يبقى أقل من أسبوعين على 31 مارس / أذار، وهو سيدخل التاريخ بالمعنى الحرفي، ففيه ستجتمع مجموعة "أوبك"، وتتخذ قرارا ربما يؤثر على مسار السياسات الدولية، وبوجه خاص على روسيا والغرب، وعمليا ستعني زيادة إنتاج النفط إذا أقرتها اوبك مزيدا من الضغط على روسيا التي تواجه حزمة عقوبات غربية لم تبلغها دولة قبلها قط باستثناء العراق.
وتشهد المملكة العربية السعودية اتصالات محمومة للضغط باتجاه زيادة إنتاج النفط، وجذب الموقف السعودي إلى الصف الغربي.
ويبدو أن الغرب يواجه مشكلة حقيقية سببها مواقف الرئيس الأميركي جو بايدن الذي بدأ ولايته بمعاداة صريحة للمملكة، ولولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وتؤكد مصادر دبلوماسية رفيعة لـ"جسور" أن الهدف الحقيقي لزيارة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى السعودية والإمارات محاولة التوسط في العلاقات بين ولي العهد السعودي، وولي عهد أبو ظبي من جهة، والرئيس الأميركي الذي يحظى بمقاطعة حقيقية من الجانبين من جهة أخرى.
وبحسب المصدر الدبلوماسي فإن ولي العهد السعودي رفض مكالمة هاتفية من الرئيس الأميركي شهر مارس/ اذار الجاري، بل أن الرئيس الأميركي كانت لديه محاولة هذا الشهر لزيارة المملكة العربية السعودية، وتبين عدم استعداد المملكة لاستقباله في الوقت الحالي، وكانت المفاجأة توجيه الدعوة إلى الرئيس الصيني الذي سيزور السعودية بعد عيد الفطر المقبل، بل وتتردد أنباء عن دراسة المملكة تلقي مقابل النفط المورد إلى الصين باليوان الصيني بدلا من الدولار الأميركي، خاصة أن الصين أكبر مستورد للنفط السعودي حاليا إذ تحصل على 25% من إنتاج السعودية.
وبحسب مصدر لـ "جسور"، فإن زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لم يخطط لها مسبقا، وتركزت المباحثات المصرية – السعودية على الأزمة الأوكرانية، والموقف العربي إزاء العقوبات على روسيا، إذ طلبت واشنطن عبر القنوات الدبلوماسية مشاركة العرب في هذه العقوبات، ويشير المصدر لـ"جسور"، إلى أن وجهتي النظر المصرية والسعودية، "ورغم إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا في الأمم المتحدة"، تتركز على رفض المشاركة في العقوبات المفروضة على روسيا من قبل الغرب، ويبدو أن هذا ما أكد عليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في اتصاله الهاتفي في اليوم التالي لزيارته المملكة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
الإمارات على طريق المملكة
لم يتوقف سيل المعلومات الذي يعكس الأزمة في العلاقات السعودية – الأميركية عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ طلب البيت الأبيض مكالمة للرئيس الأميركي مع ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، لكن الرد المفاجئ جاء من قصر ولي عهد أبو ظبي الذي أوضح انشغال ولي العهد، وسيتم تحديد موعد لاحق لمكالمة الرئيس الأميركي.
ويؤكد المصدر الدبلوماسي لـ"جسور"، أن الأزمة تجاوزت العلاقات السعودية – الأميركية إلى "العلاقات الخليجية – الأميركية"، أضف إلى ذلك قوة موقف الخليج بسبب الارتفاع الكبير في أسعار النفط.
ويعزو المصدر الأزمة إلى ما وصفه بسياسات خاطئة للإدارة الأميركية الحالية بقيادة بايدن تجاه الخليج، وبخاصة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي هذه الأثناء تلقى كل من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، مكالمات هاتفية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وجاء ذلك في أعقاب رفض مكالمة بايدن.
محاولة التأثير البريطاني على السعودية والإمارات
ويضيف المصدر الدبلوماسي لـ"جسور": زيارة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الذي يحظى بعلاقة مميزة مع ولي العهد السعودي، وصلت إلى تبادل المحادثات عبر الواتس آب، حاول في خلالها جونسون التأثير على الموقف السعودي، والإماراتي خلال اجتماعات أوبك المقبلة في 31 مارس/ أذار، لكن يبدو أن النجاح لم يكن حليف محادثات جونسون هذه المرة.
وأكثر ما لفت الانتباه في زيارة جونسون لكل من الإمارات والسعودية، أنه في الأولى وجد باستقباله مستشار رئيس الدولة أنور قرقاش، أما في السعودية فكان باستقباله نائب أمير الرياض.