وضعت الحرب الأهلية الليبية التي استمرّت عقداً، بعد سقوط نظام معمر القذافي، أوزارها مخلفة دماراً كبيراً على الأرض وصدمات نفسية بين "خوف من الفراغ" و"اكتئاب" لدى العديد من الليبيين الذين عجزوا عن تجاوزها.
كانت ميادة محمّد (21 عامًا) في العاشرة من عمرها في 2011 حين اندلعت في ليبيا الثورة التي أسقطت نظام القذّافي. وتركت دراستها منذ عامين "بسبب الحرب" فأصبح منزلها خلوتها التي نادراً ما تخرج منها بسبب "خوفها من الفراغ".
وتقول ميادة "أصبح الخروج من البيت، حتى مع أهلي او إحدى صديقاتي، صعباً جداً لأنني أشعر بالضعف والغثيان وتتسارع دقات قلبي، حتى أنّني أخاف من السقوط أرضًا من شدة الاضطراب". أما شقيقاها (12 و14 عامًا) فلم يعرفا "إلّا الحرب والاقتتال وأصوات المدافع المرعبة والرصاص والقذائف التي كانت تمر فوق بيتنا في طريق المطار"، على حد قولها، وتضيف "أن الأطفال الليبيين ضحايا الحروب والقتال. لا يسمع أحدٌ صوتهم ولا يرى أحدٌ مأساتهم. سيكبرون مع هذه الذكريات الأليمة مثلي تمامًا".
ويرى مدرّس اللغة الانكليزية في ثانوية في طرابلس علي الميلادي (44 عامًا) أن ألعاب الأطفال "أصبحت أسلحة و ذخائر يشتريها لهم آباؤهم غير مكترثين بتأثيرها عليهم وعلى عقولهم".
ويأسف لأن "الذين يعانون من اضطرابات نفسية بسبب الحروب والصدمات" لا يزالون "متروكين يعانون مصيرهم و منهم الكثير اعتزلوا الحياة العامة او انحرفوا ومنهم من وجد في نفسهم القوة اللازمة للخروج من النفق أو الاستمرار متجاهلين آلامهم".
وتقول ميادة "أصبح الخروج من البيت، حتى مع أهلي او إحدى صديقاتي، صعباً جداً لأنني أشعر بالضعف والغثيان وتتسارع دقات قلبي، حتى أنّني أخاف من السقوط أرضًا من شدة الاضطراب". أما شقيقاها (12 و14 عامًا) فلم يعرفا "إلّا الحرب والاقتتال وأصوات المدافع المرعبة والرصاص والقذائف التي كانت تمر فوق بيتنا في طريق المطار"، على حد قولها، وتضيف "أن الأطفال الليبيين ضحايا الحروب والقتال. لا يسمع أحدٌ صوتهم ولا يرى أحدٌ مأساتهم. سيكبرون مع هذه الذكريات الأليمة مثلي تمامًا".
ويرى مدرّس اللغة الانكليزية في ثانوية في طرابلس علي الميلادي (44 عامًا) أن ألعاب الأطفال "أصبحت أسلحة و ذخائر يشتريها لهم آباؤهم غير مكترثين بتأثيرها عليهم وعلى عقولهم".
ويأسف لأن "الذين يعانون من اضطرابات نفسية بسبب الحروب والصدمات" لا يزالون "متروكين يعانون مصيرهم و منهم الكثير اعتزلوا الحياة العامة او انحرفوا ومنهم من وجد في نفسهم القوة اللازمة للخروج من النفق أو الاستمرار متجاهلين آلامهم".
رائحة الموت
يروي الميلادي أنه حارب في مصراتة شرق طرابلس، أولى المدن المنتفضة ضد معمر القذافي في 2011 والتي قصفها الموالون له، مؤكدا أنه لا يزال يرى "شبح الموت الوشيك في كل مرة تحدث اشتباكات مسلحة وحروب".
ويتابع "لا زلت أرى الجثث والجرحى والدمار كلّما أغمضت عيني وأشمّ رائحة الموت وأسمع صوت القذائف حتى هذا اليوم ولكنني لم أستسلم و لا زلت أقاوم".
ويتنهّد الأب لثلاثة أطفال قائلًا "كأنها معركة لا تنتهي".
وتبع توقف الحرب في صيف 2020 توقيع اتفاق وقف لإطلاق النار في تشرين الأول/أكتوبر نصّ على إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية في غضون 90 يوما. لكن لم يسجل مذاك أي انسحاب كبير لهم في ظلّ عدم استقرار أمني.
وتتساءل الاختصاصية في الصحة النفسية ملاك بن جابر "أين تنتهي الصدمة؟ عندما يُوقّع اتفاق سلام؟ عندما تهدأ البنادق؟ عندما تحصل هدنة موقتة؟"
وأكّدت بن جابر أن شعب ليبيا يعيش "في أوقات صعبة وبعض هذه التجارب قد لا تزال تولّد صدمات".
وعانى قطاع الصحة مثله مثل قطاعات أخرى ولا تزال الصحة النفسية بعيدة من أولويات الخدمات الصحية العامة خصوصًا في الأرياف.
