بينما تعلو أصوات المرشحين للإنتخابات النيابية، وترتفع وتيرة خطاباتهم الرنانة، وتضجّ البلاد بحملاتهم الانتخابية، وتُرفع صورهم في كل مكان، تمرّ الذكرى السنوية الـ47 لاندلاع الحرب الأهلية في لبنان بصمت.
هذه الحرب التي اندلعت في 13 أبريل/ نيسان 1975 وانتهت في عام 1990، وقُدّر عدد ضحاياها بـ 150 ألف قتيل و300 ألف جريح ومعوق و17 ألف مفقود، فضلا عن هجرة أكثر من مليون شخص وخسائر مادية فاقت 100 مليار دولار، لم تتمكن من إعطاء العبر والدروس الكافية للبنانيين كي يوقفوا أعمال العنف بأشكالها.
بل وبعد مرور 47 عاماً على هذه الحرب، عاد الحديث عن مخاوف من تكرار سيناريو الحرب مجددا.
لكن الرئيس الفخري لحزب الوطنيين الأحرار دوري شمعون، الذي عايش فترة الحرب الأهلية اللبنانية، يستبعد عودة الحرب في لبنان. ويقول في حديث لـ"جسور"، "مما لا شكّ فيه أننا لا نحب أن نرى لبنان كما هو اليوم في وضعه الحالي، لكن الصورة ليست سوداء إلى درجة عودة الحرب، فلبنان يُمكن تدميره بسرعة كما يمكن إعادة بنائه بسرعة، كل المطلوب أن يقوم الحكام بدورهم فقط".
ويضيف: "الحرب اللبنانية انتهت وأصبحت خلفنا، ولا أتوقع أن أحداً يريد الحرب في لبنان، فما يحصل هو استعراض للعضلات فقط".
نظام مدني
من جهته، حذّر الأمين العام لجبهة 17 تشرين، العميد الركن المتقاعد جورج نادر، من أن يعيدنا النظام اللبناني الطائفي إلى الحرب بطريقة ما، مشيراً إلى أن "النظام الحالي يجب تعديله، ليصبح مدنيّاً 100% وخالياً من أي نص تشريعي يرتكز إلى الأمور الدينية".
وتابع: "نحن اليوم بأمس الحاجة لنظام عنوانه النزاهة والكفاءة والإستقلالية، وإلّا سنبقى في دوامة الحروب والخلافات والمعارك الجانبية إلى أبد الآبدين".
وأكد أن "الحرب ليست حرب الآخرين على أرضنا، بل هي حروبنا نحن الطائفيين ضد شركائنا في الوطن، لأننا نريد إلغاء الآخر، ونستعين بدولة أجنبية من أجل هذه الغاية".
وأشار إلى "بند تمّ تدوينه في شرعة مبادئ وضعتها جبهة 17 تشرين الثورية، ينصّ على تعهد كل لبناني يبلغ الـ18 من عمره وأكثر بعدم اللجوء إلى العنف لفض أي خلاف أو إشكال، واختيار دائماً الوسائل الديمقراطية، وذلك تحت طائلة نزع الهوية".
ذكرى الحرب
كما ساهمت المواجهات المسلّحة التي شهدتها منطقتي عين الرمانة - الطيونة في بيروت، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، التي تعد من خطوط التماس القديمة في زمن الحرب الأهلية، بإيقاظ ذكرى أقسى أيام مرت على اللبنانيين.
وأسفرت المواجهات في الطيونة، عن مقتل 7 أشخاص وإصابة 32 آخرين.
وبعد الأحداث الدامية التي استمرت 5 ساعات، وجه مسؤولون في حزب الله وحركة أمل، اتهامات إلى حزب القوات اللبنانية، بتنفيذ "كمين مسلح" ضد المتظاهرين، وهو ما نفاه الأخير.
ومنذ أكثر من عامين، يعاني اللبنانيون أزمة اقتصادية طاحنة غير مسبوقة أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، فضلا عن شح في الوقود والأدوية
وتشهد البلاد بين الحين والآخر، اضطرابات وصراعات مسلحة لأسباب طائفية أو سياسية.