إنشغلت الساحة السياسية والإعلامية العراقية خلال الساعات الأخيرة، بانفجار منظومة الغاز قرب مجمع كويزا السكني في محافظة السليمانية، والذي أسفر عن مقتل 15 شخصا وإصابة أكثر من 12 آخرين، فضلا عن انهيار 3 منازل سكنية في المجمّع وتدمير عدد كبير من السيارات بحسب محافظ السليمانية، هافال أبو بكر.
وفيما استنفرت جميع المستشفيات لاستقبال الجرحى، أكدت مديرية الدفاع المدني في السليمانية، الجمعة، أنه "لم تتبق أي جثة تحت ركام الانفجار بعد انتشال 15 شخصاً"، مشيرة إلى أنّ "التقني الذي عمل على المنظومة أثناء الانفجار لم يكن لديه رخصة العمل وقام بتعديل نظام التدفئة للغاز في المنزل". كل ذلك يأتي في وقت طالب رئيس الجمهورية، عبد اللطيف رشيد، بفتح تحقيق دقيق وسريع لمعرفة ملابسات هذا الحادث المأسوي، مقدّما أحر التعازي لأسر الضحايا، ومتمنياً الشفاء العاجل للمصابين.
غياب شروط السلامة
وفي هذا الإطار، كشفت معلومات دقيقة لـ "جسور"، أن الإنفجار وقع نتيجة إهمال صاحب الدار المالك لمنظومة الغاز المستخدمة للتدفئة. وبحسب ما أفاد به الباحث في الشأن السياسي، علي السامرائي، نقلا عن القاطنين بالقرب من موقع الإنفجار، فإنّ صاحب الدار لم يقم بالكشف الكامل والصيانة اللازمة قبل تشغيل المنظومة، وهي عبارة عن خزان كبير يوضع أعلى المنزل، لتزويد الدار بإمدادات الغاز، لا سيّما أنّ درجات الحرارة قد انخفضت خلال اليومين المنصرمين في المحافظات الشمالية.
وفي حديث لـ "جسور"، قال السامرائي: "يُعتقد أن هناك خللا ما في جهاز التشغيل أدى إلى انفجار هائل طال 4 دور مجاورة". وعن الحريق الذي التهم صالة نينوى في مطار بغداد الدولي المكوّنة من طابقين في الأيام الأخيرة، أكدّ السامرائي، أنّ الأنباء الواردة بشأنه ربما تشير إلى أنه حصل بفعل فاعل، الأمر الذي استدعى قيام رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بإعفاء المسؤولين، وبحسب مصادر خاصة، يقول السامرائي، إنّ هذا الفعل يستهدف مسيرة الحكومة الحالية، وذلك لإحراجها بافتعال أزمات وحوادث، ولا يُخفى أّن إجراءات السلامة في بلد ينخره الفساد والرشى، هي آخر حلقات الإهتمام والأولوية، إذا ما علمنا أنّ الصراع والتنافس على المؤسسات الحكومية المهمة على أوجه، لكسب المزيد من التخصيصات المالية على حساب أداء الجودة في الخدمات العامة والرسمية، يختم السامرائي.
ووفق شهود عيان فإن من بين المفقودين عدد من الأطفال، خصوصا وأن المنزل الذي وقع فيه الانفجار كان يضم نحو 30 شخصا، فيما يبدو وكأنه كان هناك تجمع لأكثر من عائلة، وأن المنزل المنكوب كان يستضيف عددا من الزوار.
تقصير وإهمال؟
من جهته، يؤكد الكاتب والباحث في الشأن السياسي، الدكتور قاسم بلشان التميمي، في حديث لـ "جسور"، أنّ انفجار السليمانية هو نتيجة الإهمال والتقصير الحاصل، وعدم الإلتزام بشروط السلامة العامة، الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى سقوط ضحايا وجرحى فضلا عن تدمير الأبنية المجاورة للمنزل الذي حصل فيه الحادث الأليم، وهذا يدّل بحسب التميمي، على أن السلطات الحاكمة سواء السلطات الحكومية في الدولة المركزية في بغداد أو حتى سلطات الإقليم غير مهتمّة بالسلامة المهنية.
وتطرق التميمي بدوره، إلى حريق مطار بغداد الدولي، مبينا أنه حادث سياسي مفتعل نتيجة تغييرات سياسية واضحة وصريحة، أما انفجار السليمانية فيأتي في سياق الإهمال، مطالبا في هذا الإطار بضرورة التوعية حول إجراءات السلامة المهنية.
حكومة الإقليم تحقّق
وفي السياق، وجّهت حكومة إقليم كردستان بإجراء تحقيق حول الحادث وقالت في بيان إنّ رئيس الحكومة مسرور بارزاني أجرى اتصالاً هاتفياً مع محافظ السليمانية هافال أبو بكر وكلّفه مع عدد من المؤسسات المعنيّة بحكومة إقليم كردستان، بإجراء تحقيق لمعرفة أسباب الحادث الأليم وإغاثة المتضررين وتقديم ما بوسعهم في إطار ذلك. من جانبه أعلن أبو بكر الحداد في المحافظة لمدة يوم واحد حزنا على فقدان أرواح ضحايا الانفجار.
ويمثّل إهمال معايير السلامة في قطاع النقل أو البناء، أمراً شائعاً في العراق الأمر الذي يؤدي إلى تكرار حوادث مأسوية، في هذا البلد الذي تعاني أغلب بناه التحتية من التداعي. ففي نهاية أكتوبر/ تشرين الأول، لقي تسعة أشخاص حتفهم وأصيب آخرون في انفجار صهريج للغاز في بغداد. وفي حادث آخر وقع في أبريل/ نيسان 2021 قتل أكثر من 80 شخصًا في حريق داخل مستشفى في بغداد، جراء انفجار أسطوانة أوكسجين بسبب تخزين سيئ.