رحّب المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس الجمعة ومن خلال تغريدة له على منصّة تويتر، بتوصّل مصر ولبنان إلى اتفاق يوفّر الغاز للأخير ويخفف من أزمة الطاقة، في ظل عقبات لا تزال قائمة وتقف عائقًا أمام تنفيذه.
فقانون قيصر يفرض عقوبات على كل دولة تتعاون مع النظام السوري، كما أن البنك الدولي وضع شروطًا على لبنان تلزمه القيام بعدة إصلاحات في قطاع الكهرباء والإدارات العامة، قبل الموافقة على فتح اعتمادات لتمويل اتفاقيّة استجرار الغاز.
وكان وزير الطاقة اللبنانية أبدى تفاؤلاً كبيرًا خلال حفل توقيع لبنان اتفاقية مع مصر وسوريا، في العاصمة بيروت، يوم الثلاثاء الماضي مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة وعدت الحكومة اللبنانية بتأمين ضمانات مكتوبة، لإعفاء الجانب المصري من قانون قيصر الأمريكي.
وتقضي الاتفاقية باستيراد 720 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي المصري سنويًا ونقله عبر خط الغاز العربي مع كل من مصر وسوريا، وصولاً إلى محطة توليد الكهرباء في لبنان، وسيؤمّن المشروع تغذية كهربائيّة تصل إلى 4 ساعات إضافيّة، لبنان بأمس الحاجة إليها.
وكانت الحكومة اللبنانية، طلبت في وقت سابق، قرضًا من البنك الدولي، قيمته 150 مليون دولار لتوفير قيمة واردات الغاز الطبيعي المصري، بالتزامن مع أزمة ماليّة تشهدها البلاد منذ العام 2019.
أسباب الترحيب
الترحيب الأميركي باتفاقية تصدير الغاز إلى لبنان، رغم إحاطة الملف بالعديد من العقبات، يردّه الجنرال المتقاعد خالد حمادة إلى عدة أسباب "أولاً الخطة طرحتها سفيرة الولايات المتحدة في بيروت دوروثي شيا التي تولّت عملية التواصل مع السلطات المصرية والأردنية لوضعها موضع التنفيذ، بالتالي الخطة يعتبرها الأميركيون مشروعهم ويتابعون تفاصيله لأن الجانب المصري لن يكون متحمسًا إلا بدعم منهم لضمان نجاحه واستمراره".
من جهة ثانية، لفت حمادة إلى أن الترحيب الأميركي "هدفه تذكير أصحاب الشأن في لبنان أن الإتفاق لن يصبح ساري المفعول إلا عند الالتزام بتنفيذ شروط صندوق النقد الدولي كافة والقيام بالإصلاحات اللازمة".
تفاؤل في غير محله
انطلاقًا مما ورد، أشار حمادة إلى أن "تفاؤل وزير الطاقة كان في غير محله" معتبرًا أن الاتفاقية لا تزال على الورق بين الأطراف المعنية "لبنان ليس موجودًا على تقاطع المصالح الدولية، والبنك الدولي لم يتخذ قرارًا واضحًا بدفع البدل المالي لاستجرار الغاز، كذلك لم يصدر أي قرار عن الإدارة الاميركية يعفي مصر والأردن من تبعات تصدير الغاز أو الكهرباء عبر سوريا، دون التعرّض لعقوبات بسبب تقاطعه مع قانون قيصر".
ولم يستبعد أيضًا أن تشكّل الاتفاقية مدخلاً إضافيًا للأميركيين إلى سوريا باعتبار أن كل مستفيد منها عليه الالتزام تلقائيًا بشروطهم، لافتًا إلى أن حصة سوريا 10% من الغاز المصري و 8% من الكهرباء.
التخاذل المتعمد
حتى الساعة، لا تزال عناصر نجاح الاتفاقية غير متوفرة، كما يوضح الجنرال حمادة "الكرة في الملعب اللبناني" ويضيف، "الاتفاقية ستبقى مجمّدة ريثما يرضخ لبنان ويسير بالإصلاحات المطلوبة منه سواء في قطاع الكهرباء أو في القطاعات الإدارية الأخرى، "لكنه أكد أيضًا أن الحكومة اللبنانية عاجزة عن السير بأية إصلاحات لأن الأخيرة "تطال هيكليات إدارية مهمة في الدولة اللبنانية، تشكل الجزء الأكبر من المال السياسي الذي تعيش عليه الطبقة السياسية، لا سيما حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر، الأطراف الثلاثة القابضة على الاقتصاد اللبناني والمستفيدة من الاقتصاد الموازي، سواء عبر الحدود المتفلتة أو التهريب عبر الحدود الشرعية كما الأعمال الشرعية وغير الشرعية التي تمارس في لبنان أو خارجه".
ملف الترسيم
وما بين الرغبة الأميركية والتقاعس اللبناني يعتقد الجنرال حمادة أن "قضية تغذية لبنان بالكهرباء وتنفيذ اتفاقية استجرار الغاز باقيتان في المجهول"مستبعدًا أي حظوظ لهما في العهد الحالي.
وأشار في الختام إلى احتمال دخول الاتفاقيّة ضمن ملف التفاوض المتعثّر الخاص بترسيم الحدود البحرية الجنوبية "لأنّ المسألتين تفضيان إلى نقطة واحدة وهي إنعاش الاقتصاد اللبناني، إلا أن ذلك يستحيل أن يحصل في ظل الظروف القائمة حاليًا على المستوى السياسي في لبنان، ولا سيما في مسألة الفساد الإداري ومسألة تعثّر السلطة السياسة في القيام بالاصلاحات".