مع وصول باخرة إنتاج الغاز ENERGEAN POWE إلى حقل كاريش المتنازع عليه بين لبنان وإسرائيل، عاد الحديث عن الخطّين 23 و29 كما الخط 1 إلى الواجهة. وكانت إسرائيل اخترعت الخط 1 بهدف الدفع إلى التفاوض، بحسب بعض الخبراء اللبنانيين، ونجحت في ذلك إذ قرّر الأميركيّون اعتماد الخط هوف كحل وسط .
من جهة أخرى سبق للبنان أن قدّم وثيقة رسميّة للأمم المتحدة يطلب فيها تصحيح حدوده البحرية جنوبًا من الخط 23 إلى الخط 29 بناءً على دراسة علمية وقانونية أعدّها الجيش اللبناني وذلك من خلال تعديل المرسوم 6433. إلا أنّ الملف وضع في الأدراج كما أن المفاوضات المباشرة برعاية أميركية بين البلدين توقّفت.
أمام التخبّط الحاصل وعجز لبنان عن الحفاظ على حقوقه في ثروته البحرية، وضع الخبير الدولي في شؤون الطاقة رودي بارودي دراسة علمية تفنّد تفاصيل النزاع، كما طرح حلولاً للخروج منه بعد مرور أكثر من عقد.
الخرائط
شارك بارودي "جسور" بخرائط حصريّة (مرفقة أدناه) التقطتها Airbus Defense Satellite Imagery تظهر التناقض بين الخط 1 والخط 23، وشرح قائلاً "إن الإسرائيليين بدأوا في حقل كاريش نهجًا غير قانوني، باعتبار أن هذه المنطقة لا تزال متداخلة (OCA) ولم يتم حلّها بعد"، معتبرًا أن Land Terminus Point (LTP) وحدها ستكون قادرة على تقديم اقتراح غير متحيّز لكل من لبنان وإسرائيل".
في المقابل، يرجّح بارودي أن تكون وزارة الخارجية قد أبلغت الشركة البريطانية-اليونانية بأن خطوتها كانت خاطئة وغير قانونية لعدم مراعاتها الحقوق السياديّة في لبنان وبأنه تم إخطار الأمم المتحدة بذلك.
وانطلاقًا من اللغط القائم أوضح بارودي أن "أحد الشروط المُسبقة لأي شكوى رسميّة أن يتم تقديمها إلى الأمم المتحدة" مؤكدًا أن "المرسوم 6433 المتعلّق بالخط 29 لا يزال مع الحكومة اللبنانية.
إعادة النظر
وإذ رحّب بارودي بأي وساطة من قبل الولايات المتحدة لإعادة إحياء المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل والمضي قدمًا بشكل تدريجي في التوصّل إلى حلول عادلة ومنصفة للنزاع بينهما حول الحدود البحرية، كشف بداية عن الأخطاء المرتكبة والواردة في إحدى الدراسات.
الجانب اللبناني، يشرح بارودي "قدم إحداثيات بحرية خاطئة للأمم المتحدة عام 2010، وإسرائيل قامت بالمثل عام 2011 حيث تبين أن لبنان بدأ على مسافة 64 مترًا تقريبًا من نقطة الحدود عند نهاية البر(LTP) في حين أن إسرائيل بدأت على مسافة نحو 32 مترًا من الشاطئ عند نقطة رأس الناقورة المتفق عليها".
من هنا لا يستبعد بارودي "أن تجبر أي محكمة دوليّة أو ربما الأمم المتحدة كلاً من لبنان وإسرائيل الإلتزام بإعادة النظر في هذا الخطأ وتصحيحه في حال لجأ أي من الطرفين إلى الإدعاء أمام إحدى المحاكم الدولية أو تقديم شكوى أمام الامم المتحدة رفضًا لأي حل قد يُعتبر غير عادل".
تناقض وحلول حديثة
أمور عديدة اختلفت منذ بدء النزاع اللبناني الإسرائيلي على الحدود البحرية، وتقنيات أكثر حداثة دخلت على الخط وفي هذا الإطار، يعيد بارودي أسباب التناقض في وجهات النظر بين البلدين إلى كون "النظام العالمي لتحديد المواقع (GPS) لم يكن موجودًا في الفترة ما بين 2010 و2011، أما حاليًا ومع خدمات تصوير الأقمار الاصطناعية العالية الجودة، يمكن لكل من البلدين إصلاح الإحداثيات البحرية الخاطئة في غضون أيام".
ومن خلال دراساته المختلفة في شرق البحر المتوسط، يشير بارودي إلى وجود حقل غاز متداخل يقع بالقرب من حقل "ألون-د" الإسرائيلي أي البلوك 72 الذي يمكن أن يمتد إلى المياه الإقليمية اللبنانية، معتبرًا أنه "يمكن التعامل مع هذا الحقل مثل أي حقل آخر في العالم من خلال ما يُعرف بـ"اتفاقية التنمية المشتركة".
ويتابع مسهبًا "اختارت شركة «توتال» الفرنسية عند تحديد نقطة الحفر في البلوك 9، نقطة تبعد 25 كلم عن حقل «قانا» لعدم الدخول في أي نزاعات قضائية" مشيرًا إلى إمكان بدء تحالف شركات «توتال – إيني – نوفاتك» بالحفر الاستكشافي الخاص بها على مسافة 10-15 كلم شمال المنطقة المتنازع عليها، "كما تفعل في البلدان الأخرى حول العالم وتحديدًا ما هو حاصل حاليًا في قبرص".
في الختام أسف بارودي للتخبّط السياسي في لبنان "والذي تسبب بتأخيرنا عن استغلال ثروتنا في الغاز أسوة بإسرائيل وقبرص" كما يقول مضيفًا "لقد بدأنا سويًا عام 2001- 2002 عمليات التنقيب لكن وخلال 20 عاما بدأت قبرص وإسرائيل بإنتاج الغاز كما أن قبرص انتقلت إلى مرحلة البيع".