بعد الخسائر الفادحة والضربات التي تلقاها خلال الأعوام الماضية، يستمر تنظيم داعش الإرهابي، بالسعي إلى إعادة بناء قواعده. متبعاً في ذلك، استراتيجية جديدة لإعادة التموضع، تنطلق من النقاط الضعيفة التي تشهد ظروفاً خاصة وتشكل بيئة خصبة لهجماته الإرهابية.
وبعد مرور نحو عامين، على إعلان واشنطن تصفية زعيم "داعش"، أبو بكر البغدادي، إثر توجيه ضربات عدة للتنظيم، وطرده من أماكن سيطرته في سوريا والعراق، تتحدث معلومات استخباراتية أميركية، عن عودة خلايا التنظيم للعمل في مناطق جديدة.
فقد أعاد "دعاش" الإرهابي، تموضعه في مناطق أخرى في أفريقيا، حيث سيطر على مدن وتحالف مع حركات متطرفة صغيرة وضمها تحت لوائه.
أفريقيا مسرح جديد
وتعتبر قارة أفريقيا إحدى نقاط الانطلاق الرئيسة في استراتيجية التنظيم، وهو ما تبرزه عملياته والجماعات الموالية له في الفترة الأخيرة بالقارة السمراء.
وفي هذا الإطار، كشفت دراسة حديثة صادرة عن مؤسسة "ماعت للسلام والتنمية" بالقاهرة، عن أنه في عام 2020 شهدت القارة ما يزيد عن 525 حادثاً دموياً، عانت منه 27 دولة إفريقية، وأسفرت تلك الهجمات عن سقوط 7030 قتيلاً على الأقل.
ويأتي ذلك في الوقت الذي يسعى فيه التنظيم لانتهاز الفرص في المنطقة العربية أيضاً، لتنفيذ عمليات انتقامية تعيده للواجهة، حتى أن الإحصائيات كشفت عن مسؤولية التنظيم عن 46 عملية إرهابية، من إجمالي 169 عملية، شهدتها دول عربية في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري 2021، ليأتي في مقدمة التنظيمات التي نفذت هجمات إرهابية خلال تلك الفترة، تنافسه حركة الشباب الصومالية بـ 43 عملية.
هل انتهى التنظيم؟
انتهاء حلم "داعش" الدموي بإقامة دولة خلافته المنتظرة، لا يعني بالتأكيد انتهاء التنظيم، ولا التوقف عن إثارة التساؤلات حول مصير هذا الفصيل الإرهابي ومستقبله ومصير ما جناه من أموال.
وفي هذا الإطار، يؤكد خبراء أنّ التطورات الأمنية والنشاطات والعمليات الإرهابية التي يقوم بها عناصر في "داعش"، ولا سيما في العراق، تشير إلى أن التنظيم لم ينته بشكل كامل، بعد تحرير الأراضي والمناطق التي قد سيطر عليها منذ يونيو/ حزيران 2014، كما أن هناك خلايا متخفية في عدد من المناطق غير المأهولة والصحراوية وبشكل خاص في غربي البلاد وبالقرب من الحدود العراقية السورية.
وفي ظل الأوضاع الحالية من المستبعد أن يسيطر التنظيم على مناطق مأهولة، كما حصل في السابق في العراق، بسبب رفض البيئة المجتمعية له وخسارته الاقتصادية والعسكرية والبشرية في البلاد.
وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع الفرنسية، ارفيه غرانجان، قال في وقت سابق، إن المقاتلات الفرنسية تواصل تنفيذ مهماتها ضمن التحالف الدولي ضد داعش، لكنه حذر من أن لدى التنظيم القدرة على الظهور مجدداً في العراق، بدليل الهجمات التي يشنّها هناك، كاشفا عن أن مقاتلات رافال فرنسية تنفذ يومياً ضربات أو مهمات استخبارية ضد داعش في تلك المنطقة.
