من يراقب مسار إنحدار العلاقات اللبنانية – الخليجية وتحديداً مع المملكة العربية السعودية في السنوات الـ 15 الأخيرة يلاحظ أن هناك مخططاً مدروساً ليس لضرب لبنان فحسب إنما للمنطقة العربية ككل وتحديداً العراق، سوريا، اليمن ولبنان.
فالمخطط أُعدّ سابقاً وقد بدأ تنفيذه مع إجتياح العراق عام 2003 والإطاحة بالرئيس الاسبق صدام حسين، مرورا بقتل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وإغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وصولاً إلى إستغلال الثورات العربية للإطاحة بما تبقى من رؤساء لم يخضعوا إلى أوآمر ولاية الفقيه.
نجح المخطط الإيراني، واستطاعت الدولة الفارسية في فترة زمنية وجيزة بسط سيطرتها على أربع عواصم عربية هي بغداد، دمشق، صنعاء وبيروت – هذا ما صرح به حيدر مصلحي وزير الاستخبارات الإيراني السابق في حكومة محمود أحمدي نجاد – وحولت أراضي هذه الدول إلى منصات عسكرية وإعلامية لشن الهجمات المتكررة على دول مجلس التعاون الخليجي وتحديداً على المملكة العربية السعودية.
نصرالله ومصلحة لبنان الغائبة
في هذا الإطار يأتي كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الأخير الذي إتهم فيه المملكة العربية السعودية بإرسال 5000 انتحاري للعراق وبأنها "تكن العداء للجمهورية الإسلامية الإيرانية التي فعلت كل شيء ليتحرر العراق .. وأن إيران ليست لديها أطماع في نفط العراق، وذلك على نحو مغاير لدول أخرى منها الولايات المتحدة" على حدّ قوله.
تصريحات السيد نصرالله تأتي في وقت تحاول المملكة العربية السعودية مساعدة لبنان للخروج من المأزق الذي وضعه فيه محور الممانعة بعد عزله عن محيطه العربي والإتيان برئيسٍ ساهم خلال السنوات الست الاخيرة في تعزيز الشرخ بين لبنان ودول الخليج، عبر تصريحات غير مسؤولة لبعض السياسيين والقيادات الحزبية وأذرع إيران في لبنان، والتهجم المستمر على القيادات الخليجية بما لا يخدم مصلحة لبنان ومصلحة العلاقات التاريخية مع هذه الدول، فضلاً عن إرسال أطنان من الحبوب المخدرة لهذه الدول.
شروط السعودية لمساعدة لبنان
تدرك المملكة العربية السعودية اليوم ومن خلفها دول الخليج دقة المرحلة خصوصاً مع اقتراب موعد الإستحقاق الرئاسي الذي وللمرة الأولى سيشكل حدثاً مفصلياً في تاريخ لبنان الحديث بعد أسوأ إنهيار مالي وإقتصادي على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر بحسب البنك الدولي.
وفي هذا السياق تأتي تحركات السفير السعودي في لبنان وليد البخاري وجولاته المتكررة على بعض القيادات اللبنانية ولقائه أعضاء المجلس النيابي اللبناني من المسلمين السُنّة على مائدة عشاءٍ أقامها الأسبوع الماضي في دارته باليرزة بحضور مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان. وكان قد سبق العشاء إجتماع في دار الفتوى للنواب السنة أيضاً دعا إليه مفتي الجمهورية.
هذه التحركات تزامنت مع موقف لافت لوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان من نيويورك أمام الجمعية العامة للامم المتحدة رسم خلاله معالم المرحلة المقبلة لمساعدة لبنان من خلال تأكيده على دعم المملكة لسيادة لبنان وأمنه واستقراره، مشددا على أهمية بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على كامل أراضيها، وتنفيذ الاصلاحات المطلوبة لخروج لبنان من أزمته الاقتصادية والسياسية. ودعا الى عدم تحول لبنان نقطة انطلاق لتهريب المخدرات والجرائم الاخرى التي تهدد أمن المنطقة واستقرارها.
بإختصار تحركات السفير السعودي وليد البخاري وموقف وزير الخارجية فيصل بن فرحان يأتيان في سياق واحد كأنهما يقولان للقيادات اللبنانية .. ساعدوا أنفسكم كي نساعدكم.