حقّق الرئيس التونسي، قيس سعيد، نجاحا في اختبار الاستفتاء بموافقة غالبية كبيرة من المشاركين فيه على مشروع الدستور الجديد الذي يمنحه صلاحيات واسعة قد تعرض الديمقراطية التونسية الفتية للخطر، في حين يعتبر معارضوه أن تدني المشاركة يقوّض شرعية العملية.
وأعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فاروق بو عسكر، مساء الثلاثاء قبول الهيئة مشروع نص الدستور الجديد للجمهورية التونسية المعروض على الاستفتاء بعد أن أيده 94,6 بالمئة. وقال بو عسكر للصحافيين إن العدد الإجمالي للمشاركين في الاستفتاء بلغ2,756,607 ناخبا من أصل 9,3 مليون يحق لهم التصويت، وقد صوّت 2,607,848 بـ"نعم" على الدستور الجديد.
صلاحيات واسعة
ويمنح الدستور الجديد المثير للجدل صلاحيات واسعة لرئيس الدولة، ممّا يخالف النظام البرلماني المعمول به منذ العام 2014. وينصّ الدستور على أن يتولى الرئيس السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس حكومة يعيّنه ويمكن أن يقيله إن شاء، بدون أن يكون للبرلمان دور في ذلك. كذلك يملك الرئيس، القائد الأعلى للقوات المسلحة، صلاحيات ضبط السياسة العامة للدولة ويحدد اختياراتها الأساسية، ولمشاريعه القانونية "أولوية النظر" من قبل نواب البرلمان.
وندّدت المعارضة ومنظمات غير حكومية بالنصّ الجديد معتبرةً أنه "مفصّل على قياس" سعيّد ويحصر السلطات بأيدي الرئيس الذي لا يمكن إقالته بموجب الدستور الجديد. في المقابل يُمنح للرئيس الحق في حل البرلمان والمجلس الوطني للجهات. وكان صادق بلعيد، الحقوقي الذي عيّنه سعيّد لوضع الدستور الجديد، قد تبرّأ من النص النهائي معتبراً أنه يمكن أن "يفتح الطريق أمام نظام ديكتاتوري".
"لا ضمانات"
ويعتبر سعيّد مشروع الدستور الجديد امتداداً لعملية "تصحيح المسار"، وقد بدأها بقرارات لم تكن متوقعة في 25 يوليو/تموز 2021 باحتكار السلطات في البلاد وإقالة رئيس الحكومة السابق وتجميد أعمال البرلمان ليحله بالكامل لاحقا، ومن المقرر أن تُنظم انتخابات نيابية في ديسمبر/ كانون الأول.
ويقول مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في "اللجنة الدولية للحقوقيين"، سعيد بنعربية لوكالة فرانس برس إن الدستور الجديد "يمنح تقريبا كل السلطات للرئيس ويحذف كل الأنظمة والمؤسسات التي من شأنها أن تراقبه". ويضيف بنعربية "لا توجد أيّ ضمانات يمكن أن تحمي التونسيين من الانتهاكات المماثلة لتلك التي مارسها نظام بن علي"، معرباً عن اقتناعه بأنّ الدستور الجديد "يقنّن الاستبداد".
وأمام الرئيس وضع اقتصادي واجتماعي متأزم في البلاد ومهمّة شاقة لإيجاد الحلول لذلك، خصوصا بعد ارتفاع نسبة البطالة والتضخم وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين التي زادت الأزمة الروسية - الأوكرانية من تراجعها.