إتفق قادة الإطار التنسيقي في العراق على تقديم أسماء خمسة مرشحين لرئاسة الحكومة المقبلة أملاً منهم في الحصول على رضا باقي القوى السياسية وتجاوز أزمة التسريبات الصوتية التي عصفت بالإطار والتي من الممكن أن تؤدي إلى أزمات لاحقة داخل الإطار الشيعي في حال لم يتمكن من الهروب إلى الأمام وتشكيل الحكومة في وقت قياسي.
لكن الحكومة التي يتوجب على الإطار التنسيقي تشكيلها لا بد وأن تكون بعيدة من تأثيرات رئيس ائتلاف دولة القانون الذي بات خارج حسابات العملية السياسية بفعل أزمة التسريبات الصوتية التي هاجم فيها غريمه التقليدي زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر وشخصيات سياسية أخرى فضلاً عن إيران الداعم الأول للإطار التنسيقي.
كما ومن المتوقع أن تشمل تسريبات جديدة للمالكي انتقاده وهجومه على قادة داخل الإطار وهو ما يعني دخول الإطار التنسيقي في أزمة عميقة قد لا يتمكن من تجاوزها في حال لم يتمكن من تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن.
الأسماء التي قدمها الإطار التنسيقي لتشكيل الحكومة وفقاً لمصادر من داخل الإطار هي كل من حيدر العبادي وعلي الشكري ومحمد شياع السوداني وقاسم الأعرجي وعبد الكريم عبطان، وهذه الأسماء تمثل إلى حد ما توجهاً لدى الإطار بأن يكون رئيس الوزراء المقبل مقبولاً لدى القوى السياسية الأخرى وبعيداً من تأثير زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي.
إبعاد المالكي ومن يرشحه
كان المالكي يخطط حتى وقت قريب إلى العودة من بعيد جداً وخطف كرسي رئاسة الحكومة العراقية أو على الأقل تمرير أحد المقربين منه ليحظى بهذا المنصب لكن الصدر تمكن من إطلاق رصاصة الرحمة ليس فقط على فرص المالكي في ترأس الحكومة المقبلة بل على فرصه في ترشيح أحد المقربين منه لرئاسة الحكومة ليكون مسيطراً بصورة غير مباشرة على سياسات الحكومة المقبلة كما كان يخطط له.
ويقول رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري في حديث لـ "جسور"، إن "تغريدة الصدر أحبطت مشروع المالكي وتحالفه والمقربين منه من أن يكون أولا رئيسا للوزراء أو أن يدفع برئيس وزراء ممسوك من قبله لكون الإطار التنسيقي غير قادر على مواجهة رغبات المالكي بسبب ثقله وغيره من عوامل كانت تسمح له بتحقيق هذا الهدف".
ويضيف الشمري: إن "إعلان الإطار التنسيقي أن اسم رئيس الحكومة سيكشف في خلال 48 ساعة وقد يكون قريباً دفع الصدر في جزء من الأسباب إلى إطلاق التغريدة التي كانت بمثابة رصاصة الرحمة على مرشح يدور في فلك المالكي لكن ليس على تشكيل الحكومة".
ويرجح الشمري أن يتمكن الإطار التنسيقي من تشكيل الحكومة في حال "قدّم شخصية لديها برنامج إصلاحي وبعيد من المحاصصة مع اعتماد الكفاءة شريطة عدم العودة إلى قوى شكلت الخراب العراقي والتي ستعني أن لا فائدة من هذه الحكومة".
حصر الخسائر بالمالكي
ويعتقد قادة الإطار التنسيقي حتى الآن أن الأزمة لم تؤثر إلا على حظوظ المالكي ومرشحيه وأن الإطار سيتمكن من تجاوز هذه الأزمة بكل أريحية، لكنهم يدركون في الوقت ذاته أن اختيار شخصية مناسبة لحسم تشكيل الحكومة المقبلة سيكون هو الفيصل في نجاح الإطار في الخروج من الأزمة وتشكيل الحكومة.
ويقول المحلل السياسي علي فضل الله في حديث لـ"جسور"، إن "الإطار لم يتأثر بالتسريبات الصوتية لزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، كون الموضوع يمس شخصاً واحداً وليس جميع القادة وعليه فإن الإطار سيواصل مباحثات تشكيل الحكومة والتي بدأها بعد انسحاب التيار الصدري من مجلس النواب والحكومة".
وأشار فضل الله إلى أن "الإطار اعتمد على اختيار شخصية مناسبة لترشيحها لرئاسة مجلس الوزراء تكون ذات مقبولية لدى جميع القوى (السنية - الشيعية - الكردية)".
ويستبعد المحلل السياسي أن تلجأ القوى إلى خيار إعادة الانتخابات "كون الموضوع يحتاج إلى تعديل القانون الحالي، فضلاً عن إعادة اختيار مفوضية انتخابات جديدة كون الحالية لا تعد محط ثقة بالنسبة للكتل السياسية"، لكنّ هذا الخيار قد يكون مطروحاً في حال فشل الإطار في مسعاه.
مهمة ليست يسيرة
لا تبدو مهمة الإطار التنسيقي في تشكيل الحكومة المقبلة يسيرة إلى هذا الحد بمجرد إبعاد المالكي ومن يرشحه عن سباق الترشح لرئاستها، إذ أن أزمة التسريبات الصوتية وضعت خيارات الإطار لتشكيل الحكومة خاضعة لمحددات عدة قد تهدد مستقبل الحكومة في حال تم تشكيلها على عجالة ومن دون رضا جميع القوى السياسية والأطراف المؤثرة في المشهد العراقي.
ويقول الباحث في الشأن السياسي العراقي ياسين عزيز في حديث لـ "جسور"، إن "مواقف السيد الصدر شكّلت احراجاً كبيراً للإطار التنسيقي المنقسم على نفسه بشأن تشكيل الحكومة الجديدة لكن وفي كل الظروف فإن الإطار التنسيقي بوضع لا يحسد عليه وهو بين خيارين أحلاهما مر".
ويضيف عزيز: إن "الإطار قد يمضي بمساعي تشكيل الحكومة الجديدة والتي يجمع الكل على أنها وإن تشكلت فلن تعمّر طويلاً وستمثل إخفاقاً آخر للإطار بعد اخفاق الانتخابات الأخيرة وإن لم يستمر الإطار في تشكيلها فالاخفاق سيكون أكبر وربما يؤدي إلى تفكك الإطار الذي تضغط ايران على استمراره وعدم الاستسلام لمبدأ الفشل".
ويرى الباحث أن "الخيار الأمثل والأكثر واقعية الآن هو تحديد موعد جديد للانتخابات مع استمرار حكومة الكاظمي لكن بصلاحيات أكثر".