حملة مكثفة تدعو المغتربين اللبنانيين لتسجيل أسمائهم والاقتراع في الانتخابات النيابية اللبنانية لمقبلة، المقرر إجراؤها في 27 مارس/آذار 2022. فماذا قال اللبنانيون المقيمون في الخارج لـ"جسور"، عن مشاركتهم بالتسجيل والاقتراع في الانتخابات؟
أربعة أيام تفصل الراغبين بالتسجيل من المغتربين اللبنانيين، عن موعد انتهاء المهلة المحددة من قبل وزارة الخارجية اللبنانية، والتي تنتهي في 20 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
الأرقام الرسمية الأخيرة في لبنان، أشارت إلى أن أكثر من 165 ألف لبناني في الخارج، سجلوا أسماءهم حتى الآن، وتوزعوا على الشكل التالي: 15 ألفاً و196 في القارة الاسترالية، و3 آلاف و756 في أميركا اللاتينية، و38 ألفاً و441 في شمال أميركا، و13 ألفاً و613 في القارة الأفرقية، و41 ألفاً و601 في آسيا، وحصدت أوروبا النسبة الأكبر مع 51 ألفاً و874. بمجموع 165 ألفاً و481 متسجلاً.
وأوردت لاحقاً صفحة "الجالية اللبنانية في الإمارات"، عبر "فيسبوك"، خبراً مفاده أن "15 ألف مقيم في دبي تسجلوا للانتخابات وهو رقم كبير جداً، مقارنة بـ3 آلاف تسجلوا لانتخابات 2018 فقط".
سنغافورة
تواصلت "جسور" مع عدد من اللبنانيين المنتشرين في دول الاغتراب، للوقوف عند آرائهم، من عملية التسجيل والتسهيلات والعقبات ورغبتهم بالاقتراع من عدمها.
من سينغافورة، يؤكد المغترب اللبناني إيلي اسطفان، إنه سجل اسمه في المنصة من مكان إقامته من دون أي عقبات، لكنه أوضح "نواجه مشكلة جمع 200 اسم مسجل، كي يُفتح لنا قلم اقتراع"، ويضيف "ثمة محاولة لدمج ماليزيا وسينغافورة في قلم واحد. حتى الآن تسجل، وفقه "65 لبنانياً، من أصل 200 يقيمون في سينغافورة، و25 من أصل 105 في ماليزيا"، لكن إن بقيت نسبة التسجيل متدنية، فإن اسطفان لن يستسلم، كما يقول، "سوف أتوجه إلى لبنان مهما كلف الأمر لأسجّل موقفاً في الانتخابات النيابية المقبلة"، معتبراً أنه "على الدولة إيجاد حل لنا والسماح لنا بالاقتراع في لبنان حتى وإن تسجلنا في الخارج"؛ إذ يحتّم التسجيل في الخارج على اللبنانيين الاقتراع في مكان إقامتهم ويحرمهم من العودة إلى لبنان للانتخاب.
فرنسا
يُقيم مارون الحاج وزوجته في فرنسا، وقاما بتسجيل إسميهما، كما يؤكد لـ"جسور"، ولم يواجها أي مشاكل أيضاً، فكل ما تطلبه الأمر عند التسجيل أن يقدما صورة عن هويتهما اللبنانية وأخرى عن الهوية الفرنسية، وبعد 10 أيام وصلتهما رسالة تؤكد ورود إسميهما على لوائح الشطب.
وأشار الحاج، إلى أن "الحماس شديد لدى كل من أعرفهم من اللبنانيين في فرنسا، وهناك إقبال كبير على التسجيل"، وأضاف "لم أقترع عام 2018، إنما قررت الاقتراع هذه المرة لأن الأوضاع في لبنان وصلت إلى حائط مسدود، وكمغتربين علينا المساهمة في خلق التغيير"؛ رغم أن صوته، على حد قوله، "قد لا يشكل فارقاً كبيراً في المنطقة حيث ينتخب، لكن المعجزات تحدث إن اتحد جميع اللبنانيين".
