منذ سنوات والمسيحيون المقيمون في المملكة العربية السعودية، ينتظرون تشييد كنيسة لممارسة شعائرهم الدينية بحرية، بعد أن تعرضوا لمضايقات وعقوبات وصلت إلى حد السجن والترحيل.
وتعزز فرضية بناء الكنيسة في وقت قريب، بسبب انفتاح المجتمع السعودي، بقيادة ولي عهد المملكة، الأمير محمد بن سلمان، في الآونة الأخيرة، وترأسه جملة إصلاحات وتطورات إجتماعية تهدف إلى إظهار المملكة بصورة منفتحة على العالم.
وجه مدني
يعتبر التقدم في مجال الحريات الدينية بطيء في السعودية، إلا أن ولي العهد أثبت مرارا احتضانا للأديان المختلفة، من خلال لقائه لقيادات ومرجعيات روحية مسيحية، بحيث بدت القيادة السعودية أكثر انفتاحا نحو خيار بناء كنيسة وعكس وجه مدني للملكة. وعلى الرغم من تأكيد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أن التبشير الكتابي بين المسلمين أمرٌ مرفوض، التمس المسيحيون في المملكة التغيير الحاصل بعد أن غضت النظر مرار وبشكلٍ متزايد عن ممارسة عقائدهم بشكلٍ غير منظم بعيدا من بناء المعابد واقامة القداديس بشكل علني.
كنيسة نيوم
لا شك ان الجهود المبذولة لبناء كنيسة في السعودية بدت غير مثمرة حتى الآن، الا ان الخبراء السعوديون يأكدون أن الأمر بات شبه محسوم لدى القيادة. فالكنيسة سيتم انشاؤها إما في الحي الديبلوماسي في العاصمة الرياض، أو مدينة نيوم.
ويرجح أن تكون نيوم التي تحمل الكثير من الآمالِ لمستقبلٍ جديدٍ للسعودية، أن تكون أملَ المسيحيينَ المُقيمينَ في المملكة.
وعن سبب اختيار هذا الموقع تحديدا، تعتبر نيوم مدينة عابرة للحدود، اذ انها ستضم فئات متنوعة من السكان، ومزيجا من بلدان عدة وأديان وخلفيات، إضافة إلى تمتعها بقانون تقدمي يجاري المعايير الدولية .
وصرح عضو المجلس الاستشاري لنيوم، علي الشهابي سابقا، أن الكنيسة "بالتأكيد على قائمة أهداف القيادة". وتعتبر نيوم الموقع المناسب للكنيسة الأولى، بسبب طبيعة النظام القانوني".
كباش داخلي
في غضون ذلك، يؤكد البعض أن بناء الكنيسة مجرد حيلة علاقات عامة لا فائدة منها في منطقة نيوم، إذ إنها تقع على بُعد مئات الأميال في حين يقطن معظم المسيحيين الموجودين في السعودية في المدن الكبرى كالرياض وجدة.
وتحدثت بعض المصادر المطلعة عن أن كباشاً سعودياً داخلياً يحصل حول قضية بناء الكنيسة على أراضي المملكة، على الرغم من التفاؤل الذي يظهره البعض. إذ يرفض المسلمون بناء أي دور عبادة لغير المسلمين على أراضي المملكة على اعتبار أنها أرض الحرمين الشرفين.
ويستند المعارضون إلى قول منسوب الى النبي محمد، يفيد بأن: "لا يجتمع في جزيرة العرب دينان"، بظل جدل بين رجال الدين بشأن الحديث النبوي وأنه ينطبق فقط على مدينة مكة المكرمة والمدينة المنورة. وطالب ولي العهد بمراجعة الحديث النبوي المستند اليه منذ عقود منعا لإقامة كنائس في السعودية.
وربط رجل الدين السعودي البارز الشيخ عاصم الحكيم، وهو من أشد المعارضين، مسألة بناء الكنيسة ببناء مسجد في دولة الفاتيكان.
يتوقع أمراء سعوديون نشوب معارضة حقيقية على المستوى الشعبي في حال تم تشيد كنيسة على أراضي المملكة، إلا أن تراجعهم محسوم بسبب القبضة الأمنية المحكمة في البلاد. وتبقى الكلمة الفصل لـِ ولي العهد السعودي، في حين ان تشييد الكنيسة بات مسألة وقت فحسب.