هم ركن التعليم في لبنان، وصانعو مستقبل الشباب، أساتذة جامعة الصرح الوطني في الجامعة اللبنانيّة المهمّشون وجدوا أنفسهم ما بين صون الرسالة واستحالة الواقع المعيشي من جراء الأزمة المُستفحلة في لبنان منذ ثلاث سنوات، فها هم يتركون أعرق المهن على الاطلاق للالتحاق بوظائف تؤمّن لهم دخلاً أفضل .
قصة محزنة لأحد أساتذة الجامعة اللبنانيّة أثارت ضجّة في أوساط الرأي العام اللبناني هو الذي لم يُذكر اسمه، قد قدّم استقالته بعد عشر سنوات من التعليم الجامعي والغصّة والحزن يغلفان ورقة استقالته بعدما وجد نفسه مهمّشا دون كرامة أو تقدير، فذهب للعمل كناطور للبناية التي يسكن فيها.
معاناته كأساتذة كثر في الجامعة اللبنانية طالتهم أسوأ الأزمات الإقتصاديّة والماليّة على الإطلاق وانعكست مباشرة على مهنتهم ورسالتهم في التعليم.
مأساة حقيقية
وفي السياق، قال استاذ الإقتصاد وأمين الابحاث والدراسات في الجامعة اللبنانيّة الدكتور المتقاعد بشارة حنا في حديث لـ"جسور" ان الاساتذة يعيشون مأساة بكل ما للكلمة من معنى اسوة بالشعب اللبناني كله"، موضحا ان "أجورهم تدنّت بحدود 96-97% قبل التعديل البسيط الذي أقرّته الحكومة اللبنانية في موازنة 2022".
وروى حنا كيف أن "الجو تشاؤمي، فلا يمكن للاستاذ الوصول الى الجامعة لإعطاء المواد التعليمية أو أن يكون انسانا فاعلا من حيث مواكبة الأبحاث والاشراف على الرسائل ، مع ارتفاع تكاليف النقل والتي تتخطى راتبه في أحيان كثيرة.
الأجور لا تساوي شيئاً
ويشدّد حنا على أن "المأساة كبيرة جدا والجامعات تخلو من الكفاءات العلميّة التي تذهب نحو الشرق والغرب وأعطى حنا مثلا عن "الاستاذ الجامعي اليوم في أوروبا بدوام كامل يتقاضى ثلاثة آلاف و500 دولار وفي بعض الجامعات الأخرى 8-10 آلاف دولار شهريا في سويسرا أو انكلترا أو المانيا، بينما الاستاذ في الجامعة اللبنانية يتقاضى بين المئة والمئة و50 دولار فقط ، وهذا لا يكفي لسد حاجات أساسية ما يحتم أن يتقاضى الاستاذ الجامعي ما بين 50 الى 60 مليون ليرة لبنانية.
الكلفة الصحية باهظة
ودعا حنا عبر "جسور" المسؤولين لاعادة الحياة الى الجامعة اللبنانية واعادة ترميم المباني وصيانة مراكز الابحاث وتنمية صندوق التعاضد موضحا ان الكلفة الصحية تضاعفت بأكثر من 25 الى 30 مرة والمؤشرات الرسمية تقول انها تضاعفت 4و 5 أو 6 مرات انما ذلك لا يعكس الواقع بأي شكل من الاشكال".
وقال: "اساتذة يموتون لعدم استطاعتهم دخول المستشفيات كما وأننا نلاحظ ظاهرة غريبة ناتجة عن وفاة الكثير من الاساتذة المتقاعدين عن عمر لا يتجاوز 70 سنة مما يشكل كارثة اجتماعية حيث أنهم في عزّ عطائهم البحثي والعلمي".
عن الناتج الوطني
وأطلق حنا صرخة لإعادة للجامعة اللبنانية دورها العلمي والاكاديمي. وختم قائلا: "اللبنانيون من حملة الشهادات الجامعية يؤمنون انتاجاً يساوي ما بين الـ500 الى 600 مليار دولار في البلدان التي يقطنون فيها وهذا كان ممكنا في لبنان باكثر من 300 مليار كناتج وطني وليس كانتاج وطني.. لكن للاسف دمّروا البلد لمصلحة 5-6 زعماء غير آبهين باعادة هيكلة الجامعة."