بدا حاسماً الموقف الفرنسي من النزاع بين لبنان واسرائيل وعلى مسامع رئيس الوزراء الإسرائيلي، ياثير لابيد قال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون: "استقرار لبنان أمر محوري بالنسبة لفرنسا" داعياً إلى "تجنب أي عمل" من شأنه تهديد المفاوضات بين لبنان وإسرائيل حول الحدود البحرية والعمل على التوصل إلى اتفاق يسمح باستغلال الطاقة لصالح الشعبين.
تصريح ماكرون أعقب التصعيد في الموقف الاسرائيلي تجاه لبنان من بوابة حزب الله حين دعا لابيد الحكومة اللبنانية الى التدخل لـ"كبح جماح" حزب الله وإن لم تستطع هي فعل ذلك،فستضطر اسرائيل للقيام بذلك.
الرأي العام اللبناني لم يتلقف جدياً موقف الرئيس الفرنسي والمبادرة الفرنسية التي أطلقها سابقاً لم تحقق أهدافها.
تصريح جدي
"في منطق السياسات والعلاقات الدولية لا يمكننا استبعاد أي تصرف أو تهميش أي سلوك سواء كان تهديداً أو رد اعتبار أو حتى رسالة" يشرح المستشار والخبير القانوني في المفوضية الأوروبية والمنتدى الاقتصادي العالمي الدكتور محي الدين شحيمي في حديث لـ "جسور" ويؤكد بالتالي أن على لبنان "أخذ كلام الرئيس الفرنسي بعين الاعتبار خصوصاً أنه جاء وأوروبا منغمسة في الحرب الروسية في أوكرانيا والخطر يحدق بها على كل المستويات".
ثلاثة أسباب أعادت لبنان إلى دائرة الإهتمام الدولي، وفرضته كبلد محوري بالنسبة للمجتمع الدولي وفرنسا "بحسب الشحيمي : أولاً ، نضوج ملف ترسيم الحدود البحرية ورغبة المجتمع الدولي لإنهائه خصوصاً بعد الأزمة الروسية بسبب حاجة أوروبا تحديداً لموارد إضافية ورديفة للطاقة ".
ويراهن المجتمع الدولي ثانياً "على ملف الاستحقاق الرئاسي اللبناني" بحسب شحيمي "ويتقدم بذلك على ملف الحكومة وتشكيلها وتأليفها سيما بوجود حكومة تصرف الأعمال بالحد الأدنى، لأنه أصبح على قناعة تامة أن لا تغيير جدياً إلا بانطلاقة عهد جديد ما استدعى منه تحفيزاً لملف الاستحقاق الرئاسي والدعوة لانطلاق معركة الرئاسة وانتخاب رئيس ضمن المهلة الدستورية المنصوص عليها أي قبل شهرين من انتهاء ولاية الرئيس الحالي".
وحل ثالثاً "ملف الاصلاحات وترميم وإعادة الحياة إلى المؤسسات اللبنانية".
ماكرون لم يفشل
ويشدد شحيمي على أن تصريح الرئيس ماكرون ليس جديداً وهو يعمل على هذا الوتر منذ ثلاث سنوات" رافضاً اتهامه بالفشل في السابق لأن "الفشل تسببت به الدولة اللبنانية التي لم تكن على مستوى المسؤولية والإدراك من تطبيق مسودة الإصلاحات والاتفاقات والتفاهمات كما لم تكن على مستوى ثقة المجتمع الدولي".
ولفت إلى أن المبادرة الفرنسية "بدأت بدعوة من ماكرون إنما عند المباشرة بها كانت قد أصبحت دولية ومدعومة من أميركا بداية ولاحقاً من العالم العربي ودول مجلس الخليج العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية بعد أن حثها على ذلك الرئيس ماكرون شخصياً ضمن مسودة علاقات خاصة ترجمت بالشراكة السعودية الفرنسية لمساعدة لبنان على الصعيد الإنساني والصحي والخدماتي من دون التعاون مع الحكومة اللبنانية".
زيارة بايدن
من جهة أخرى، أوضح شحيمي أن رسائل التهديد من الجانب الإسرائيل ليست جديدة أيضاً "ويمكن وضعها ضمن إطار أدوات التفاوض خصوصاً وأنها تصدر ضمن المواقع الدولية التي تعمل بشكل حثيث على الملف اللبناني".
يربط شحميي الملف اللبناني بتشعباته، بالزيارة المرتقبة لرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة معلناً أنها تأتي " في ظل تخبط السياسة الأميركية الخارجية البايدنية وسقوطها في وحول التناقضات بعد سلسلة من الإخفاقات بدءاً من فشلها في ملف الاتفاق النووي والانسحاب من أفغانستان مروراً بإدارة الظهر للمملكة العربية السعودية ولدول مجلس التعاون الخليجي وصولاً إلى إفشال صفقة الغواصات الفرنسية" إضافة إلى شعور بايدن بأنه "مخطىء ودفعه الثمن سيأتي لصالح الدول العربية وفرنسا".
ولا يرى شحيمي أن المنطقة مفتوحة على احتمالات النزاع في المدى المنظور إلا إذا استثنائياً حصلت تنفيسة من بوابة مزارع شبعا.