في مستهل جولة شرق أوسطية وسط توتر دبلوماسي كبير، وصل الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى إسرائيل لبدء زيارة هي الأولى له منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة، تنطوي على رهانات كبيرة وتهدف إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي، وتعميق اندماج إسرائيل في المنطقة، ومواجهة النفوذ الإيراني والعملاقين الروسي والصيني، وقد يشعر فيها بايدن بتغيير التحالفات ويضطر للالتفاف حول مواضيع معينة. فما أبرز الملفات المطروحة؟
بعيد وصوله إلى تل أبيب تعهّد بايدن، بإعطاء دفع لعملية "اندماج" إسرائيل في المنطقة، في وقت شدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد على إعادة بناء "تحالف عالمي قوي" مع واشنطن ضد إيران. ومع زيارة بايدن الذي سيستقل أول رحلة جوية مباشرة من إسرائيل الى السعودية، ازدادت التكهنات بإمكان حصول تقارب بين إسرائيل والسعودية، وهي تكهنات استبعدها بعض المراقبين. وقد تعهد بايدن بأن بلاده والدولة العبرية "ستعززان علاقتهما على نحو أكبر"، في إشارة إلى شراكة تتعلق "بأنظمة الدفاع الأكثر تطورا". وقبيل وصول بايدن، صرح الرئيس الإيراني، ابراهيم رئيسي أن زيارة الرئيس الأميركي لن تحقق "الأمن" لإسرائيل.
ملفات شائكة
تعدّدت أسباب زيارة بايدن إلى المنطقة، من دعم إسرائيل، إلى إعادة النظر في الاستراتيجية الأميركية للمنطقة، وضرورة إنجاز تعهدات أميركية بالدفاع عن أمن المنطقة، إلى زيادة واردات الطاقة إلى السوق العالمية بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، وغيرها... وفي اتصال مع "جسور"، فصّل الصحافي اللبناني وجدي العريضي، الملفات التي من المتوقع أن تهيمن على زيارة بايدن لإسرائيل.
الملف الإيراني
قال العريضي: لا شك أن زيارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى إسرائيل في هذا التوقيت ولاحقا إلى المملكة العربية السعودية تحمل جملة من الأهداف وتأتي في لحظة إقليمية ودولية مفصليّة بامتياز في ظل الحروب والنزاعات التي تشهدها المنطقة. أما على صعيد عناوين البحث التي سيتطرق لها بايدن في تل أبيب، فسيركّز بحسب العريضي على العلاقة المتينة والتاريخية التي تربط أميركا بإسرائيل، ومن هذا المنطلق سيكون هناك بحث معمّق للعلاقة بين البلدين وصولا إلى المسألة الإيرانية في ظلّ تعثّر المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران، ومن هذه الزاوية فإن إسرائيل ستثير مسألة الخطر المحدق بها من خلال استمرار إيران بتخصيب اليورانيوم وعدم انصياعها إلى المجتمع الدولي وتدخلاتها في المنطقة، ما يعني أن الشأن الإيراني سيحضر بقوة خلال المباحثات الإسرائيلية - الأميركية.
الحرب الروسية - الأوكرانية
وفي السياق، يرى العريضي، أن واشنطن تولي أهمية كبرى للحرب الروسية - الأوكرانية التي ستتصدّر العنوان الأبرز خصوصا على المستوى الاقتصادي ربطا بالغاز والنفط وهي على أبواب المنطقة في ظل الترابط الجغرافي أكان على مستوى تركيا وإسرائيل وإيران أو حتى على مستوى أوروبي، لذلك يعتبر الغزو الروسي لأوكرانيا مادة أساسية وملفا شائكا وبارزا سيتم البحث فيه بشكل معمّق خلال لقاء بايدن بالمسؤولين الإسرائليين.
