يكرر الحرس الثوري الإيراني تهديداته بالتحرك على الأراضي العراقية، وتنفيذ ضربات ضد ما وصفه بالأهداف الإسرائيلية.وقال المتحدث باسم الحرس الإيراني، رمضان شريف: "في حال لم يتحرك المسؤولون العراقيون لإزالة ما قال إنها "باقي المقرات الإسرائيلية" في إقليم كردستان وتم استهداف أمن إيران منها، فسنرد من دون تردد".
كما اعتبر أن "من حق بلاده الطبيعي تدمير المقر الذي ينطلق منه أي اعتداء على الأمن الإيراني"، واصفا الأمر بالخط الأحمر وقد تم تحذير إقليم كردستان بشأن المقر الذي ضرب الأسبوع الماضي، بشأن وجود مقرين آخرين أيضا، وفق قوله.
وحذر من أن تكرار استهدافه من قبل "الإسرائيليين" سيواجه بردود قاسية ومدمرة، في إشارة إلى أي غارات إسرائيلية جديدة قد تستهدف عناصره أو مقاره.
رسالتان إيرانيتان
وتعليقاً على ما حدث، اعتبر الخبير الأمني والاستراتيجي العراقي مخلد حازم، في حديث لـ"جسور"، أن ما حدث يدفعنا لنسأل عن الأسباب الحقيقية وراء استهداف هذه البقعة من إقليم كردستان.
وقال: "أولاً، إذا أردنا أن نقول إنه موقع للإستخبارات الإسرائيلية، فلا يمكن لجهاز إستخباراتي أن يكون لديه موقع مكشوف ومعروف وقابل للإستهداف من قبل أعداء هذه الدولة، ثانياً هذا الموقع هو موجود منذ فترة طويلة في الإقليم، لماذا لم يتم استهدافه من قبل؟".
وتابع حازم: "ثالثاً، صرّح الجانب الإيراني بأن هذا الموقع تم من خلاله إطلاق طائرات مسيّرة قصفت قاعدة في غرب إيران الأمر الذي تسبب بأضرار كبيرة فيها، لكن عندما بحثنا في الموضوع، تبيّن أن هذه الرواية مفبركة بعض الشيء، لأن الموساد الإسرائيلي إن أراد أن يتواجد، فسيختار مقرات أو سفارات أو دوائر محميّة، ولن يكون بهذه الصورة الساذجة داخل منطقة معروفة بالنسبة إيران".
ولم يستبعد أن يكون ما حصل سببه التعقيدات التي وصلت إليها مباحثات فيينا، خصوصاً بين الجانبين الإيراني والأميركي، أما إسرائيل فيبدو أنها على استعداد لتنفيذ الخطة "ب" في حال فشلت هذه المباحثات، أي التعامل مع المفاعل النووي الإيراني".
إضافة إلى ذلك، منح الرئيس الأميركي جو بايدن إسرائيل الصواريخ الخاصة بطائرات الـF35، بعدما كان رافضاً لذلك، أي أنها أصبحت اليوم قادرة على تنفيذ كامل الواجبات والمهام".
بمعنى آخر، أشار حازم إلى أن "الجانب الإيراني استشعر خطراً من أن هذه المباحثات قد تفشل، وبالتالي قد تبدأ إسرائيل في تنفيذ الخطة "ب"، فقرر توجيه رسالتين الأولى إلى إسرائيل، بأنه في حال قامت بضرب أي موقع فسيتم التعامل مع تواجدها أينما كانت، والثانية إلى أميركا، التي تفرض عقوبات على روسيا حليفة إيران".
وأردف قائلاً: "تم اختيار العراق لتوجيه هذه الرسائل من خلاله، لأنه على مر السنين، كانت إيران تتحكم دائماً في تشكيل الحكومات في العراق، وكان النظام الإيراني يأخذ من العراق ساحة لتصفية الخلافات، لذلك إيران لم تعطِ أهمية للأمن القومي العراقي".
وختم حازم بالقول: "اليوم، هناك صوت عال في الشارع العراقي يندد بما قامت به إيران، كما هناك حركة في البرلمان لمنع تكرار ما قامت به إيران".
لجنة تحقيقات
وكان وزير الداخلية في إقليم كردستان شمال العراق ريبر أحمد، قد قال، إنه "لا مانع من مشاركة مسؤولين إيرانيين في التحقيقات التي تجرى بشأن القصف الصاروخي الذي استهدف مناطق في أربيل الأحد الماضي وتبنته طهران".
وأضاف ريبر خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده في أربيل مع وفد لجنة التحقيقات في البرلمان الاتحادي: "سنزود البرلمان الاتحادي بالمعلومات والتقارير المطلوبة واللازمة بشأن الأماكن المستهدفة وكلها مدنية".
وأضاف : "وجهنا دعوة للأمم المتحدة وكل الأطراف للاطلاع والتحقيق بحضور الأخوة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولا مانع لدينا من ذلك".
وأجرت لجنة تقصي حقائق في البرلمان العراقي برئاسة النائب الأول للرئيس حاكم الزاملي، الثلاثاء، زيارة رسمية إلى الأماكن التي تعرضت للقصف الصاروخي الإيراني في أربيل.
وتمّ إستهداف أربيل بـ 12 صاروخا بالستيا، وفق بيان لجهاز مكافحة الإرهاب في الإقليم، الذي اكتفى بالقول إن الصواريخ أصابت "مناطق سكنية فقط"، وأطلقت "من خارج حدود إقليم كردستان والعراق، وتحديدا من جهة الشرق"، دون تسمية أي جهة أو دولة.
عشرات الهجمات
ولاحقا أعلن "الحرس الثوري" الإيراني أنه شن هجوما الأحد، بالصواريخ من قاعدة له في ضواحي مدينة تبريز (شمال غرب)، استهدف "مركزا استراتيجيا إسرائيليا" في محافظة أربيل.
ونفت حكومة إقليم كردستان وجود أي نشاط للموساد الإسرائيلي في أربيل.
ومنذ اغتيال الولايات المتحدة لقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس في يناير/ كانون الثاني 2020، استهدفت عشرات الهجمات مصالح أميركية بصواريخ وطائرات مسيرة.
كما استهدفت طهران في الثامن من يناير/ كانون الثاني 2020، رداً على هذا الاغتيال، بـ22 صاروخاً باليستياً قاعدة عين الأسد غرباً وقاعدة أربيل شمالاً، اللتين تضمان قوات أميركية.
وفي حين لا تتبنى أي جهة تلك الهجمات عادةً، فإن واشنطن غالبا ما تنسبها إلى فصائل موالية لطهران، دأبت خلال السنوات الماضية على المطالبة بانسحاب كامل القوات الأميركية من العراق.