الخليج العربي
أحد اللبنانيين المقيمين في المملكة العربية السعودية، وفضل عدم ذكره، لفت في حديث لـ"جسور" إلى أنه سجل اسمه ليقترع من الرياض، لكنه لا يثق بأن التغيير في لبنان سيكون كبيراً. وبرأيه، إن "لبنانيي الداخل ليسوا جديين، وكان يفترض بهم أن يتخذوا قراراً حاسماً إذ منهم يبدأ التغيير، لكن معظمهم ما زال يعيش في أجواء السهر والتسلية، وكأن البلد بألف خير!"، مشيراً إلى أن "المغترب هو أكثر المتضررين من الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالبلاد، خصوصاً من وضع منهم مدخرات عمره في المصارف اللبنانية، وفي باله أنه سينتقل يوماً إلى بلده مطمئناً عند تقاعده".
من الإمارات، وتحديداً من دبي، يعلن يورغو بيطار، في اتصال مع "جسور"، أن "الاقبال هذا العام على التسجيل للانتخابات كان أكبر منه في انتخابات عام 2018، نظراً للظروف التي يمر بها لبنان، مع ما يرافقها من انهيار على الصعد كافة". ولفت بيطار إلى أن "الحماسة كانت واضحة، في الأيام الماضية، وازدادت مع الحملات التي أطلقتها صفحات الجالية اللبنانية في دبي والإمارات كافة، على مواقع التواصل الاجتماعي للتسجيل، إضافة إلى قيامها بحملات توعية عبر لقاءات إلكترونية لضرورة التسجيل والتصويت".
وعلى الصعيد الشخصي، يقول بيطار إنه سجل اسمه "من دون شك، لا بل قمت بتشجيع أشخاص لم ينتخبوا أبداً في السابق على التسجيل"، مضيفاً أنهم اليوم متحمسون للاقتراع وإيصال صوتهم للمرة الأولى.
اللقاءات الاجتماعية بين اللبنانيين المقيمين في الإمارات، لا تخلو على حدّ تعبير بيطار، من السؤال عن التسجيل للانتخابات، وهذا برأيه "دليل على الحماسة للتغيير والروحية المختلفة، لإحداث تغيير حقيقي ووقف الانهيار السريع الذي يعيشه لبنان".
كندا
من أميركا الشمالية، وتحديداً من كندا، أعلن المغترب اللبناني ريتشارد مطر، أنّه تسجّل عبر المنصة. وأوضح في حديث لـ"جسور" أن "الجالية اللبنانية كبيرة هنا، ويوجد مركز اقتراع في السفارة اللبنانية في أوتاوا، وآخر في القنصلية في مونتريال، في مقاطعة كيبك حيث يتجمع معظم اللبنايين؛ وتالياً فإن عملية الاقتراع، لن تكون صعبة إلا على المقيمين في مقاطعات ومدن بعيدة وهم لا يشكلون أكثرية المنتشرين اللبنانيين".
لكن مطر لفت إلى "وجود نوع من عدم التحفيز للانتخابات، من قبل أحزاب السلطة في لبنان، وتحديداً التيار الوطني الحر وحزب الله، اللذين أقنعا المغتربين بعدم جدوى الانتخابات وأنها لن تجري في موعدها"، على حد تعبيره. ويتابع "لهذا السبب لم يتشجع عدد كبير من المقيمين في كندا منذ سنوات طويلة، على تجديد بطاقات الهوية الخاصة به أو جوازات سفره"، بعكسه وهو القادم حديثاً إلى البلاد. ومطر يرى أن "حزب القوات اللبنانية يبذل مجهوداً كبيراً وقام بحملات لتشجيع المغتربين وكذلك فعلت مجموعات من المجتمع المدني".
باب التسجيل للاقتراع لا يزال مفتوحاً، لأيام معدودة فقط، وهو ما يدفع اللبنانيين المقيمين في الخارج والمتحمسين للتغيير في بلادهم، إلى الأمل بأن تُحدث انتخابات عام 2022 صدمة إيجابية، قد تمكّنهم من العودة يوماً إلى وطنهم.