يصعب توقع توقيت نشوب حرب جديدة بين ارمينيا واذربيجان، فالشرارة جاهزة للاشتعال. وآخرها مقتل جندي آذري. الا ان تغير موازين القوى وتبدل خريطة التحالفات في المنطقة يلعب دوراً هاماً في التوقيت والاهداف.
فبين أرمينيا وأذربيجان صراع سنوات لا يلبث ان يهدأ، الا وتظهر تطورات جديدة تثير المخاوف من تجدد النزاع.
توتر في قره باغ
وتزامنًا مع لقاء وزير خارجية أذربيجان وأرمينيا في مينسك في روسيا، حيث بدأ البلدان باجراء محادثات لمحاولة تهدئة العلاقات بينهما، أعلنت وزارة الدفاع الأذربيجانية، مقتل جندي بنيران أرمينية في إقليم ناغورني قره باغ، برصاص قناص أرمني تابع لجماعات "أرمنية مسلحة غير شرعية" على الأراضي الأذربيجانية.
ووصفت وزارة الدفاع الأذربيجانية العمل بـ"الاستفزاز عمداً"، قائلة: "هذه القضية هي دليل آخر على سياسة أرمينيا المتمثلة في تعمد تصعيد الوضع في المنطقة".
واعتبرت اذربيجان ان العمل "الإرهابي" بحسب وصفها، وقع على خلفية اجتماع بين وزيري خارجية أرمينيا وأذربيجان بوساطة روسية.
وفي السياق، أعلنت يريفان أن ستة جنود أرمينيين جُرحوا بنيران القوات الأذربيجانية في منطقة ناغورني قره باغ. وقال المندوب الأرميني لحقوق الإنسان "وجود القوات المسلحة الأذربيجانية بالقرب من التجمعات الأرمينية يشكل تهديدا خطرا لأمن وسلام السكان وانتهاكاً لحقهم في الحياة".
ارمينيا واذربيجان امام القضاء الدولي
شهدت الاشهر الاخيرة حوادث اطلاق نار حدودية متفرقة دفعت الأمم المتحدة للتعبير عن قلقها المتزايد من التوتر المتصاعد للأوضاع على الحدود بين أذربيجان وأرمينيا، داعية كلا الطرفين إلى إبداء ضبط النفس.
وفي 27 سبتمبر/أيلول 2020، اندلعت حرب بين الدولتين المجاورتين في القوقاز للسيطرة على اقليم ناغورني قره باغ الذي يقطنه أرمن، ما أسفر عن مقتل نحو 6500 شخص.
وانتهت الأعمال الحربية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، باتفاق لوقف إطلاق النار بوساطة روسية، وتنازل يريفان لباكو عن مساحات شاسعة من الأراضي التي سيطرت عليها لعقود.
واعتبر الارمينيّون ان هذا الاتفاق "مذلة وطنية"،
وأثارت احتجاجات في الشوارع ضد رئيس الوزراء نيكول باشينيان.
ويتواجه كل من ارمينيا واذربيجان أمام القضاء الدولي على خلفية شكاوى قدمها الطرفين أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، وتبادلا فيها الاتهامات بالتمييز العنصري.
تصعيد ايراني
ويتخوف متابعون من تحول التوترات التي وسمت العلاقات بين إيران وأذربيجان، خلال الأسابيع القليلة الماضية، إلى نزاع عسكري بين البلدين.
في حين أن التوترات الحالية اقتصرت فقط، على المشادات الكلامية وتدريبات عسكرية على طول الحدود، الا ان البعض يتخوف من تصاعد حدة التوتر وتحوله الى نزاع عسكري.
وأجرت طهران تدريبات عسكرية واسعة النطاق على طول حدودها مع جارتها القوقازية بداية أكتوبر/تشرين الاول الجاري، وسط مزاعم إيرانية بأن الجيش الإسرائيلي منتشر على الأراضي الأذربيجانية.
وفي خلفية الاشكال بين ايران واذربيجان، ايقنت طهران في الحرب الاخيرة التي دارت بين ارمينيا واذربيجان، ان موازين القوى لم تعد لصالح حليفتها التقليدية أرمينيا.
كما وان انتصار أذربيجان سيكون له تداعيات على حدودها، لذلك كان خيارها التعامل بحذر مع التمدد التركي - الاذربيجاني في المجال الحيوي المشترك بينها وبين روسيا.
واعلنت طهران مراراً رفضها اي تغيير في المناطق الحدودية مع دول الجوار. اذ اعتبرت أن أذربيجان، وبمساعدة من تركيا، تحاول أن تحتل الحدود الأرمينية مع إيران لتفتح ممراً بينها وبين تركيا. ويشكّل هذا الاجراء عملياً، قطعاً للاتصال البري بين ايران وارمينيا الذي يعد أحد الطرق الرئيسية لها للتجارة مع أوروبا.