وعن منطقة الساحل الأفريقي، قال المتحدث إن فرنسا ستحتفظ بـ3000 جندي هناك لمواجهة الإرهاب، مضيفاً أن باريس تركز جهودها في الساحل عند الحدود بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
تمدد التنظيم
صحيح أن القوات الأمنية العراقية انتصرت على "داعش" عسكريا، وحررت المدن من قبضته، لكن العراق لم يقض على فكر التنظيم المتطرف كلياً. إذ إن التنظيمات المماثلة تنتشر وتتغلل بين أشخاص تضرروا من سياسات الحكومات، والأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يعاني منها جيل الشباب، وما نتج منها من حال يأس، دفعت بالكثير من منهم إلى التفكير بالانضمام للتنظيم، سعياً وراء مكاسب مالية، للهروب من الواقع المأسوي الذي يعيشونه في ظل غياب تام لأبسط مقومات الحياة الكريمة.
والثروات الطائلة التي يملكها "داعش" من خلال سرقة البنوك، والعملية الأخيرة في قضاء المقدادية، أكدت أن التنظيم لا يزال موجوداً، ومنذ أيام أعلنت الحكومة العراقية القبض على المسؤول المالي للتنظيم، كما تحتجز السلطات العراقية العديد من قياداته. إضافة إلى عدد كبير من القادة الذين تمّت تصفيتهم منذ فبراير/شباط الماضي. واستمرار التنظيم إلى اليوم، لم يكن ليتحقّق، لولا وجود دعم مالي كبير ولما استطاع التنظيم القيام بمثل تلك العمليات.
تهديد متصاعد
مخاوف كبيرة سادت في الشارع العراقي، من عودة البلاد إلى الواقع المأسوي السابق، بعد العملية الأخيرة التي نفذها تنظيم "داعش" في محافظة ديالى، وتحديدا في قرية الرشاد، الواقعة بقضاء المقدادية.
كما شهدت أوغندا، قبل أيام تفجيرين في أقل من 24 ساعة، سبقهما تفجير ثالث مطلع الشهر الجاري، تبنى اثنين منهما تنظيم داعش، فيما وجهت السلطة أصابع الاتهام في الثالث إلى حركة موالية له.
إضافة إلى مقتل عضو البرلمان البريطاني، ديفيد أميس، في عملية طعن على يد أحد الأفراد الموالين للتنظيم، منتصف الشهر الجاري، أعاد الحديث عن خطر جديد يشكله داعش الإرهابي.
وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، حذّرت في وقت سابق، من أن تنظيم داعش في أفغانستان قد يصبح قادراً على تنفيذ هجمات خارج البلاد، خلال فترة من 6 إلى 12 شهرا.
وبناء على ما تقدم، أكدت واشنطن أن داعش لا يزال يمثل تهديدا كبيرا، ومن الأهمية الإستمرار في الضغط على فلوله في العراق وسوريا، وتعزيز الجهود الجماعية لهزيمة فروعه وشبكاته في جميع أنحاء العالم، التي ركز عليها اهتمامه بشكل متزايد منذ سقوط خلافته المزعومة.
السودان خاصرة رخوة
وكما في العراق، كذلك في سوريا ومصر، والسودان الذي يُبدي داعش اهتماماً متزايداً نحوه، عقب سقوط نظام البشير، حيث أكد أبوبكر البغدادي، أمير التنظيم السابق، في أبريل/ نيسان 2019، أن الخرطوم ستكون ساحة معركة مستقبلية.
ونقلت بعض التقارير، عن مؤسسة الوفاء الموالية للتنظيم، رسالة وجهها "داعش" بعنوان "نداء إلى أهل السودان من الداخل منها وإليها". دعى التنظيم فيها أنصاره، إلى اغتنام الفرصة لإقامة الدولة الإسلامية، حيث يعمل التنظيم على إقامة ما أسماه "إمارة الحبشة"، التي تضم السودان ودول شرق أفريقيا.