الملف الفلسطيني
إلى ذلك، يبيّن العريضي أنّ الملف الفلسطيني يبقى دائما على أجندة أي رئيس أميركي، لهذا من الطبيعي أن يتم مناقشته وعرضه بإسهاب بين الرئيس الأميركي والمسؤولين الإسرائليين في ظل تعثّر المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، إذ يقال بأن هناك إعادة إحياء هذه المفاوضات بعد محادثات سبق وحصلت بين القادة الإسرائيليين والرئيس الفلسطيني محمود عباس إلا أن اغتيال الإعلامية الفلسطينية، شيرين أبو عاقلة، وما حصل في غزة وسواها أعاد الأمور إلى المربّع الأول، من هنا قد يكون على أجندة بايدن حل لهذه المعضلة، وبالتالي سيحثّ على استمرار المفاوضات من جديد بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهذا ما سيبحثه بايدن مع المسؤولين الفلسطينيين وسط حرص أميركي على أن تكون هناك صيغة متقدمة للحل الفلسطيني - الإسرائيلي وهذا سيحتاج حتما لجهود جبارة لكنه أيضا ملف أساسي.
الدعم الأميركي لإسرائيل
ويبقى أخيرا، أن الرئيس الأميركي سيؤكد ويجدّد الدعم العسكري والسياسي لإسرائيل إضافة إلى الدعم في كافة الحقول والميادين، وهنا يوضح العريضي لـ "جسور" أنّ هذا يعدّ من الأمور الطبيعية خصوصا على أبواب الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي، باعتبار إذا فاز الرئيس الأميركي في هذا الإستحقاق سيكون مدخلا متقدما لتجديد الولاية الثانية له، لذلك سيؤكد بايدن على مواصلة واشنطن دعمها لـ "تل أبيب".
في المقابل، يقول العريضي إن زيارة الأخير إلى الرياض تعدّ مفصليّة بامتياز لجملة اعتبارات منها سياسي، إقليمي، دولي، عربي وخليجي، ويرى أن هناك تباينات اعترت هذه العلاقة السعودية – الأميركية التي تعتبر تاريخية بامتياز، التي لم يسبق لها أن شابتها أي شائبة إنما حصل فتور لكنه تبدّد بعد مقال للرئيس الأميركي في "الـ واشنطن بوست" أشاد فيه بايدن بالسعودية ومكانتها وعلاقتها التاريخية بواشنطن وصولا إلى شجاعة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وهذا ما ساهم بالتمهيد لهذه الزيارة على أن تكون ناجحة وإيجابية.
إيران وحزب الله
في المقابل، سلّط العريضي الضوء على ملفات كثيرة عربية وإقليمية ودولية سيتم التطرق إليها، منها الحرب في اليمن وتدخل إيران وحزب الله اللبناني في هذه الحرب فضلا عن تدخل طهران في الشؤون العربية والخليجية، مشيرا إلى أنّ هذا الخطر المحدق من إيران تجاه دول الخليج سيعُرض بشكل دقيق إلى جانب انعكاساته السلبية من خلال تدخلاته ودعمه لحزب الله أكان في سوريا أو العراق أو ايران.
وأكد العريضي في معرض حديثه، أنّ هذه العناوين ستكون ضمن أجندة بايدن، أضف إلى ذلك دلالة مشاركة الرئيس الأميركي في القمة الخليجية التي ستعقد في جدة بمشاركة تركيا ومصر والأردن، وهذه علامة فارقة تحصل للمرة الأولى، وقد تتخلل القمة كلمة مهمة لبايدن.
وعليه فإن زيارة الأخير للرياض تؤكد مرة جديدة على مكانة ودور المملكة العربية السعودية في المنطقة وعلى المستوى العربي والدولي وما بلغته من تقدم في كل المجالات والميادين، لذلك زيارة الرئيس الأميركي إلى السعودية لها أهمية كبرى خصوصا في هذه المرحلة، وثمة ترقبّ وانتظار لما ستؤول إليه النتائج ليبنى على الشيء مقتضاه وتحديدا بالنسبة إلى العناوين التي تخصّ المنطقة وحتى في الداخل اللبناني باعتبار أن هناك استحقاقات لبنانية مصيرية، ولبنان وفق المعطيات سيكون حاضرا خلال لقاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي، جو بايدن، لاسيما وأن بن سلمان عرض للملف اللبناني خلال جولته الأخيرة لكل من مصر والأردن، وكان البيان الذي رشح بعد لقائه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، تطرق إلى الشق الأمني وتحديدا تدخل حزب الله في الملفات اللبنانية والواقع اللبناني بكل مفاصله فضلا عن تدخله في الشؤون العربية الداخلية.