تتوالى فصول التعاون الأمني اللبناني- العراقي في قضية الشبان الفارين من لبنان والملتحقين بتنظيم الدول الاسلامية "داعش". وبعد مقتل ثلاثة لبنانيين بقصف لسلاح الجو العراقي شمال شرقي البلاد، بدأ التنسيق الأمني بين بيروت وبغداد في مسعى مشترك لمعرفة الجهة التي سهّلت دخول أفراد التنظيم إلى العراق والطريقة التي دخلوا فيها.
ومع ترقب زيارة وفد لبناني رفيع المستوى يترأسه وزير الداخلية بسام مولوي إضافةً إلى مسؤولين في جهاز الأمن العام اللبناني، للإطلاع على سير التحقيق في الخلية الإرهابية التي تورط فيها لبنانيون، تنقل مصادر عراقية مطلعة على الملف طلب العراق من لبنان مشاركته معلومات حيال الشبان الفارين الذين تم قتلهم في العراق.
تحقيق مشترك
وفي جديد التعاون الأمني بين البلدين، أكد الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة في العراق، اللواء يحيى رسول، في حديثٍ لـ "جسور"، أن التعاون اللبناني العراقي يجري على أعلى المستويات للحؤول دون فرار المزيد من الشبان وانضمامهم الى صفوف العصابات الإرهابية إضافةً إلى منع هكذا محاولات في وقت لاحق.
واعتبر رسول أن وجود عناصر "ارهابية" لا يشكل خطراً فقط على العراق بل على البلد الذي فرت منه وبالتالي صلب التعاون بين العراق وأي بلد هو مكافحة الارهاب بشكل عام وبكل اشكاله.
وأشار رسول إلى أن "العراق يلتزم قضية مكافحة الإرهاب وعصابات داعش تحديداً "لن تتمكن من تحويل العراق ملاذاً آمناً لها" وتابع، "نطمح أن يكون التعاون العراقي مع الأجهزة الأمنية اللبنانية في منع أي محاولة فرار أخرى لشبان لبنانيين من بيروت الى العراق للالتحاق بصفوف داعش".
ووصف رسول الشباب الملتحقين بداعش بـ "المغرر بهم" مبيناً أن "عمليات تعقب العناصر الأخرى التي فرت من لبنان والتحقت بداعش سائرة على قدمٍ وساق بإشراف وتخطيط من قيادة العمليات المشتركة، ووفقا لمعلومات استخبارية دقيقة من وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية في وزارة الداخلية، وبالتعاون مع لبنان الذي يضع أي معلومات أو معطيات ممكن أن تفيد التحقيقات وعمليات الملاحقة".
ثغرات مقلقة
على الضفة اللبنانية، أكدت مصادر متابعة للملف، أن زيارة المسؤولين اللبنانين تأتي في إطار التنسيق الأمني المشترك لمعرفة تفاصيل وارتباطات هؤلاء الشبان مع التنظيم في العراق، وما إذا كانت هناك خلية تعمل على جذب المقاتلين من الخارج مقابل المال، أو بالتغرير الفكري أو أي شيء آخر. اذ لم تعثر الجهات العراقية المختصة على أي أوراق أو مستندات في مخبأ الخلية التي استهدافها الطيران في نهاية شهر يناير/كانون الثاني الماضي، باستثناء هواتف نقالة بدائية لا تحوي على أي بيانات.
وبحسب المصادر عينها، فإن "السلطات العراقية مصرّة على وجود خلية أو جهة ما سهّلت دخول الأعضاء اللبنانيين في التنظيم إلى العراق"، في حين تخشى الجهات الأمنية العراقية تكرار دخول آخرين بسبب وجود ثغرات خطيرة محتملة.
وتبقى المعلومات متضاربة فيما خص طريقة دخول الشبان اللبنانين الى البلاد، بين من دخلوا العراق عبر سورية بشكل رسمي لكن بجوازات سفر مزيفة، مستغلين تفشي الفساد داخل المؤسسة الأمنية السورية، وأخرى تتحدث عن دخولهم عن طريق التهريب إلى العراق. الا ان الإحتمال الأخير يبقى مستبعدا لدى الخبراء، "لأنهم لو كانوا دخلوا عبر محافظة الأنبار أو نينوى الحدودية مع سورية، فإن وجودهم في منطقة حمرين بمحافظة ديالى يعني أنهم تمكنوا من عبور مدن عراقية عدة فيها حواجز تفتيش ومراقبة مكثفة، وهو أمر صعب، لذا فإن مسألة دخولهم بأوراق مزيفة تبدو أقرب للواقع حالياً وهو ما يريد العراق معرفته".