وكان أشار تقرير الخارجية الأمريكية عام 2019، إلى وجود التنظيم في السودان وحذّر من تمدُّد نشاطه.
وبعد مرور نحو عامين، على إعلان واشنطن تصفية زعيم "داعش"، أبو بكر البغدادي، إثر توجيه ضربات عدة للتنظيم، وطرده من أماكن سيطرته في سوريا والعراق، تتحدث معلومات استخباراتية أميركية، عن عودة خلايا التنظيم للعمل في مناطق جديدة.
فقد أعاد "دعاش" الإرهابي، تموضعه في مناطق أخرى في أفريقيا، حيث سيطر على مدن وتحالف مع حركات متطرفة صغيرة وضمها تحت لوائه.
أفريقيا مسرح جديد
وتعتبر قارة أفريقيا إحدى نقاط الانطلاق الرئيسة في استراتيجية التنظيم، وهو ما تبرزه عملياته والجماعات الموالية له في الفترة الأخيرة بالقارة السمراء.
وفي هذا الإطار، كشفت دراسة حديثة صادرة عن مؤسسة "ماعت للسلام والتنمية" بالقاهرة، عن أنه في عام 2020 شهدت القارة ما يزيد عن 525 حادثاً دموياً، عانت منه 27 دولة إفريقية، وأسفرت تلك الهجمات عن سقوط 7030 قتيلاً على الأقل.
ويأتي ذلك في الوقت الذي يسعى فيه التنظيم لانتهاز الفرص في المنطقة العربية أيضاً، لتنفيذ عمليات انتقامية تعيده للواجهة، حتى أن الإحصائيات كشفت عن مسؤولية التنظيم عن 46 عملية إرهابية، من إجمالي 169 عملية، شهدتها دول عربية في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري 2021، ليأتي في مقدمة التنظيمات التي نفذت هجمات إرهابية خلال تلك الفترة، تنافسه حركة الشباب الصومالية بـ 43 عملية.
هل انتهى التنظيم؟
انتهاء حلم "داعش" الدموي بإقامة دولة خلافته المنتظرة، لا يعني بالتأكيد انتهاء التنظيم، ولا التوقف عن إثارة التساؤلات حول مصير هذا الفصيل الإرهابي ومستقبله ومصير ما جناه من أموال.
وفي هذا الإطار، يؤكد خبراء أنّ التطورات الأمنية والنشاطات والعمليات الإرهابية التي يقوم بها عناصر في "داعش"، ولا سيما في العراق، تشير إلى أن التنظيم لم ينته بشكل كامل، بعد تحرير الأراضي والمناطق التي قد سيطر عليها منذ يونيو/ حزيران 2014، كما أن هناك خلايا متخفية في عدد من المناطق غير المأهولة والصحراوية وبشكل خاص في غربي البلاد وبالقرب من الحدود العراقية السورية.
وفي ظل الأوضاع الحالية من المستبعد أن يسيطر التنظيم على مناطق مأهولة، كما حصل في السابق في العراق، بسبب رفض البيئة المجتمعية له وخسارته الاقتصادية والعسكرية والبشرية في البلاد.
وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع الفرنسية، ارفيه غرانجان، قال في وقت سابق، إن المقاتلات الفرنسية تواصل تنفيذ مهماتها ضمن التحالف الدولي ضد داعش، لكنه حذر من أن لدى التنظيم القدرة على الظهور مجدداً في العراق، بدليل الهجمات التي يشنّها هناك، كاشفا عن أن مقاتلات رافال فرنسية تنفذ يومياً ضربات أو مهمات استخبارية ضد داعش في تلك المنطقة.
