بعدما كانت محافظة البصرة بعيدة كل البُعد عن الهجمات الإرهابية، ها هي تقع تحت خطر زعزعة الاستقرار بسبب الانشغال بالمناكفات والتجاذبات السياسية التي لحقت بنتائج الانتخابات الاخيرة.
فجأة ومن دون سابق إنذار، عادت الخروقات الامنية لتفتح بابا واسعا من التساؤلات مشكّلة تهديداً فعلياً لأمن وإستقرار البصرة الغنية بالنفط والمنفذ البحري الوحيد للعراق، في وقت يكثر الحديث داخل الكواليس السياسية عن أن الأحداث الأمنية التي تشهدها بلاد الرافدين في الفترة الأخيرة ترتبط بشكل أساس بالتوترات السياسية وسط تحذيرات من جرّ العراق إلى دائرة الخطر مع سعي بعض الأطراف وراء مقاعد برلمانية.
بصمات سياسية!
وفي هذا السياق، يقول مصدر أمني رفيع في حديث لـ"جسور" إن" عودة داعش للعراق أمر مستبعد، وكل ما يجري اليوم يرتبط بشكل مباشر بالسياسة".
ويضيف المصدر:" رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي اكد انه لن يسمح باستهداف الضباط ما يؤكد ان الدراجة النارية المفخخة كانت تستهدف أحد المحققين بجرائم فرقة الموت المتهمة باغتيال ناشطين ومتظاهرين في المحافظة".
المقاربة الامنية تتلاقى والقراءة السياسية حيث أكد الكاتب والمحلل السياسي علي البيدر في اتصال مع "جسور" ان "ما حصل يوضع في خانة العمل السياسي من أجل الضغط على صناعة القرار وخصوصا الامني في البلاد وبغية الحصول على امتيازات سياسية وأمنية".
وبحسب البيدر فإن "تنظيم داعش لا يستطيع الوصول الى البصرة كما انه يتلقى ضربات موجعة من قبل القوات الامنية العراقية والتحالف الدولي لمحاربة التنظيم" في المقابل، "هناك اطراف سياسية تعمل للضغط على الحكومة والكتل السياسة الاخرى من اجل الحصول على مواقع مراكز القرار لذلك سنشهد على أعمال مماثلة في مناطق كثيرة من البلاد".
أما الكاتب والباحث الكردي العراقي هيوا عثمان، فاعتبر بدوره في حديث لـ"جسور"، أن ما نراه اليوم ليس من صنع الذئاب المنفردة، بل هجمات منسّقة إلى حد كبير وترتيبها يؤكد وقوف طرف سياسي وراءها.
عودة سيناريو الإرهاب
وعن عودة سيناريو الإرهاب، تحدّث المستشار في المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية الدكتور الناصر دريد، في حديث لـ "جسور" لافتا إلى أنّ ما حدث في البصرة كان مفاجأة، لأنها بعيدة جغرافيا عن المناطق التي ينشط فيها تنظيم داعش الإرهابي ووصوله إليها يفضح خلل كبير داخل الأجهزة الأمينة، وهذا بطبيعة الحال أدى إلى تمدد التنظيم لأقصى نقاط جنوب العراق من دون أي رادع لتقوم خلاياه بتفجير إرهابي في المحافظة.
بصمات داعش
كما يرى الباحث في الشأن السياسي والإقتصادي، نبيل جبار العلي، في اتصال مع "جسور"، أن التفجير الإرهابي يحمل بصمات التنظيمات الإرهابية وعلى رأسهم تنظيم داعش الذي بدأ ينمو ويتمدّد وينشط خلال السنوات الماضية.
وكان قد سقط 4 أشخاص على الأقلّ وأُصيب 4 آخرون بجروح في انفجار دراجة نارية مفخخة قرب مستشفى في وسط البصرة ولم تتبنَ أي جهة حتى الساعة التفجير.