رغم تكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تشكيل حكومة جديدة كاملة الصلاحيات، إلا أن عدم التفاهم فيما بينه وبين رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون يقطع الطريق أمام هذه المهمة. وذلك يتعارض مع الدستور اللبناني، الذي يلزم مجلس النواب أن يبقى في دورة انعقاد استثنائية حتى تأليف الحكومة الجديدة ونيلها الثقة.
ومع اقتراب موعد الاستحقاق الدستوري لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، بدأ الحديث عن سيناريوهات محتملة في المرحلة المقبلة.
فبحسب الصحافي اللبناني زياد عيتاني، إن "أبرز السيناريوهات المطروحة، هو عدم إجراء الإنتخابات الرئاسية، أو تأخير إتمامها في موعدها بسبب انعدام التوافق السياسي وبالتالي تمديد الأزمة وصولا إلى إجرائها في موعدها وانتخاب رئيس توافقي، قادر أن يتجاوز المطبات السياسية، وإخراج البلاد من الأزمة الإقتصادية".
أسوأ سيناريو
وقال عيتاني في حديث لـ"جسور"، إن "أسوأ سيناريو محتمل هو حصول أزمة دستورية متعلقة بالنظام، حيث انه، وللمرة الأولى، يطلب من حكومة تصريف أعمال أن تملأ موقع رئاسة الجمهورية في حال لم تحصل الإنتخابات الرئاسية بالشكل الذي يتوقّعه الكثيرون".
وتابع: "هذه السيناريوهات جميعها مرتبطة بعوامل خارجية، ومواقف الدول التي على رأسها إيران، من موضوع الترسيم، ومحادثات فيينا".
لكن عيتاني استبعد حصول فراغ رئاسي، وحصر الإحتمالات بين "إجراء الإنتخابات الرئاسية في موعدها، أو الذهاب إلى أزمة دستورية تقسم السياسيين إلى فريقين، الأول يتحدّث عن عدم جواز دستوريًا أن تتولى حكومة تصريف أعمال السلطات، ما يبرر بقاء الرئيس عون في القصر الجمهوري، والثاني يرى أنه لا يحق لعون الإستمرار بحكومة تصريف أعمال".
وأضاف: "سيكون الوضع شبيهًا بما كان عليه عام 1990، بين الرئيسين سليم الحص وميشال عون، أي حكومتين وانقسام والعودة إلى المربع صفر على المستويات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والأمنية وغيره، لأن الدخول بالأزمات ليس كالخروج منها".
أزمة إقتصادية
يذكر أن مجلس النواب اللبناني يجب أن يلتئم بناء على دعوة من رئيسه لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وذلك قبل شهر أو شهرين على الأكثر من انتهاء ولايته. وإذا لم يدع هذا المجلس لانتخاب الرئيس الجديد خلال شهري سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول المقبلين، فإنه يجتمع حكمًا في اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولايته، أي في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
ويمر لبنان حاليًا بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، حيث أن 80٪ من المواطنين فيه يعيشون تحت خط الفقر، وتخطت نسبة ارتفاع أسعار المواد الغذائية الـ500 في المئة.
ويُقدِّر تقرير المرصد الاقتصادي للبنان أن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي هبط بنسبة 10.5% في 2021 في أعقاب انكماش نسبته 21.4% في 2020. وفي الواقع، انخفض إجمالي الناتج المحلي للبنان من قرابة 52 مليار دولار أميركي في 2019 إلى مستوى متوقع قدره 21.8 مليار دولار أميركي في 2021، مسجِّلا انكماشًا نسبته 58.1%، وهو أشد انكماش في قائمة تضم 193 بلدًا.