النقل العام في لبنان تدريجيًا بحيث لم يبذل اي جهود لتحسينه او تطويره. ومع تفاقم أزمة المحروقات بفعل الانهيار الاقتصادي في البلاد، تهديد جدي يطال القطاع. وقد تكون الازمة الحالية الفرصة الاخيرة المتاحة لتفعيل النقل المشترك في لبنان كونه يمثل خدمة اساسية وملحة لمعظم شرائح المجتمع.