وسط إرباك لبناني رسمي لا بل غياب رسمي مفضوح، وصلت الناقلة الإيرانية الثالثة المحملة بالوقود إلى مرفأ بانياس في سوريا، وحمولتها هي في طريقها إلى لبنان. وأكدت خدمة "تانكر تراكرز" لتتبع حركة الناقلات، أن ناقلة النفط ستسلم حمولتها إلى "حزب الله" لتوزيعها فيما بعد.
تعليقاً على اعتبار رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، في وقت سابق، أن شحنات الوقود الإيرانية التي تدخل إلى البلاد "انتهاك لسيادة لبنان"، رأى الصحافي اللبناني علي حجازي، في حديث لـ"جسور"، أنه "هذا ما يحدث عندما تكون الدولة جبانة أمام الولايات المتحدة الأميركية، والخائف على انتهاك السيادة اللبنانية، يجب أن يخاف أيضاً على كرامة اللبنانيين الواقفين في طوابير الذل أمام المحطات".وقال: "الدولة لا تجرؤ على اتخاذ قرار يعطيها الحق بأن تكون على علم بوصول الناقلات الإيرانية، فبحسب المنطق، في بلد يعاني من شح في المحروقات، على الدولة أن تتحرك وتأتي بالوقود والمازوت بنفسها، والتخفيف عن اللبنانيين معاناتهم لا يُحزّن وليس انتهاكاً للسيادة، لكن ربما حزن البعض هو على الكارتيلات".
وعن التوتر الذي حدث في منطقة الشوف في جبل لبنان مساء الأربعاء بسبب المازوت الإيراني، قال حجازي: "حزب الله لم يرسل هذا المازوت للتجارة أو لبيعه في المحطات، بل لتأمين المياه إلى بيوت الناس، ولكن أتفهم الذين أحرقوا المازوت جيدا لأن معلمهم هو أحد أباطرة كارتيلات النفط، فأزعجه دخول منافس جديد بسعر مقبول على السوق الذي جنى منه مليارات الدولارات، وجماعته لن تحمي إلّا مصالحه، خصوصا وأنه أحد الشركاء الرئيسيين بكارتيل النفط وأحد محتكري المحروقات، فالاعتراض الذي حصل مرتبط بمصلحة الزعيم لا بمصلحة الناس، وللأسف هؤلاء الأشخاص لا يعلمون أن زعيمهم يجني المليارات أثناء وقوفهم بالطوابير، وقام بتهريب أمواله إلى الخارج، ولا يسأل عنهم إلّا عندما يريد أن يستخدمهم حطباً لنيران يريد إشعالها".
الدولة لا تريد المواجهة!
من جهته، اعتبر نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش، في حديث لـ"جسور"، أن "ما من شيء يؤكد أن هذه الناقلات الإيرانية تحمل الوقود، فعلى الأرجح هي تحمل النفط وهو بحاجة إلى تكرير، ويبدو أن الأمر كله دعاية لحزب الله".وقال: "بغض النظر عن مصدر هذه المحروقات، فما يحصل يعتبر خرقا للسيادة، ورئيس الحكومة وبعض المسؤولين يكررون هذا الكلام من دون أن يقوموا بأي إجراءات جدّية، في ظل سيطرة حزب الله على لبنان".
وأضاف: "البديل غير الموجود باليد هو التخلص من الاحتلال الإيراني الذي يفرضه حزب الله، لكن الدولة غير قادرة أو راغبة بالمواجهة، وحتى لو كان سعد الحريري رئيساً للحكومة، لا أعتقد أنه كان ليتمكن من فعل شيء ما لوحده، غير رفع النبرة أكثر، لأن الأمر الواقع هو وجود إحتلال يجب أخذ قرار جدّي بإزالته".
المازوت الإيراني يُعكّر الأجواء في الشوف
وكانت بلدة غريفة في قضاء الشوف شهدت، إشكالا بين أهالي القرية، وذلك بعد تسليم حزب التوحيد العربي برئاسة الوزير السابق وئام وهاب كمية من المازوت الإيراني إلى البلدة لتشغيل محطة المياه.وانتشر فيديو لشبان يحرقون كمية من هذا المازوت، تعبيرا عن رفضهم المازوت الإيراني المرسل بواسطة “حزب الله".
وأفادت مصادر إعلامية، بأن "الشبان ينتمون إلى الحزب التقدمي الإشتراكي، وقام شاب من حزب التوحيد العربي بإطلاق النار باتجاههم عندما كانوا يحرقون المازوت، ممّا هدَّد بحدوث إشكال كبير قد يتحوَّل إلى معركة، لولا تدخل العقلاء والجيش اللبناني الذي طوّق الإشكال. وبدأت الإتصالات عبر اللجنة المُشتركة بين حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي لتدارك تداعيات الإشكال، وانتهت بوعد الأخير بمحاسبة هؤلاء الشبان.
وتعليقا على هذا الإشكال، صدر عن أمانة الإعلام في حزب التوحيد العربي بيان جاء فيه انه "بعد أن تم تسليم كمية من المازوت لتشغيل محطة المياه في بلدة غريفة الشوف قام عدد من العناصر ليلا بحرق هذه الكمية الموجودة في الخزان التابع لمحطة المياه ومن دون وجود أحد، وقاموا بتصوير فيديو دعائي مما أدى إلى وقوع إشكال كاد يتطور لولا تدخل عقلاء البلدة".
وأعلنت أمانة الإعلام رفضها "رفضا قاطعا وقوع أي إشكال لأي سبب كان من أجل المازوت ولا من أجل غيره"، مشيرة إلى أنه "اذا كانت الناس لا تريد أخذ المازوت الإيراني فنحن نخضع لرأي الناس ونحن لسنا إلا وسيطا لتأمين حاجات القرى. وكنا نتمنى على أي شخص يرفض كميات المازوت أن يؤمنها بطرقه الخاصة لا أن تترك القرى من دون هذه المادة الحيوية".