لا تزال قضية اليوغا تتفاعل في الكويت، منذ أن ناشد نائب محافظ في مجلس الأمة السلطات التدخل لمنع فعالية لمدربة يوغا كويتية ووصفها بأنها أمر "خطير ودخيل" على المجتمع الكويتي، لتنفذ مثقفات وناشطات وقفة احتجاجية أمام مقر المجلس.
وبحسب الكاتبة والناشطة النسوية الكويتية سحر بن علي، أنه "تمّ منع هذه الفعالية تحت حجة أن "اليوغا" تُقام في البر مع مدرب رجل، بينما الواقع هو المساس بحريات الشعب وبالأخص النساء، للتغطية على الفساد وسرقة الأموال العامة"، مضيفة: "نحن لا نقبل المساومة بحرياتنا من أجل مصالح سياسية".
وقالت بن علي في حديث لـ"جسور": "كنت واحدة من النساء اللواتي نفذنَ تحركاً وحملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحت الوسم الذي تصدّر موقع "تويتر" #معالدعمالحريات، وواصلت النساء الحملة عبر الاعتصام، وذلك لأن الكويت دولة مدنية والدستور الكويتي ينص على أن الحرية الشخصية مكفولة ولا نسمح المساس بحريات الأفراد".
وفي ما خص "اليوغا" بشكل عام في الكويت، قالت: "لا تزال هناك حصص يوغا في المراكز الصحية وحتى على الشواطئ، فالموضوع ليس اليوغا بل طرح قضايا الحريات بين فترة وأخرى، واستخدام المنع من أجل أهداف سياسية، وهذا ما نرفضه، كما نرفض إقحام الحريات لتشتيت الانتباه عن الأمور الأخرى".
ولفتت سحر بن علي إلى أن "الكويت دولة مدنية تخضع لدستور وليس للفتاوى، والحريات الشخصية هي حق من حقوق الإنسان ولا تقل أهمية عن الحق بالتعليم والطبابة والسكن".
مشهد مصيري
وكانت مدرّبة اليوغا الكويتية إيمان الحسينان أعلنت الخميس الماضي منع تنظيم الفعالية، وأشارت لاحقاً إلى أنّها تنتظر تصريحاً رسمياً لإقامتها.
وقالت الحسينان في تسجيل نشرته على وسائل التواصل الاجتماعي: "أكدنا بالفعل ضرورة ارتداء الملابس المناسبة للمشاركة في الجلسات وهي ملابس محتشمة، لكن تعرّضت لهجوم شرس. لقد عرضوا صورة للحدث بشكل مهين، وتمّ تصويره على أنّه غير أخلاقي".
وجاء ذلك غداة إطلاق عضو مجلس الأمة النائب حمدان العازمي تغريدة جاء فيها "نشدّد على وزير الداخلية سرعة التحرّك ووقف هذه الممارسات الداخلية ومحاسبة من منح له التراخيص فوراً"، مضيفاً "هذا أمر خطير".
وخلال وقفة احتجاجية في ساحة الإرادة أمام مقرّ مجلس الأمة، قالت أستاذة اللغة الإنكليزية في جامعة الكويت الدكتورة ابتهال الخطيب في حديث صحفي إنّ "القضية ليست قضية رياضة، على الرّغم من أهميتها، وإنّما هي نقطة في مشهد كبير عام إذا تنازلنا عنها سنشهد تنازلات أخرى".
وخلافاً لسائر دول المنطقة، تتمتّع الكويت بحياة سياسية نشطة ويحظى برلمانها، مجلس الأمة، الذي ينتخب أعضاؤه لولاية مدتها أربع سنوات، بسلطات تشريعية واسعة ويشهد مناقشات حادّة في كثير من الأحيان.
دولة مدنية
ورفعت مشاركات في التحرّك لافتات كتب عليها "لا لمتاجرة الحكومة والبرلمان بقضايا النساء" و"الكويت دولة مدنية والحكم دستوري ولا لحكم الفتاوى" و"نرفض الوصاية على المرأة".
واعتبرت الناشطة الحقوقية هديل بوقريص أنّ "اليوغا فكرة رمزية ومنها انطلق تدخّل النائب في حريّات الأشخاص". وتابعت "ما نريد إيصاله إلى الحكومة والنواب هو أنّنا لا نقبل باستغلال قضية المرأة وحرياتها في تسويات سياسية".
بدورها، شدّدت رئيسة الجمعية النسائية الثقافية والاجتماعية لولوة الملا على أنّ الدولة "دستورية ومدنية"، وقالت "نطالب بحقّنا وبالعدالة في مطالب النساء وليس التهميش والإقصاء".
وكانت الكويت أول دولة خليجية عربية تتبنى نظاماً برلمانياً في 1962، ومنحت المرأة حق التصويت والترشح للانتخابات في 2005.
وسبق للعازمي أن أثار سجالاً عندما استجوب وزير الدفاع في يناير/ كانون الثاني بشأن قرار السماح للنساء بالانضمام إلى الجيش في الأدوار القتالية لأول مرة.
وبعد ذلك، فرضت وزارة الدفاع قواعد جديدة على النساء الملتحقات بالجيش، بما في ذلك ضرورة ارتداء الحجاب، والحصول على إذن من ولي الأمر للانضمام، وعدم السماح لهنّ بحمل السلاح.