وعن منطقة الساحل الأفريقي، قال المتحدث إن فرنسا ستحتفظ بـ3000 جندي هناك لمواجهة الإرهاب، مضيفاً أن باريس تركز جهودها في الساحل عند الحدود بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
تمدد التنظيم
صحيح أن القوات الأمنية العراقية انتصرت على "داعش" عسكريا، وحررت المدن من قبضته، لكن العراق لم يقض على فكر التنظيم المتطرف كلياً. إذ إن التنظيمات المماثلة تنتشر وتتغلل بين أشخاص تضرروا من سياسات الحكومات، والأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يعاني منها جيل الشباب، وما نتج منها من حال يأس، دفعت بالكثير من منهم إلى التفكير بالانضمام للتنظيم، سعياً وراء مكاسب مالية، للهروب من الواقع المأسوي الذي يعيشونه في ظل غياب تام لأبسط مقومات الحياة الكريمة.
والثروات الطائلة التي يملكها "داعش" من خلال سرقة البنوك، والعملية الأخيرة في قضاء المقدادية، أكدت أن التنظيم لا يزال موجوداً، ومنذ أيام أعلنت الحكومة العراقية القبض على المسؤول المالي للتنظيم، كما تحتجز السلطات العراقية العديد من قياداته. إضافة إلى عدد كبير من القادة الذين تمّت تصفيتهم منذ فبراير/شباط الماضي. واستمرار التنظيم إلى اليوم، لم يكن ليتحقّق، لولا وجود دعم مالي كبير ولما استطاع التنظيم القيام بمثل تلك العمليات.
تهديد متصاعد
مخاوف كبيرة سادت في الشارع العراقي، من عودة البلاد إلى الواقع المأسوي السابق، بعد العملية الأخيرة التي نفذها تنظيم "داعش" في محافظة ديالى، وتحديدا في قرية الرشاد، الواقعة بقضاء المقدادية.
كما شهدت أوغندا، قبل أيام تفجيرين في أقل من 24 ساعة، سبقهما تفجير ثالث مطلع الشهر الجاري، تبنى اثنين منهما تنظيم داعش، فيما وجهت السلطة أصابع الاتهام في الثالث إلى حركة موالية له.
إضافة إلى مقتل عضو البرلمان البريطاني، ديفيد أميس، في عملية طعن على يد أحد الأفراد الموالين للتنظيم، منتصف الشهر الجاري، أعاد الحديث عن خطر جديد يشكله داعش الإرهابي.
وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، حذّرت في وقت سابق، من أن تنظيم داعش في أفغانستان قد يصبح قادراً على تنفيذ هجمات خارج البلاد، خلال فترة من 6 إلى 12 شهرا.
وبناء على ما تقدم، أكدت واشنطن أن داعش لا يزال يمثل تهديدا كبيرا، ومن الأهمية الإستمرار في الضغط على فلوله في العراق وسوريا، وتعزيز الجهود الجماعية لهزيمة فروعه وشبكاته في جميع أنحاء العالم، التي ركز عليها اهتمامه بشكل متزايد منذ سقوط خلافته المزعومة.
السودان خاصرة رخوة
وكما في العراق، كذلك في سوريا ومصر، والسودان الذي يُبدي داعش اهتماماً متزايداً نحوه، عقب سقوط نظام البشير، حيث أكد أبوبكر البغدادي، أمير التنظيم السابق، في أبريل/ نيسان 2019، أن الخرطوم ستكون ساحة معركة مستقبلية.
ونقلت بعض التقارير، عن مؤسسة الوفاء الموالية للتنظيم، رسالة وجهها "داعش" بعنوان "نداء إلى أهل السودان من الداخل منها وإليها". دعى التنظيم فيها أنصاره، إلى اغتنام الفرصة لإقامة الدولة الإسلامية، حيث يعمل التنظيم على إقامة ما أسماه "إمارة الحبشة"، التي تضم السودان ودول شرق أفريقيا.
وكان أشار تقرير الخارجية الأمريكية عام 2019، إلى وجود التنظيم في السودان وحذّر من تمدُّد نشاطه.