بعد عدة أيام على إطلاق تركيا للعمليات العسكرية الجوية "مخلب السيف" ضد مواقع للأكراد في شمال العراق وشمال شرقي سوريا، أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن حماية حدود بلاده تستوجب شن عملية للقوات البرية هناك في الوقت الملائم.
تهديدات إردوغان، قوبلت بتحذير روسي من تداعيات أي عملية برية على الوضع الأمني في المنطقة مع تأكيد موسكو تفهمها لمخاوف تركيا بعد ما شهدته أخيراً من تفجير طال اسطنبول في 13 نوفمبر/تشرين الثاني وأسفر عن مقتل ستة أشخاص وإصابة 81 بجروح جراء زرع قنبلة ناسفة في شارع تقسيم. ووجهت أنقرة اتهامات لحزب العمال الكردستاني وقوات سوريا الديمقراطية بالمسؤولية، رغم نفيهما.
عملية دقيقة
ووسط المخاوف من امتداد شرارة العمليات العسكرية إلى أكثر من اتجاه في ظل وجود للقواعد الروسية والأميركية في المنطقة، تواصلت "جسور" مع المحلل السياسي العراقي الملمّ بالشأن التركي دكتور الناصر الدريد لمعرفة مدى جدية تهديدات اردوغان حيث أكد أنه "من الصعب الجزم بأنه سينفذ تهديداته" معتبراً أن "العملية البرية في غاية الدقة، فوائدها وخسائرها متساوية تقريباً باعتبار أن الوجود الكردي في سوريا محمي بتوازنات من الجانبين الأميركي والروسي".
وإذ أكد أن شخصية الرئيس التركي تميل إلى الهجوم وتحدي الأزمات" أعلن الدريد في المقابل أن الأخير يواجه معضلة تمنعه من اتخاذ قرار نهائي بالهجوم البري "داخلياً، اردوغان مطالب بالعمل العسكري القوي من قبل الشعب والمعارضة غير أنه لا يحظى بأي تأييد على المستويين الدولي والإقليمي في هذه العملية باستثناء التأييد الإيراني" حيث لفت الى أنه "الطرف الوحيد الذي سيكون على تنسيق شبه متكامل مع تركيا لأنه يملك أجندات في العراق وليس في سوريا تتطابق مع الرؤية التركية في هذه المرحلة".
سيناريوهان أمام اردوغان
الضغط الداخلي والتعقيد الخارجي يضعان أردوغان أمام سيناريوهين لا ثالث لهما كما أوضح الدريد "الأول ينقذه من الإصطدام المباشر مع الأميركيين على وجه الخصوص والثاني قد يؤدي إلى تصعيد خطير" كاشفاً عن تهديد سابق للأميركيين له "أبلغوا أردوغان بشكل صريح أنهم لن يسمحوا له بتنفيذ هجوم بري قد يشكل خطراً على قواتهم الموجودة في سوريا".
في السيناريو الأول، وفقاً للدريد، "سيحاول اردوغان الإبتعاد عن الساحة حيث تتمركز القوات الأميركية أي شرق سوريا المطلة على قضايا داعش في الصحراء بالتالي قد تغض أميركا الطرف عن عملية محدودة من هذا النوع، رغم ما قد ينتج عنها من انهيار للادارة الكردية في سوريا وفقدانها لجزء كبير من مساحتها".
كما أن خطوة مماثلة "لن تترك أي أثر سلبي على علاقة تركيا مع النظام السوري، خصم الأمس" كما أفاد الدريد بعد "أن بدأ النظام التركي بمد جسور معه".
أما في السيناريو الثاني فتتغير المعادلة وتصبح أكثر عدوانية "إن كان اردوغان يبحث عن اجتياح شامل لمناطق الأكراد في سوريا سيكون الأمر صعباً دون مواجهة واصطدام مع الأميركيين".
الأكراد الحلقة الأضعف
ويرى الدريد أن المتضرر الأول والأخير من تداعيات أي معركة محتملة هم الأكراد "المعادلات الدولية ليست لصالحهم" ويظن آسفاً أن "وجودهم في سوريا قضية وقت وبأن قضيتهم في مهب الريح إن كان من خلال اجتياح سوريا لهم أم من خلال اجتياح تركي".
ولفت إلى ما قد تقدم عليه أميركا أيضاً من خلال سياستها "الأميركيون لا يصمدون في تحالفات طويلة الأمد ومنذ بدأ التحالف الأميركي مع الأكراد في سوريا وأنا أعلم مصيره" مستبعداً انخراط روسيا في أي عملية عسكرية ضد الأكراد "لغرقها حالياً في الوحول الأوكرانية".
وأكد الدريد أن تجاوز الأكراد الخطوط الحمر من خلال قصف مناطق حدودية محاذية لتركيا مرده الى "وصولهم إلى حافة اليأس" لكنه أشار إلى أنهم "لا يملكون القدرة على السيطرة لأن صواريخهم بطيئة وتؤدي إلى خسائر محدودة".