وتأسف بن جابر لأن ليبيا "تواجه نقصًا في خدمات الصحة النفسية بحيث أنها غير متاحة بسهولة".
ومستشفى الرازي في طرابلس هو المستشفى الرسمي الوحيد الذي يحتوي على قسم للطبّ النفسي مفتوح أمام غرب وجنوب البلاد، ما يعني أن على المرضى عبور مئات الكيلومترات لتجديد وصفة طبية أو مراجعة اختصاصي.
ويتابع "لا زلت أرى الجثث والجرحى والدمار كلّما أغمضت عيني وأشمّ رائحة الموت وأسمع صوت القذائف حتى هذا اليوم ولكنني لم أستسلم و لا زلت أقاوم".
ويتنهّد الأب لثلاثة أطفال قائلًا "كأنها معركة لا تنتهي".
وتبع توقف الحرب في صيف 2020 توقيع اتفاق وقف لإطلاق النار في تشرين الأول/أكتوبر نصّ على إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية في غضون 90 يوما. لكن لم يسجل مذاك أي انسحاب كبير لهم في ظلّ عدم استقرار أمني.
وتتساءل الاختصاصية في الصحة النفسية ملاك بن جابر "أين تنتهي الصدمة؟ عندما يُوقّع اتفاق سلام؟ عندما تهدأ البنادق؟ عندما تحصل هدنة موقتة؟"
وأكّدت بن جابر أن شعب ليبيا يعيش "في أوقات صعبة وبعض هذه التجارب قد لا تزال تولّد صدمات".
وعانى قطاع الصحة مثله مثل قطاعات أخرى ولا تزال الصحة النفسية بعيدة من أولويات الخدمات الصحية العامة خصوصًا في الأرياف.
وتأسف بن جابر لأن ليبيا "تواجه نقصًا في خدمات الصحة النفسية بحيث أنها غير متاحة بسهولة".
ومستشفى الرازي في طرابلس هو المستشفى الرسمي الوحيد الذي يحتوي على قسم للطبّ النفسي مفتوح أمام غرب وجنوب البلاد، ما يعني أن على المرضى عبور مئات الكيلومترات لتجديد وصفة طبية أو مراجعة اختصاصي.
تفريغ الصدمة
تندر الإحصائيات المتعلّقة بالصحة النفسية في ليبيا بالأسوأ حيث لا تزال الضغوط الاجتماعية حول الموضوع قائمة، وأشار تقرير لمنظمة الصحة العالمية نقلته وسائل الإعلام يشير إلى أن واحدًا من كل سبعة ليبيين بحاجة إلى دعم نفسي.
وتعتقد بن جابر أنه، مع انتشار القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي، "زاد تقبّل (المشاكل النفسية) عن قبل" وأن "الناس أصبحوا يتحدثون بصراحة أكثر عن عدم ارتياحهم".
وتضيف "أصبح استخدام كلمات مثل اكتئاب وقلق أسهل"، إلّا أن كثيرين لا يزالون مترددين في الذهاب إلى مركز للصحة النفسية خوفًا من وصمة العار.
تركت الاختصاصية النفسية الأربعينية نسرين أدهم ليبيا عام 2014 عند اشتداد المعارك التي انتهت بسقوط طرابلس في أيادي مجموعات مسلحة.
وتقول في اتصال من طرابلس إلى مكان إقامتها الحالي أي بريطانيا "استغرق الأمر عامين قبل أن أتمكن فعليًا من النظر إلى الصدمة التي مررت بها".
وتتابع "ليست ليبيا المكان المناسب لمواجهة مشاكل الصحة النفسية فيما البلد لا يزال منطقة حرب أو ما بعد الحرب".
وبرأيها "قد يريد المرء أن يكون في بيئة آمنة ومستقرة وداعمة حتى يبدأ في تفريغ الصدمة.
وتعتقد بن جابر أنه، مع انتشار القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي، "زاد تقبّل (المشاكل النفسية) عن قبل" وأن "الناس أصبحوا يتحدثون بصراحة أكثر عن عدم ارتياحهم".
وتضيف "أصبح استخدام كلمات مثل اكتئاب وقلق أسهل"، إلّا أن كثيرين لا يزالون مترددين في الذهاب إلى مركز للصحة النفسية خوفًا من وصمة العار.
تركت الاختصاصية النفسية الأربعينية نسرين أدهم ليبيا عام 2014 عند اشتداد المعارك التي انتهت بسقوط طرابلس في أيادي مجموعات مسلحة.
وتقول في اتصال من طرابلس إلى مكان إقامتها الحالي أي بريطانيا "استغرق الأمر عامين قبل أن أتمكن فعليًا من النظر إلى الصدمة التي مررت بها".
وتتابع "ليست ليبيا المكان المناسب لمواجهة مشاكل الصحة النفسية فيما البلد لا يزال منطقة حرب أو ما بعد الحرب".
وبرأيها "قد يريد المرء أن يكون في بيئة آمنة ومستقرة وداعمة حتى يبدأ في تفريغ الصدمة.