عشية ذكرى احتجاجات نوفمبر/تشرين الثاني 2019، المشهد يعيد نفسه مع قطع السلطات الايرانية الإنترنت عن مناطق إيرانية عدّة. وهذه الاحتجاجات كانت قد بدأت في الأحواز مساء الخامس عشر من نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2019 قبل أن تمتدّ إلى أكثر من خمسين مدينة وذلك في أعقاب إعلان الحكومة زيادة سعر البنزين بنسبة 300٪
وقطعت السلطات الايرانية الإنترنت خلال هذه الاحتجاجات وفرضت تعتيما شديداً على أخبار القمع التي تعرض له المحتجون باستخدام قوات الأمن والحرس الثوري الإيراني عنفاً غير مسبوق ، حيث قتلت ما لا يقل عن 1500 متظاهر بينهم نساء وأطفال، وجرحت واعتقلت السلطات الآلاف من المتظاهرين في غضون أسبوع وفقاً لمنظمات حقوقية. فهل تمّ توثيق الجرائم؟
توثيق الجرائم
محمد مجيد الأحوازي، صحفي إيراني، أكّد في حديث خاص لـ "جسور" أن "شبكات التواصل الإجتماعي في إيران خاصة التلغرام والانستغرام والواتساب كانت تلعب دورًا كبيرًا في تغطية احتجاجات 2019 والتي عرفت بين الإيرانيين باحتجاجات نوفمبر/تشرين الثاني"، مشيراً الى أن"وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت أيضاً في توثيق الجرائم الوحشية لقمع هذه الاحتجاجات من قبل الأجهزة الإيرانية خاصة قوات الحرس الثوري الايراني وقوات الباسيج التابعة للحرس الثوري وجهاز المخابرات الايراني والقوات الخاصة التابعة للشرطة الايرانية، مما أدّى إلى كشف حجم القمع المفرط الذي يتعرض له المتظاهرين في عموم إيران لا سيما في المناطق العربية باعتراف المنظمات الحقوقية الايرانية،"لذلك ساهم قطع شبكة الانترنت بقمع الاحتجاجات من دون تغطية مباشرة ولكن تم توثيق الجرائم التي ارتكبت من قبل الأجهزة الامنية الايرانية ونشرت لاحقًا."
الهدف من قطع الانترنت
كما أوضح الأحوازي ان "قطع شبكة الانترنت بشكل كامل في عموم إيران كان يهدف لإستخدام الأسلحة الثقيلة واستخدام القوة على نطاق واسع لإنهاء الاحتجاجات التي وصفت بأنها أكبر حركة احتجاجية تشهدها ايران منذ عام 1979.
ووفقاً للصور ومقاطع الفيديو التي وثقت هذا القمع المفرط ، استخدمت الأجهزة الامنية الايرانية الدبابات بمدينة معشور في الأحواز العربية واستخدمت القناصة والحوامات العسكرية " الهليكوبتر " في شيراز وطهران واصفهان وكان ذلك صادمًا للشعب الايراني."
ارتكابات الأجهزة
وأشار الصحفي الايراني الى أن "دوائر صنع القرار في إيران كانت تتخوّف من تغطية وسائل الاعلام العالمية لقمع هذه الاحتجاجات من قبل الاجهزة الامنية الايرانية حيث ظهرت الصور ومقاطع الفيديو لقتلى وجرحى الاحتجاجات بشاعة وفظاعة الأجهزة الامنية الايرانية في تعاملها مع حراك الشعب الايراني لذلك كان السبيل الوحيد للقضاء على هذه الاحتجاجات هو قطع شبكة الانترنت بالكامل عن الداخل الايراني، لأن في احتجاجات نوفمبر/تشرين الثاني كانت هناك تغطية واسعة ومباشرة من قبل العديد من وسائل الاعلام لما يحدث في داخل ايران ."
محكمة غير رسمية
وقال الأحوازي "في ذكرى احتجاجات نوفمبر/تشرين الثاني 2019 تفاعل الشارع الايراني مع هذه الاحتجاجات إعلاميا وسياسيا وحقوقيا، حيث شكّلت محكمة غير رسمية من قبل المنظمات الحقوقية الدولية لمحاكمة المسؤولين الايرانيين المشاركين في قمع الاحتجاجات في لندن، مؤكداً أن "جلسات المحكمة، التي اعترضت عليها الخارجية الايرانية وهدّدت في تعليق المباحثات النووية بسببها، لا تزال مستمرة بكشف الجرائم التي ارتكبت في احتجاجات نوفمبر/تشرين الثاني 2019 والشخصيات الرسمية الايرانية المشاركة في هذه الجرائم في لندن ."
وستبدأ المحكمة بالتحقيق في الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت من قبل المسؤولين الإيرانيين، وعلى رأسهم علي خامنئي المرشد الأعلى ، وإبراهيم رئيسي رئيس الجمهورية، بتهمة إصدارهم الأوامر بالقتل والقمع الدموي والعنيف ضد المحتجين الإيرانيين.
وشكلت المحكمة بدعوى من ثلاث منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان وهي "العدالة من أجل إيران" ومقرها لندن، و"منظمة حقوق الإنسان الإيرانية" في أوسلو، ومنظمة "معا ضد الإعدام" الدولية في فرنسا، وذلك استجابةً لطلب أهالي الضحايا.