سنتان مضت ولم تهدأ السلطة الحاكمة والمشتبه بهم في انفجار مرفأ بيروت الذي وقع في الرابع من آب/أغسطس 2019 إلا بعد إبعاد شبح الحقيقة الذي يطارد ضمائرها بكلّ الوسائل الممكنة.
وآخر فصول العرقلة هو القرار الذي قضى باستبدال المحقّق العدلي في قضية تفجير المرفأ طارق البيطار بقاض آخر "لمعالجة الأمور الضرورية والملحّة كطلبات إخلاء السبيل والدفوع الشكلية" بناء على كتاب وجهه وزير العدل هنري خوري، في تاريخ 5 أيلول/سبتمبر إلى مجلس القضاء الأعلى الذي وافق عليه.
"ليس فقط مع هذه الحكومة، القانون والدستور وجهة نظر" يقول رئيس حركة التغيير المحامي إيلي محفوض، ليضيف: "منذ أكثر من ست سنوات، منذ لحظة وصول ميشال عون الى رئاسة الجمهورية نرى هناك مزاجيّة بالتعاطي واستنسابية في طريقة مقاربة الملفات القانونية والقضائية، ونرى أكثر من تجاوز لكل الأعراف والأصول وتحديدًا نرى خروقات متمادية للأصول المعمول فيها بكل المجالات القضائية."
فماذا عن قانونيّة هذه الخطوة وهل يتمكّن الأهالي من خلق الزخم للدفع نحو وقف التمادي والوصول الى الحقيقة؟ وهل يتراجع مجلس القضاء الأعلى عن موقفه؟
تعطيل وعرقلة
يرى محفوض أن "موضوع تعيين أو تكليف أو انتداب قاض رديف لا يجوز قانونًا، موضحًا أنه "بالمحاكم وبالتنظيم القضائي المقسّم، وحين يكون قاض مُنفرد مثلاً، هذا القاضي يكون لوحده، الا اذا غاب لأي سبب من الأسباب يُنتدب مكانه أحد ليحلّ محلّه، وإنما ليس كمُرادف له او رديف او مُساعد له." ويضيف: "بالمحاكم الاستئنافية والابتدائية هناك رئيس للمحكمة ومعه مستشارين لكن دائمًا ما يكون هناك قاض يحكم، أما بالحالة التي يثيرونها اليوم في قضية المرفأ، فأغلب الظنّ يريدون تعطيل وعرقلة عمل البيطار."
من سيواجه؟
ويعتبر محفوض أن مشكلة أُطر المواجهات في لبنان، على المستوى القانوني والقضائي والدستوري أصبحت عقيمة لأن المواجهة هي مقابل مجموعة لا تُقيم أي اعتبار للأصول المعمول فيها على مستوى القوانين في لبنان."
وعمّن بإمكانه أن يقيم هذه المواجهة ومن هو المُخوّل للقيام بها، يرى محفوض أن أهالي ضحايا وشهداء انفجار مرفأ بيروت عليهم أن يكونوا الرياديّين بهذا الإطار لأن أي مواجهة يريدها هؤلاء تصبح مشروعة نظرًا لوجعهم وللتباطؤ والتواطؤ والاستهداف الحاصل لنسف ملفّ الإنفجار منعًا لكشف الحقيقة."
"المواجهة قضائيًّا.. لا تكفي"
ويُذكّر محفوض بحادثة عين الرمانة ويقول: "الفريق المُتضرّر في هذا الموضوع (التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت) والذي هو حزب الله، لجأ إلى المواجهة وعبّر عنها من خلال الشارع ومن خلال اقتحام منطقة عين الرمانة وأراد من خلالها الإطاحة بالمحقّق العدلي وجوبه من خلال الجيش اللبناني وأهالي عين الرمانة"، ويضيف: "اذا المواجهة بالأطر القانونية والقضائية مهمة وجيّدة ولكن الواضح أنها لا تكفي مع هكذا مجموعة وعلى إطار التحرّك أن يكون انطلاقًا من حيثيّة ووجود وحضور أهالي الضحايا والشهداء وهم قاموا بتحركات على الأرض وشخصيًّا كمواطن لبناني أدعم أي تحرّك يقومون به."
المجلس مُحاصر.. وخلق الزخم
فيما خص عمل مجلس القضاء الأعلى، يؤكد محفوض أنه "على رأس هذه المؤسسة القضائية شخصية قضائية، نموذجية ورياديّة وهو كفوء ونظيف الكفّ وتاريخه يعبّر عنه وهو القاضي سهيل عبّود، ولكن بالمقابل عمليّة محاصرة مجلس القضاء الأعلى ومنعه من القيام بواجباته وهذا الأمر ليس بجديد إنما منذ لحظة استنكاف رئيس الجمهورية عن التوقيع على مراسيم التشكيلات القضائية."
وردًّا على سؤال عمّا اذا سيتراجع مجلس القضاء الأعلى عن موقفه، يعتبر محفوض أنه "يلزمه حيثيّات وخلق الزّخم على الأرض من خلال أهالي الضحايا ليدفعوا باتجاه وقف التمادي تجاه تطويق عمل المحقق العدلي وحينها لكل حادث حديث."