على الرغم من دخول أزمة تشكيل الحكومة في العراق شهرها السابع، غير أن جميع الحلول المطروحة لحلها حالياً لا تتعدى ما تم تداوله طيلة الأشهر الماضية، وهو ما يمهد لتدخل دولي قد يكون حاسماً في المرحلة الراهنة لإنهاء الأزمة بالاعتماد على التقاء المصالح المتضاربة.
ولا يزال طرفا الأزمة، كل من التيار الصدري (الفائز الأول في الانتخابات)، والإطار التنسيقي (تحالف القوى الشيعية باستثناء التيار الصدري) ، يعيدان الخيارات ذاتها للخروج من الأزمة من دون تغيير في موقف الطرف الآخر منها.
إذ أن التيار الصدري لا يزال متمسكاً بحكومة الأغلبية الوطنية التي يريد تشكيلها مع تحالفه الثلاثي (التيار والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة) في مقابل رغبة الإطار التنسيقي تحاشي حكومة الأغلبية الوطنية التي ستبعده عن المشاركة فيها مفضلاً إقناع الصدر وتحالفه بالعودة إلى خيار حكومة التوافق بمشاركة الجميع.
كما أن محاولات كل طرف تفتيت الطرف الآخر يبدو أنها لم تصل إلى نتيجة مع إبداء كل من التيار الصدري والإطار التنسيقي تماسكاً في تحالفاتهما كل من جانبه.
وأعاد الإطار التنسيقي إعلان موقفه بأن "قواه تزداد تماسكاً ووحدة في مواقفها الرامية لتحقيق الاستقرار السياسي ومعالجة حالة الانسداد وهي متمسكة بمبادرتها ومستعدة للتحاور مع الأطراف الأخرى من دون تفريط بأي طرف في الإطار".. كما جاء في تغريدة لمتحدث باسم حركة أهل الحق محمود الربيعي الذي تمثل حركته واحدة من أهم قوى الإطار التنسيقي.
ويؤكد الربيعي وفقاً للتغريدة ذاتها، أن "لا صحة لما يشيعه البعض عن محاولات فشلت منذ بدايتها لإضعاف قوى الإطار او تجزئة موقفها الموحد".
موقف الربيعي نفى بشكل مباشر نية ذهاب جزء منه الذهاب إلى المعارضة لتمهيد التحاق بقية الأطراف داخل الإطار بالتيار الصدري لتشكيل الكتلة الشيعية الأكبر التي ستشكل الحكومة.
هذا الموقف جاء للرد على الأنباء التي كانت وما زالت تتحدث عن رغبة الصدر في إبعاد ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه الغريم التقليدي للصدر رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، حيث أن المشكلة الأساس تتمثل في عدم رغبة كل من الصدر والمالكي في المشاركة بحكومة واحدة يقودها الآخر للخلاف العميق بينهما منذ سنوات.
مبادرة بازراني
وتتطلع الأوساط السياسية إلى مبادرة جديدة ينوي طرحها زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بازراني، على الرغم من فشل الكثير من المبادرات التي قدمها كل من زعيم التيار الصدري والإطار التنسيقي والمستقلين والعشائر وغيرها.
وعلى الرغم من الموقف المعلن لقوى الإطار التنسيقي من بارزاني والمشاكل القائمة بين الطرفين، غير أن مصادر الإطار التنسيقي تتحدث عن إمكانية "أن تقود المبادرة إلى حلحلة المأزق السياسي الذي يعيق تشكيل الحكومة".
فشل المبادرات السابقة كان يعود إلى نقطة أساس تتمثل بإصرار كل من التيار الصدر والإطار التنسيقي على موقفهما من شكل الحكومة وطبيعة المشاركة فيها، أي حكومة الأغلبية للتيار مقابل حكومة توافقية للإطار،ومن هنا لا يتوقع أن تؤدي مبادرة بارزاني إلى الحل إلا إذا جاءت بما يضمن الضغط على التيار الصدري للقبول بحكومة توافقية قد يوافق الإطار التنسيقي على أن يكون خارجها ائتلاف دولة القانون أو زعيمه المالكي بشخصه على الأقل.
الكتلة الشيعية الأم
يرغب الإطار التنسيقي بأن ينجح في تشكيل الكتلة الشيعية الأم التي تجمعه بالتيار الصدري لضمان أن تكون هذه الكتلة هي صاحبة الامتياز في تشكيل الحكومة ومن بعدها يتم حل المشاكل فيما بين الإطار والتيار داخلياً لإبعاد ضغوط القوى السياسية والحد من نفوذها على حساب القوى الشيعية.
ويتطلع الإطار التنسيقي إلى "تحديد أرقام كل ما هو موجود لتشكيل الكتلة الشيعية الاكبر ليتم بعدها رسم السياسات المتبقية، الاتفاق لو تم سوف يدخل الإطار والتيار في كتلة واحدة بكل مكوناتهما".
حل خارجي
لا يستبعد مراقبون للشأن السياسي العراقي أن يكون هناك تدخل خارجي من الدول ذات التأثير المباشر في العراق لحل الأزمة من خلال توافق مصالح كل من إيران وأميركا وتركيا أيضاً.
ويقول المحلل السياسي عمر الشريفي في حديث لـ "جسور"، إن "اللاعب دولي يحظى بتأثيره على الساحة السياسية العراقية ولاسيما الولايات المتحدة الأميركية بملاحظة أن تأثير التحالف الدولي في الملف العراقي انتقل الى بريطانيا وبالتالي نتحدث عن التأثير الغربي الذي قد يتدخل للمساهمة في حسم الأمور وفق سيناريوهات متعددة".
من السيناريوهات التي يتحدث الشريفي عنها "الضغط باتجاه إعادة الانتخابات مع تغيير في القانون الانتخابي أو الضغط لاستمرار التوافق السياسي على الرغم من أن المؤشرات بغالبيتها تظهر أن المحور الغربي يدفع باتجاه الأغلبية وليس التوافقية لكن لابديل في حلحلة الانسداد السياسي في الوقت الراهن غير التوافقية إذا ما اراد اي طرف من تجاوز الانسداد السياسي الحاصل واختيار أوراق ضغط أخرى لتحقيق مكاسب تضعف الخصوم الدوليين".
ويوافق هذا الرأي، رأي المحلل السياسي سعد الزبيدي الذي يرى أن التدخل الدولي سيكون حاسماً في إنهاء الأزمة والذهاب إلى اتفاق سياسي عراقي يتجاوز المرحلة الحالية.
ويقول الزبيدي في حديث لـ "جسور"، إن "العامل الدولي لم يكن غائباً منذ 2003 وتأثيره كان حاضراً حتى في الانتخابات الأخيرة ويضيف، إن "العامل الدولي سيكون مؤثراً لاستحالة حسم الأزمة بالنسبة لكل من التيار الصدري والإطار التنسيقي وسوف تتدخل بعض القوى المؤثرة دولياً لحلحلة المشاكل في البيت الشيعي والكردي، أي أميركا وإيران وحتى تركيا فالمصالح حاضرة ومؤثرة".