في الذكرى الأولى لإطاحة الحكومة المدنية التي كان يرأسها عبد الله حمدوك وتولّي قائد الجيش عبد الفتاح البرهان زمام السلطة في البلاد، شهدت العاصمة الخرطوم ومدن أخرى تظاهرات حاشدة دعت إليها "لجان المقاومة" و"القوى الثورية" للمطالبة بحكومة مدنية فيما طالب وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن بإنهاء الحكم العسكري في السودان، مرحّبًا بالمبادرات لإيجاد مخرج للأزمة والعودة إلى مرحلة الانتقال الديمقراطي.
وأمام القصر الجمهوري، أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي وقنابل الصوت لتفريق المتظاهرين، في ظل مواصلة القوى الأمنية قمع المحتجّين الذين قُتل منهم في غضون عام واحد فقط نحو 118 شخصًا.
لا للحكم العسكري!
ومنذ الخامس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر 2021، تعيش البلاد حالاً من الفراغ الدستوري، يعزّزه غياب الحكومة، فيما يُمسك قائد الجيش البرهان بكل السلطات السياسية والعسكرية والاقتصادية بيده، ويعاونه عدد من وزراء حكومة تصريف الأعمال التي شكّلها في أعقاب استقالة حمدوك، وانسحابه من المشهد السياسي في كانون الثاني/يناير الماضي.
وفي هذا السياق، أشار الصحفي والمحلل السياسي السوداني خالد الفكي في حديث لـ"جسور" الى أن "الثورة السودانية تستعيد زخمها بعد عام على الانقلاب الذي قام به البرهان العام الماضي، والاحتجاجات التي امتدت في مدن عدة تؤكد المؤكد أن الانتفاضة السودانية كانت ولا تزال حية. وتحاول السلطات الحد من الغضب الشعبي واطفاء شعلة الثورة الشعبية من خلال أساليب شتى أبرزها قطع شبكة الإنترنت، واطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي.
غضب شعبي
منذ الانقلاب الذي قاده رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان على حكومة المدنيين برئاسة عبدالله حمدوك، العام الماضي لـتصحيح مسار الثورة، يعيش معظم السودانيين ضائقة اقتصادية غير مسبوقة نتيجة فقدان الدولة مواردها المحلية، بالإضافة إلى توقّف الدعم النقدي الذي كان "البنك الدولي" يوفّره للأُسر الفقيرة، وهو ما كان له أثر كبير على أوضاع هذه العائلات التي لم تتمكّن، في معظم الأحيان، من شراء السلع الأساسية نتيجة ارتفاع أسعارها.
واعتبر الصحفي الفكي في حديث لـ"جسور" أن "الحل يكمن في التراجع عن الحكم العسكري والاتجاه نحو النظام المدني اذ يرفض الشعب السوداني إجراءات البرهان الاستثنائية لأنها عبارة عن انقلاب عسكري، فهم حملوا الأعلام الوطنية مرددين هتافات مناهضة للحكم العسكري، ورافعين لافتات مكتوب عليها: "لا للحكم العسكري" و"دولة مدنية كاملة"، و"الشعب أقوى والردة مستحيلة"، و"حرية، سلام، وعدالة"، و"نعم للحكم المدني الديمقراطي".
تدخّل أميركي
وأفاد وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن في بيان بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لإطاحة حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك واستيلاء الجيش السوداني على السلطة، معتبرًا ذلك "مخالفة" للإعلان الدستوري في السودان وتقويض لتطلعات الشعب السوداني إلى الديمقراطية.
وإذ وصف هذه الذكرى بأنها حزينة، أكد أنه يستذكرها تكريمًا للشعب السوداني الذي يواصل المطالبة بالحرية والسلام والعدالة في ظل حكومة ديمقراطية.
كذلك أشاد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس بكفاح الشعب السوداني الطويل من أجل تحقيق حكم ديمقراطي بقيادة مدنية.