وضعٌ كارثي وغير إنساني يسودُ السجون اللبنانية حيثُ يعاني النزلاء من بطء المحاكمات القضائية، ومن التعنيف والتدمير النفسي والمعنوي في ظل غياب برامج التأهيل، ومن النقص في الدواء وتضاؤل وجبات الطعام وتدهور نوعيتها وغيره.
وآخر من دفع ثمن هذا الوضع، كان ثلاثة نزلاء توفوا في سجن رومية، بسبب إهمال رعايتهم الصحية، بحسب ما قال ذووهم.
وفي كل فرصة، يتهم السجناء العناصر الأمنية بضربهم بطريقة وحشية وبإصابة بعضهم بجروح بالغة، إلا أنه بحسب وزير الداخلية والبلديات الاسبق في لبنان، مروان شربل، فان "العنصر الذي يضرب المساجين يجب محاسبته".
وقال شربل في حديث لـ"جسور"، "يجب إقرار قانون العفو العام بأسرع وقت ممكن، على ألا تخرقه السياسة والطائفية".
بطء المحاكمات
وأكد أن "بطء المحاكمات القضائية ليس وليد اليوم، بل بدأ منذ عام 1990 ولا زال حتى اليوم، وما زاد الوضع سوءاً هو الإضرابات المتكررة والإقفال المتزايد بسبب انتشار فيروس كورونا في البلاد، وإنفجار مرفأ بيروت الذي ألحق الضرر ببعض المحاكم القضائية، وعدد الملفات القضائية الذي تجاوز عدد القضاة بكثير".
وتابع: "عندما كنتُ وزيراً للداخلية، تمّ بناء أهم محكمة بمواصفات دولية في سجن رومية، لكنها لا زالت حتى اليوم مقفلة، ولا قضاة يحضرون إليها، بالرغم من أن كلفتها تجاوزت المليون ونصف المليون دولار".
كما لفت إلى أن "موضوع وفاة المساجين في عهدة القضاء اللبناني، الذي سيكشف إن كانت قضية إهمال من إدارة السجن، أم وفاة بسبب المرض".
وعن فقدان الدواء وتدهور نوعية الطعام، قال شربل، "الظروف الإقتصادية والإجتماعية لعبت دوراً كبيراً في هذا الصدد، فالأدوية بأغلبها مقطوعة، وأغلب السجناء يتكل على طعام ذويه حتى منذ قبل الأزمة الاقتصادية عام 2019، لكن ذلك لا يعفي الدولة من مسؤوليتها في وضع ملف السجون على سلم أولوياتها".
3 مشكلات
يُذكر أن وزير الداخلية والبلديات في لبنان بسام مولوي، كشف أن سجون لبنان تعاني من ثلاث مشكلات، "أولها الاكتظاظ، حيث بلغت نسبة المساجين 323% من القدرة الاستيعابية، إضافة إلى مشكلة الطبابة والتغذية".
وتوجد في لبنان 3 سجون مركزية: رومية وسجنا زحلة وطرابلس، ونحو 22 سجنا معظمها عبارة عن نظارات ومراكز توقيف احتياطي، وتضم جميعها 8 آلاف سجين.
وأشار مولوي في مؤتمر صحافي عقده منذ أيام إلى وجود أكثر من 8000 سجين، من ضمنهم 20.9 بالمئة فقط من المحكومين، أي أن هناك 79.1 بالمئة في السجون اللبنانية غير محكومين.
وقال إن نحو 79% من السجناء غير محكومين، وإن 43% غير لبنانيين، وقدم اقتراح قانون للبرلمان لخفض السنة السجنية من 9 إلى 6 أشهر، وأن تشمل كل الجرائم لمرة واحدة فقط.
ويشدد مولوي على ضرورة إقرار مشروع "قانون العفو العام" كضرورة ملحة.
وقبل سنوات، تم إجهاض هذا القانون في البرلمان عدة مرات نتيجة صراع الكتل حوله سياسيا وطائفيا.