اقترب العام الدراسي في لبنان من نهايته لينطلق آخر مطلع الخريف المقبل وشبح عبء جديد على كاهل أهالي الطلاب بدأ يلوح في الأفق، إذ تتجه المدارس الخاصة إلى تسعير نسبة معينة من أقساطها بالدولار الأميركي “الفريش” في ظل شح كبير يطال العملة الخضراء بعد قرار مصرف لبنان حجز أموال المودعين والسماح لهم بسحب مبلغ زهيد شهرياً من حساباتهم المصرفية. الواقع الجديد، يضيق الخناق ربما على أهالي الطلاب إلا أن من شأنه إنصاف المدرسين وإن جزئياً.
إعلان إدارات المدارس الخاصة الأخير حرك لجان الأهل ودفعهم إلى رفع الصوت في محاولة لاحتواء ذيول أي أزمة مستجدة قبل تفاقمها، وفي حديث لـ"جسور" أوضحت المستشارة القانونية لاتحاد هيئات لجان الأهل في المدارس الخاصة المحامية مايا جعارة أن الأهالي أمام "مشكلة كبيرة جداً فمن جهة، هم حريصون على المستوى التعليمي لأولادهم كونه الأمر الوحيد الذي بإمكانهم تقديمه لهم ومن جهة أخرى البديل غير موجود فالمدارس الرسمية أقفلت أبوابها لأشهر العام الماضي بسبب الإضراب كما أنها لم ترقَ إلى المستوى المطلوب حتى الآن".
تشتت الأهالي
"الضربات المتتالية أدت إلى تململ كبير لدى أهالي الطلاب" تقول جعارة مضيفة " لكن هذه السنة وكلجان أهل نحن نُسأل أكثر من أي سنة أخرى عن مصير الأقساط كي يتخذ الأهالي القرار المناسب، بين ترك أبنائهم في مدرستهم أو نقلهم إلى أخرى أقساطها تناسب ميزانيتهم أو ربما التفكير في مغادرة لبنان". وتابعت قائلة "حوالى الـ70% من طلاب لبنان يرتادون المدارس الخاصة فيما أصبح 80% من الشعب اللبناني تحت خط الفقر ما يؤكد أن عدداً من أولياء طلاب المدارس الخاصة يعانون وستزداد معاناتهم أكثر العام المقبل مع دولرة قسم من الأقساط المدرسية". غير أنها أوضحت أن التسعيرة الجديدة لن تكون موحدة بل بنسب متفاوتة بين المدارس الخاصة "المدارس التي يرتادها طلاب من عائلات ذات قدرة شرائية منخفضة ستكون تسعيرتها ما بين 50 أو 150 دولاراً فريش أما المدارس الكبيرة فمن المرجح أن تبدأ تسعيرتها من 400$ وصولاً إلى 1000 دولار فريش" وذلك بعد أن أصدر وزير التربية تعميماً يقضي بالسماح للمدارس الخاصة بالتسعير في عملة غير الليرة اللبنانية لأن سعر صرف الليرة اللبنانية في تقلب مستمر".
الحلول موجودة
في المقابل أكّدت جعارة أن الحلول موجودة، أولاً من خلال "دعم المدارس الخاصة عبر البطاقة التربوية" لافتة إلى أن "لبنان يتلقّى مساعدات خارجية مختصّة بالبطاقة التربويّة "إنما جميعها تذهب إلى المدارس الرسمية بتشجيع من الدولة للتخفيف من الأعباء المادية عليها من دون أن يؤدي ذلك إلى أي تحسين في مستواها التعليمي"، وتضيف "يتلقى الأستاذ في المدرسة الرسمية مساعدة بقيمة 125 دولاراً فريش إلى جانب راتبه بالليرة اللبنانية". وطالبت جعارة باعتماد مبدأ "المدارس الخاصة الأساس والمدارس الرسمية الاستثناء كما يعكس الواقع" معتبرة أن "أي دعم للأهل في المدارس الخاصة يمكن أن يكون كافياً لتجاوز هذه المرحلة القاسية". الحل الثاني، وفقاً لجعارة، يتمثل بالدفع بمصرف لبنان "للقيام بواجباته كونه مسؤولاً عن الاستقرار الاجتماعي في البلد" مشددة على "أن التعليم حق للطلاب وكان يجدر بمصرف لبنان أن يعطي الأولية لقطاع التعليم وتغليبه على أي قطاع آخر" مطالبة إياه "بتسهيل عملية تحويل الأموال من حسابات الأهالي إلى حسابات المدارس واعتماد الدولار الطالبي الفريش للطلاب داخل لبنان أسوة بطلاب الخارج مما يسهل على إدارات المدارس عملية دفع الرواتب لموظفيها وشراء مستلزماتها".
دور المجالس التحكيمية
حل ثالث آخر ألقت جعارة الضوء عليه "دور المجالس التحكيمية التربوية" وأفادت بأنها عبارة عن "محكمة تبت بالخلافات بين لجنة الأهل وإدارة المدرسة" لكنها معطلة كما أوضحت "ولم تشكل وزارات التربية المتعاقبة منذ عام 2017 لجاناً خاصة بها". "دور هذه المجالس اليوم بات ملحاً وتشكيلها لا يضيف أعباءً مادية على الدولة " مضيفة "من شأنها ضبط الأمور والبت في أي نزاع حول الأقساط في حال اعترضت عليها لجنة الأهل كما أنها تدقق في حسابات المدارس". وربطت جعارة بين دور المجالس التحكيمية والبطاقة التربوية للمدارس الخاصة "الدول المانحة لم تكن متحمسة لإعطاء مساعدات للمدارس الخاصة نظراً لما عرف عنها من صيت بأن أرباحها مرتفعة" وتابعت "لكن البطاقة التربوية أقرت كقانون ومن المفترض أن تحدد وزارة التربية مراسيمها التطبيقية لتقوم الدول المانحة بدعم الأساتذة في المدارس الخاصة والتخفيف من الأعباء المادية عن الأهالي"، كما أضافت أن "تشكيل مجالس اللجان يتيج شفافية في الموازنات ويبعد الصيت عن المدارس الخاصة".
كما أشارت جعارة إلى أن"وزارة التربية بإمكانها وضع ضوابط على الأقساط فالتعميم الأخير لوزير التربية لن يخدم الأهل أبداً بل من شأنه أن يريح المدارس فقط حيث كان يجب أن يطلب منها عصر النفقات" مستطردة أنها "بدأت بذلك رغماً عنها". جعارة لم تنس حق المدرسين بالحصول على رواتب محترمة وأقرّت "أنهم عانوا العام المنصرم من رواتب جداً متواضعة بالتالي تدرس إدارات المدارس إمكانية إعطائهم بين 15 إلى 20% من رواتبهم بالفريش" مشيرة الى أنها لن تحدد زيادة على الأقساط العام المقبل بل فقط دولرة بقيمة 20%.