في ظلّ شغور رئاسيٍّ وشلل سياسي طويل، حلّت ذكرى استقلال لبنان التاسعة والسبعون هذا العام.
وعلى الرغم من نيل لبنان استقلاله منذ زمن بعيد، إلّا أن الواقع يقول إن بلاد الأرز حاليا لا تعرف معنى الاستقلال بسبب الفساد والتدخلات الخارجية في أهم الإستحقاقات الوطنية.
الإعلامي اللبناني يزبك وهبي، يرى في حديث لـ"جسور"، أن "اللبنانيين لم يعيشوا استقلالا حقيقيا فعليا منذ سنوات طويلة، وتحديدا منذ عام 1967، حين تأثر لبنان واستقلاله بعوامل خارجية وداخلية عدة، فرضها الإحتلالان الإسرائيلي والسوري والتدخل الفلسطيني والإيراني".
"لبننة الإستحقاقات"
واعتبر أن "المطلوب من المسؤولين اللبنانيين الإستقلال بقرارهم السياسي وعدم الإنصياع للأوامر الخارجية، و"لبننة" كل استحقاق ، والحوار مع الشركاء في الوطن، شرط ألا يكون هناك فريق أقوى من الآخر، وقادر أن يفرض شروطه ورأيه على غيره بقوة السلاح".
وقال وهبي، "الإستقلال كرمزية موجود، ولكن فعليا هو غير موجود في ظل الواقع الاقتصادي المرير والأمني الصعب، فحدودنا سائبة، ومعظم موظفي الإدارات الرسمية لا يداومون في مراكز عملهم".
وتابع: "لكننا كشعب نطمح لتحقيق استقلال فعلي ولدينا ما يكفي من الثقافة والعلم والانفتاح لنضغط على المسؤولين الذين اخترناهم لإبعاد التدخلات الخارجية عن أي أمر داخلي، أو تغيير المسؤولين. ونحن نستطيع تحقيق ذلك، وتحسين الواقع بنظرة إقتصادية نتكل فيها على القطاع الخاص والمغتربين في الخارج، كما فعلنا في بداية الخمسينات".
بلد حقيقي
أما المحامي والناشط المدني واصف الحركة، فاعتبر في حديث لـ"جسور"، أن "الذكرى عندما تتفرغ من مضامينها تصبح يومًا عاديا، وان الاستقلال الحقيقي ليس موجودا في لبنان لأن قوى السلطة ترهن نفسها للخارج".
كما لفت إلى أن "الاستقلال يتعلق بحياة المواطن اليومية، فالقهر الذي يعيشه اللبنانيون يجعل عيد الاستقلال يتفرغ من مضامينه لأن الناس بحالة تبعية لتحصل على لقمة عيشها، لأن مرتزقة السلطة نهبت البلد".
وأضاف: "لكن يبقى عيد الإستقلال ذكرى تدفعنا لنبقى نناضل ونحارب لإنقاذ البلد من التبعية، وبناء بلد حقيقي سياسيا وسياديا واقتصاديا وصحيا وأمنيا".
الشعب شريك بالفساد
من جهته، أشار الناشط المدني شربل قاعي، في حديث لـ"جسور"، إلى أن "لبنان بلد غير مستقل، واللبناني يعيش الذل يوميا، وأصبح مواطنا من درجة ثانية وثالثة بوجود سلاح حزب الله والسلاح الفلسطيني في المخيمات، ومنظومة فاسدة تحمي الفاسد".
وتابع: "لكن المؤسف هو أن الشعب اللبناني يتحمل نصف مسؤولية ما يحصل لعدم محاسبته المسؤولين، ما يجعله شريكا بالفساد".
وأكد قاعي أن "الأمل بالجيش اللبناني كبير، لكن الحكومات المتعاقبة قللت من قيمته وتحدّ من صلاحياته، وعززت وجود المسلحين في البلاد لتضعفه"، مضيفا ان "القرار اللبناني ليس بيد اللبنانيين وبالتالي بلادهم غير مستقلة".
أسوأ المراحل
يذكر أن اللبنانيين يحتفلون في 22 نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام بعيد الاستقلال الذي أنهى مرحلة الانتداب الفرنسي سنة 1943.
ولمناسبة ذكرى الاستقلال، أكد قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون أنه "مع دخول البلاد مرحلة الشغور الرئاسي وارتفاع سقف التجاذبات السياسية، يبقى حفظ الأمن والاستقرار على رأس أولوياتنا"، مشدداً على أننا "لن نسمح بأي مسٍّ بالسلم الأهلي ولا بزعزعة الوضع لأي أهداف".
كذلك، أشار المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إلى أن "لبنان يمرّ بأسوأ مراحله، وما نزل بنا وأنزل علينا، لم يسبق أن سجّله تاريخ هذا الوطن الذي تحوّل من مصدر للحضارة إلى مرتع للانهيارات بكل تعابيرها القاسية، التي لم تُبقِ لا بشراً ولا حجراً"، معتبراً أن هذا ما يستدعي منا أن نكون على أهبة الاستعداد لما قد يحصل على كل المستويات.