في أحد أوائل أيام فصل الخريف في العاصمة الإيرانية طهران، أوقفت شرطة الأخلاق شابة تبلغ 22 عاما جاءت إلى العاصمة في زيارة عائلية، واقتادتها في شاحنة صغيرة إلى مركز الشرطة.
أطلق توقيف مهسا أميني في 13 سبتمبر\ ايلول سلسلة أحداث جعلت بعد شهر القيادة الدينية بزعامة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي (83 عاما) تواجه أحد أكبر التحديات منذ الثورة الإسلامية عام 1979، لكن نتيجتها النهائية لا تزال مجهولة.
اعتقال أميني محنة تعيشها سنويا مئات النساء اللائي يتهمن بخرق قواعد لباس المرأة الصارمة التي فرضتها الجمهورية الإسلامية بعيد سقوط نظام الشاه.
لكن بعد أقل من ساعتين من توقيفها ونقلها إلى مركز احتجاز فوزارا، دخلت أميني في غيبوبة. سرعان ما نُقلت إلى مستشفى كسرة حيث أعلنت وفاتها في 16 أيلول/سبتمبر. وتعتقد أسرتها ومحاموها أنها تعرضت لضربة قاتلة في الرأس أثناء توقيفها.
بدأت الاحتجاجات خارج المستشفى في 16 أيلول/سبتمبر بعيد إعلان وفاتها، وتحولت جنازتها في منزلها في محافظة كردستان في 17 أيلول/سبتمبر إلى تظاهرة احتجاجية سرعان ما امتدت إلى أنحاء البلاد.
بعد مرور شهر
وبعد مرور شهر، لا تزال القيادة الإيرانية تواجه حركة احتجاج هي الأكثر استمرارية وكسرا للمحظورات وتنوعا في تاريخ الجمهورية الإسلامية، فضلا عن أنها الحركة الأولى التي تقودها النساء.
يرى الباحث في منظمة "كارنيغي أوروبا" كورنيليوس أديباهر أن الاحتجاجات الحالية قد تمثل "بداية نهاية الجمهورية الإسلامية"، لكنها تحتاج في سبيل ذلك إلى الاستمرار وإيجاد هيكل قيادي من نوع ما.
ويضيف أن "تحقيق تغيير إيجابي يتطلب أكثر بكثير من مجرد احتجاجات الشوارع المستمرة والدعوات لفرض عقوبات".
وقال "مركز صوفان" ومقره الولايات المتحدة في دراسة بحثية "بدأت الانتفاضة كرد على القيود المفروضة على لباس المرأة وسلوكها في الأماكن العامة... لكنها تطورت إلى حملة لإطاحة النظام".
ويعتبر الأستاذ في كلية لندن للاقتصاد رهام الوندي أن "الوقت حان للتفكير في ما بعد الجمهورية الإسلامية"، مؤكدا أن "الإصلاح لم يعد ممكنا".