يزداد الحديث في واشنطن عن أهمية العمل على إنجاح عملية الانتقال الديمقراطي العسيرة التي يمر بها السودان، في وقت يؤكد فيه البيت الأبيض والكونغرس ومراكز الأبحاث المعنية، أن دعم السودان سياسيا واقتصاديا يخدم المصالح الأميركية المباشرة وغير المباشرة في منطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي.
ويتواصل تدفق المحتجين إلى العاصمة الخرطوم، أمام مقر رئاسة الوزراء، تزامناً مع وصول شحنات من الخيام وإقامة مطعم منظم لتوزيع الوجبات على مئات المشاركين في الاعتصام المتسمر.
وانضم المشاركون من مختلف مناطق السودان، للمطالبة برحيل رئيس الحكومة الانتقالية عبدالله حمدوك وحكومته، في مقابل دعم عودة حكم العسكر، في خطوة تضع البلد على حافة فوضى قد تكون دموية.
موجة عنف غير مسبوقة
وبدا الحشد لعودة حكم العسكر في السودان، أمرا مستغربا في توقيته، فالسودانيون تظاهروا للتخلص من إرث الحكم العسكري، ومن القبضة الحديدية لنظام الحكم الفردي، الذي جسده الرئيس المخلوع عمر البشير طيلة ثلاثة عقود.
وتسود مخاوف من موجة عنف غير مسبوقة، على خلفية التجاذب بين العسكر والمدنيين، فيما تئن البلاد تحت وطأة أسوأ أزمة مالية واقتصادية. وسط مع ارتفاع قياسي في نسبة التضخم وتدهور القدرة الشرائية للمواطن، وارتفاع كبير في نسبتي البطالة والفقر.
وبلغت المؤشرات السلبية مستويات قياسية، مع شحّ في السيولة وفي احتياطات النقد الأجنبي وانهيار في قيمة العملة الوطنية.
ويُطالب المعتصمون بإسقاط رئيس الحكومة الانتقالية عبدالله حمدوك، الذي جمع حكومته في اجتماع طارئ لبحث الأزمة السياسية، التي وصفها بأنها "الأسوأ" منذ عزل الجيش للرئيس البشير عام 2019.
أميركا تدخل على خط الأزمة
وأفاد مصدر مطلع إن وفدا أميركيا، بقيادة دبلوماسي رفيع في وزارة الخارجية، سيصل الخرطوم خلال الساعات القليلة المقبلة، لبحث الأزمة السياسية التي يعيشها السودان حاليا.
وأشار المصدر إلى جهود مكثفة يقودها حمدوك، ربما تسفر عن اجتماع قريب بين ممثلين لقوى الحرية والتغيير والشق العسكري والحركات المسلحة المنشقة عن قوى الحرية والتغيير.
ومع اقتراب موعد تسليم سلطة مجلس السيادة للمدنيين الشهر المقبل، دعت الولايات المتحدة ودول الترويكا جميع الأطراف السودانية، إلى احترام الوثيقة الدستورية الموقعة بين المدنيين والعسكريين، وضمان الالتزام بالتحول المدني واستكمال هياكل السلطة.
أزمة السودان
ومنذ أكثر من شهر يعيش السودان أزمة سياسية حادة على إثر خلافات بين الشقين المدني والعسكري في الحكومة الانتقالية، إضافة إلى خلافات في ما بين المكون المدني للحكومة، حيث انفصلت مجموعة عن قوى الحرية والتغيير، ووقعت ميثاقا أسمته أيضا بميثاق قوى الحرية والتغيير.
ومنذ السبت، تنظم المجموعة المنشقة التي تضم حركتي وزير المالية الحالي، جبريل ابراهيم، والحاكم الحالي لإقليم دارفور، مني أركو مناوي؛ إضافة إلى عناصر وأحزاب موالية لنظام المؤتمر الوطني، الذي أطاحت به ثورة شعبية في أبريل/ نيسان 2019؛ اعتصاما أمام القصر الجمهوري في الخرطوم مطالبة بحل حكومة حمدوك.
وفي تطور متصل حاصرت مجموعة من المعتصمين مقر مجلس الوزراء السوداني في الخرطوم الإثنين، وسط تقارير تحدثت عن مخطط كبير لخلق الفوضى.
وفي الأثناء، توافق نحو 200 من الأحزاب السياسية ولجان المقاومة والكيانات المهنية والحركات المسلحة، على ميثاق جديد، لحماية التحول المدني في السودان، ورفض حل الحكومة أو أي محاولات للانقلاب على الثورة، وهيكلة القوات المسلحة، وبناء جيش وطني واحد بعقيدة عسكرية مهنية.