أثار رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني المدعوم من الإطار التنسيقي الموالي لإيران علامات استفهام عدة، لا سيما بعد قراره المفاجئ والنوعي بوضع جهاز المخابرات العراقي تحت إشرافه الشخصي، وبعدما عقد إجتماعًا مع رؤساء المديريات والكوادر في هذا الجهاز الأمني.
وفي مقارنة واضحة بفارق زمني بسيط، يكون العراق قد انتقل من مرحلة أخذ فيها رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي بغداد نحو عهد جديد سعيًا وراء تكريس القرار السيادي العراقي وإعادة التوازن الى العلاقات مع دول الجوار، الى مرحلة من التقلبات بادر فيها رئيس الحكومة محمد شياع السوداني الى وضع يده على الاجهزة الامنية ما يثير الريبة من نوايا ايران وما تضمره للعراق!
وفي هذا السياق، يقول مسؤول أمني (رفض الكشف عن هويته) لـ"جسور" إن "الحكومة السابقة كانت تفصل الأمن عن التجاذبات السياسية، ما حقق نوعًا من الاستقرار على مستوى القطاعات كافة، ناهيك عن الازدهار الاقتصادي الذي شهدته بغداد في الآونة الأخيرة، وكانت النتيجة العراق في المرتبة الأولى عربيًا والثانية عالميًا في نسب نمو الناتج المحلي الإجمالي للعام الحالي، إضافة الى الخطط التي نجحت في جذب الاستثمارات الدولية".
أمن العراق مهدد!
ويضيف المسؤول الأمني: "هناك مخاوف من أن يعيد قرار السوداني، الرامي الى وضع جهاز المخابرات تحت اشرافه الشخصي، العراق الى المربع الأول اذ أشارت مصادر الى أن العراق لا يزال معرضًا للتوترات الإقليمية، ولا تزال الميليشيات المعارضة للوجود الغربي في العراق تشكل تهديدا للأمن العراقي، لا سيما بعد تشكيل الحكومة الجديدة المدعومة من الإطار التنسيقي الموالي لإيران".
وأوضحت المصادر "الوضع الأمني في العراق على المحك، ويمكن أن يزداد سوءا خلال المرحلة المقبلة، مع ترجيح حدوث المزيد من الاحتجاجات والتوترات."
وتتابع "العراق يشهد مشاكل أمنية بشكل يومي، فالكتل الحزبية في البرلمان، التي تمتلك أجنحة عسكرية موالية لايران، تحاول عن طريق السلاح فرض واقع سياسي يصب في صالحها وليس في صالح الشارع العراقي."
فشل الاطار التنسيقي
وتمثل الحكومة الحالية عنوانًا صريحًا للكتل الموالية لإيران، خصوصًا أن "الإطار التنسيقي" يمثل الكتلة الكبرى في البرلمان العراقي.
وهنا، يرى الباحث العراقي مخلد حازم في حديث لـ"جسور" أن " واشنطن لن تسمح لطهران بالسيطرة على الأمن العراقي نظرا لدعم السفيرة الأميركية في العراق آلينـــا رومانوسكي للحكومة الجديدة، إضافة الى الاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة ضمن اتفاقية الاطار الاستراتيجي الرامية الى عدم سماح لأي رئيس وزراء تسليم الأجهزة الأمنية الى جهة مسلحة، وبالتالي محاولة الاطار التنسيقي ببسط سيطرته على الأمن في البلاد ستفشل مجددًا.
ما علاقة الصدر؟
واستبعد حازم احتمال أن يكون قرار السوداني وضع جهاز المخابرات تحت اشرافه الشخصي يهدف الى التضييق على زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر الذي يملك مجموعات داخل الأمن لمكافحة الفساد، مشيرا الى أنه "ليس من مصلحة السوداني اتباع سياسية العداء تجاه الصدر، ذلك أنه في نهاية المطاف سيبحث عن تأييد الصدر لتنفيذ مشاريعه وملفاته المقبلة، وبالتالي التوجه الى التصعيد بوجه الصدر سيضر السوداني في المرحلة الحالية."
أما المحلل السياسي العراقي سرمد البياتي فاعتبر في حديث لـ"جسور" أن "قرار السوداني بوضع جهاز المخابرات تحت اشرافه الشخصي ضروري كي لا تدخل الأجهزة الأمنية في معمعة المحاصصة السياسية ، اذ أن المؤسسات الأمنية ستقوم بعملها باستقلالية تامة في حين سيشرف السوداني فقط على القرارات المتخذة حيال قضايا شتى".
مؤسسة أمنية وطنية
وقرر رئيس الوزراء العراقي الاحد وضع جهاز المخابرات تحت اشرافه الشخصي، وكان السوداني زار مقر جهاز المخابرات الوطني واجتمع بمدراء المديريات والكوادر المتقدمة في الجهاز واستمع الى عرض شامل لسير العمل وتنفيذ المهام والواجبات.
وأكد رئيس الوزراء "دعم الدور الوطني لجهاز المخابرات، بوصفه مؤسسة أمنية وطنية تضطلع بمهمة كبيرة ومشرفة لخدمة الوطن"، مشددا "على أهمية أن يحافظ الجهاز على مسار عمله وفق الإختصاص المرسوم له طبقا للدستور وميثاق العمل الداخلي للجهاز والقوانين المرعية المنظمة في هذا المجال وأن يكون تنفيذ المهام وتوزيعها موافقاً لمعايير المواطنة الحقّة، والكفاءة وأركان النزاهة في العمل، والمصالح الوطنية والأمنية العليا للبلاد."