تدخل سياسي خطير في الجهاز القضائي والشؤون القضائية، وقيود خطيرة على حرية التعبير والإعلام، بما في ذلك العنف والتهديد بالعنف أو الاعتقالات أو الملاحقات القضائية غير المبررة ضد الصحافيين، والرقابة... هذا ما أعلنه تقرير حقوق الإنسان الأميركي عن لبنان، واصفا المعلومات بالموثوقة.
التقرير لفت أيضا الى وجود قوانين تجرم التشهير، وقيود خطيرة على حرية الإنترنت، والإعادة القسرية للاجئين إلى بلد يواجهون فيه تهديداً لحياتهم أو حريتهم.
وحذر التقرير من وجود فساد رسمي خطير رفيع المستوى وواسع النطاق، ومن خطورة استخدام قوانين تجرّم السلوك الجنسي المثلي بالتراضي بين البالغين، وجرائم تنطوي على العنف أو التهديد بالعنف.
في هذا الاطار، أكد مدعي عام التمييز السابق القاضي حاتم ماضي في حديث لـ"جسور" أن التدخل السياسي في عمل السلطة القضائية أصبح واضحا، وأنه تدخل غير مسبوق. وأضاف أن أحزابا محلية لا تنتمي إلى جهة سياسية معينة تتدخل أيضا في السلطة القضائية.
وأوضح ماضي أن أشكال التدخلات تتراوح بين التهديد المبطن للقاضي المعني أو لعائلته وصولا إلى التهديد المباشر، وأن موضوع التهديد يختلف باختلاف الجهة الصادر عنها والجهة الموجه إليها .
لكن الخطورة تكمن في عدم وصول التحقيقات إلى معرفة هوية مرتكبي الجرائم وان كانت ظروف الجريمة وما يحيط بها من وقائع مادية تدل على
الجهة الفاعلة.
حماية القضاء
نظرا للصعوبات التي تواجه القضاء، شدد ماضي على ضرورة سن القوانين المناسبة من أجل تحصين سلطة القضاء وتوفير أكبر قدر من الحماية الجسدية والنفسية للقاضي بهدف ازالة كل الضغوط عنه أثناء ممارسته مهامه.
بدوره، أكد الرئيس السابق لمجلس القضاء الأعلى ولمجلس شورى الدولة في لبنان القاضي غالب غانم في حديث لـ"جسور" أن التدخلات السياسية تزداد يوما بعد يوم، وأن الشعب اللبناني يطرح علامات استفهام حول استقلالية القضاء في ظل التدخلات المختلفة التي تسعى الى تحقيق مصالح وأهداف شخصية.
وأضاف غانم أنه لا يزال عدد كبير من القضاة يقاوم التدخلات السياسية، لكن المقاومة من طرف واحد أصبحت مهددة بالخرق وتشكل خطرا على السلطة القضائية.
الإفلات من العقاب
ويذكر تقرير حقوق الإنسان الأميركي أن المسؤولين الحكوميين في لبنان تمتعوا بقدر من الإفلات من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان، ويشمل ذلك التهرب من العمليات القضائية أو التأثير عليها.
كذلك أشار إلى وجود تقارير من جماعات حقوق الإنسان تؤكد أن الحكومة أو وكلاءها ارتكبوا جريمة قتل تعسفية أو غير قانونية.
وهنا اعتبر القاضي السابق والنائب جورج عقيص أن واشنطن قصدت بـ"الافلات من العقاب" كل شخص لم يحضر الاستدعاء في قضية انفجار مرفأ بيروت.
وقائع ملموسة
وأشار عقيص في حديث لـ"جسور" الى أن بيان الولايات المتحدة يستند الى وقائع ملموسة وأن القضاء اللبناني لا يتمتع بأي استقلالية بل على العكس تماما لأن قضاة عدة يتجاوزون الصلاحية المكانية على سبيل المثال ويتعدون على الصلاحية النوعية.
وأضاف عقيص أن رد قانون استقلالية القضاء الى اللجان النيابية لاعادة درسه بحجة ان وزارة العدل لم تبدِ ملاحظاتها، يعتبر جريمة دستورية ونسفا للقانون.
حزب الله
وتابع التقرير أن كيانات غير حكومية مثل حزب الله وجماعات فلسطينية غير حكومية تدير مرافق احتجاز غير رسمية، وأن لبنان يشهد حالات قتل لمنتقدين بارزين لحزب الله، واشتباكات بين عناصر الحزب وأفراد من القبائل.
وهنا اعتبر عقيص أن واشنطن تقصد لقمان سليم بـ"قتل لمنتقدين" وأنها تستهدف حزب الله لأنه دويلة داخل الدولة اللبنانية.
وكانت نائبة وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية أشارت الى أن الشعب اللبناني يستحق الأفضل والشفافية في السلطة القضائية.
ورأت أن ما تعرضه إيران من دعم للبنان في مجال الطاقة فرقعة إعلامية، مشيرة الى "اننا أكدنا أهمية وجود قضاء لبناني مستقل واللبنانيون لا يستحقون هذا العنف غير المقبول".
هذا وفي وقت سابق، دعت واشنطن السلطات اللبنانية إلى تسريع التحقيقات حول انفجار مرفأ بيروت. واكد المتحدث باسم الخارجية الأميركية ان واشنطن تدعم استقلال القضاء اللبناني وتدعو سلطات البلاد إلى تسريع وتيرة التحقيقات حول انفجار مرفأ بيروت.