استفاق الفلسطنيون على مشهد اعتادوا عليه، فقوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت مجددا باحات المسجد الأقصى في القدس الشرقية عقب صلاة الفجر، وأطلقت قنابل الغاز والرصاص المطاطي لإخراج المصلين بالقوة من المسجد.
ولاحقا أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني عن سقوط جرحى في صفوف المصلين من جراء الهجوم الأخير على الأقصى، مشيراً في بيان إلى أنه قد "تم تقديم الإسعاف الأولي للمصابين ونقلهم للمستشفى"، في حين أشارت مصادر طبية الى أن زهاء 30 فلسطينيا اصيبوا بجروح خلال تجدد المواجهات في ساحات المسجد الاقصى بين العشرات من الشبان و القوات الاسرائيلية.
التصعيد سيد الموقف
وفي قراءة للتطورات الدراماتيكية المتسارعة وما يعانيه الفلسطنيون تحت أنظار العالم، يؤكد رئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية في جامعة القدس الدكتور أحمد رفيق عوض في حديث لـ"جسور" أن "فلسطين تمر بمرحلة حاسمة وأن الشعب الفلسطيني سيصعد عبر الانتفاضات التي ستتوسع رقعتها لتشمل البلاد كافة، والاصطدام مع سلطة الاحتلال الاسرائيلي التي تعاني اليوم من انقسام سياسي ومن عدم استقرار في نظامها كونها تتبع الخط اليميني المتطرف."
وفي الأسبوع الماضي، أصيب أكثر من مئتي شخص معظمهم من الفلسطينيين، بجروح اثر اشتباكات في الحرم القدسي ومحيطه.
كما سبق للقيادة السياسية والأمنية الإسرائيلية أن قامت بإغلاق المسجد الأقصى أمام اليهود حتى نهاية شهر رمضان. وقد وافقت المحكمة الإسرائيلية العليا على طلب شرطة الاحتلال السماح لـ4 آلاف مسيحي فقط بالوصول إلى كنيسة القيامة داخل البلدة القديمة بالقدس المحتلة لإحياء سبت النور.
تدخل أميركي
وعلى خط التسوية السياسية الخجولة بهدف خفض التصعيد في القدس، التقى وفد أميركي الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ومسؤولين فلسطينيين آخرين .وقال مسؤول فلسطيني كبير إن الرئيس عباس طالب واشنطن بالتدخل العاجل، محذرا من استمرار التصعيد الذي قد يدفع بالفلسطينيين لسحب الاعتراف بإسرائيل ووقف التنسيق معها، كما حمّل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن التصعيد وغياب الأفق السياسي. ووصف مسؤول فلسطيني كبير اللقاء بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس والوفد الأميركي بالصعب والصريح.
وفي السياق، يؤكد رئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية لـ"جسور" أن" وعود واشنطن لا تكفي بل يجب التحرك بجدية عبر الضغط على الحكومة الاسرائيلية من اجل التوصل الى تسوية حقيقية مع فلسطين بهدف وضع حد للأعمال الارهابية التي ترتكبها سلطة الاحتلال بحق شعبنا".
تقسيم الأقصى
وكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن سعي اسرائيل الى تقسيم المسجد الأقصى، بينما أكد المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي أوفير جندلمان أنه لا نية لدى الحكومة لتقسيم الأقصى، محملا جهات فلسطينية وصفها بـ"المتطرفة" المسؤولية عن أعمال الشغب التي وقعت أخيراً في الأقصى.
من جانبه، حمل وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس المسؤولية عن التصعيد لمن سماهم "الإرهابيين" الذين يلقون الحجارة، ويشعلون النيران في الحرم القدسي، ويلحقون الأذى بالمواطنين الذين يريدون إحياء شعائر رمضان.
هذا وأصدر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي تعليمات إلى قائد القيادة الجنوبية في الجيش بالاستعداد لأي تصعيد محتمل على الحدود مع قطاع غزة، واحتمال شن عملية عسكرية ضده في حال استمرار إطلاق الصواريخ تجاه البلدات والمستوطنات الإسرائيلية المحاذية للقطاع.
ويرفض رئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية تبريرات الحكومة الاسرائيلية، مشيرا الى أن "الاحتلال الاسرائيلي يسعى الى تقسيم المسجد الأقصى مكانيا وزمانيا.
التقسيم المكاني يمضي قدما اذ ثمة حفريات أسفل "الأقصى" للمساس بالتراث الموجود هناك.
أما زمنيا، فالاحتلال يريد اعطاء الاوقاف الاسرائيلية التابعة للأردن للشرطة والسماح لليهود ليس فقط بزيارة الأقصى بل بالصلاة داخله، ما يؤسس لسياسة جديدة تسعى اسرائيل الى فرضها بالقوة".
غضب فلسطني
وسط هذه الأجواء الملبدة نسبيا، دعت حركة حماس الشعب الفلسطيني إلى الاستنفار والحشد دفاعًا عن القدس والمسجد الأقصى، مؤكدة أن المعركة مع الاحتلال ما زالت مستمرة. وقال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية إنه كما أُلحقت الهزيمة بما تسمى "مسيرة الأعلام" سوف تُهزم سياسة الاقتحام، وأن المعركة ما زالت في بدايتها.
وفي هذا الأطار، أشار رئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية لـ"جسور" الى أن "اشتباكا قد يحصل بين اسرائيل وقطاع غزة في ظل تهديدات حركة حماس المتواصلة".
وعن توقيت هذه الاشتباكات، أوضح أن "الحكومة الاسرائيلية تعمل على استغلال الانقسام الفلسطيني والتطبيع مع اسرائيل بهدف اعلان الاقصى تابعا لليهود".