بين ليلة وضحاها، انقلبت حياة سكان قرى ومدن حدودية في شمال سوريا رأساً على عقب بعدما أيقظتهم الضربات الجوية التركية من حولهم.
لكن خيبتهم الأكبر سببها واشنطن، الدولة الحليفة الذي يرون أنها لم تمنع أنقرة من استهداف مناطقهم.
وبعد ليلة هزت فيها ضرباتها الجوية أجواء مدن وقرى كوباني والحسكة وريفهما ومناطق أخرى، أعلنت أنقرة صباح الأحد شن عملية عسكرية جوية ضد المقاتلين الأكراد في سوريا والعراق، بعد أسبوع على اعتداء دموي في اسطنبول اتهمت كلا من حزب العمال الكردستاني والقوات الكردية في سوريا بالوقوف خلفه. ونفى الطرفان الكرديّان أيّ دور لهما في الاعتداء.
المدن أغلقت
وفي مدينة المالكية في أقصى شمال شرق سوريا، أغلقت المحال أبوابها، وخلت الشوارع من السكان، بعد غارات عنيفة استهدفت قرى في محيطها أوقعت العدد الأكبر من القتلى والجرحى وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أفاد عن مقتل 11 عنصراً من قوات سوريا الديموقراطية وعشرة من قوات النظام السوري في الضربات. وأكدت دمشق مقتل عناصر من قواتها من دون تحديد عددهم. وقال محمّد رجب (65 عاماً) النازح من عفرين التي سيطرت عليها القوات التركية قبل أربع سنوات، "يتملكنا الخوف لأننا مرينا بالتجربة ذاتها، والآن نستعيد الخوف ذاته مع سماع أصوات تحليق الطائرات وضرباتها". وأضاف "إلى أين نذهب؟ لم يعد هناك من مكان نذهب إليه، سلمنا أمورنا إلى الله". وقالت عبير محمّد، صاحبة محل حلويات من المالكية، "في كل مرة تتعالى فيها التهديدات، ينتابنا الخوف ولا نتمكن من النوم، وتموت الحركة في المدينة". وأضافت "نفكر بالمغادرة لكن لمن نترك منازلنا، ليس بمقدورنا أن نفعل أي شيء سوى أن نخاف على أطفالنا".
"واشنطن شريكة"
لم تشهد شوارع المالكية أي حركة فعلية الأحد سوى تظاهرة شارك فيها عشرات صباحاً للتنديد بالهجوم الجوي التركي، لكن أيضاً بما وصفه متظاهرون بـ"تخلي" واشنطن عنهم. وقال علي عبدالله (62 عاماً) "أميركا شريكة في هذا القصف، وإلا لكانت منعت تركيا". وهتف متظاهرون، "الموت لأميركا" في شعار لا يُسمع عادة في منطقة تنتشر فيها القوات الأميركية ضمن التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية. ورفع المتظاهرون الأعلام الكردية وصوراً للزعيم الكردي عبدالله اوجلان، المسجون في تركيا. وهتفت إحدى المشاركات "أميركا شريكة (الرئيس التركي رجب طيب) اردوغان، يدها ملطخة بدماء شهدائنا". وقالت المتظاهرة التي طلبت عدم ذكر اسمها، "كان بمقدور أميركا أن تمنع قتل مقاتلينا الذين دفعوا دمائهم لحمايتنا".
"ادعموا كوباني"
وفي كوباني، أغلقت العديد من المحال والمدارس أبوابها، وفق سكان تحدثوا عن مدينة باتت الحركة فيها ضعيفة. وترتدي مدينة كوباني طابعا رمزيا مهمّا لدى وحدات حماية الشعب الكردية التي كانت أوّل من تصدّت لتنظيم الدولة الإسلاميّة وخاضت ضدّه عام 2014 معركة للدفاع عن هذه المدينة الحدوديّة مع تركيا، وتلقّت خلالها للمرة الأولى دعماً عسكريّاً مباشراً من واشنطن. وكتب المتحدث باسم الوحدات الكردية نوري محمود في تغريدة إن "مدينة كوباني البطلة أوقفت تنظيم داعش الإرهابي وحمت الإنسانية، وعلى المجتمع الدولي أن يدعمها اليوم"