في خطوة مفاجئة قد تدفع بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة إلى مزيد من التعقيد خصوصا مع استمرار الخلافات بين التيار الصدري والإطار التنسيقي حول شكل الحكومة المقبلة، أعلن زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أن أعضاء الكتلة سيقاطعون الجلسة المخصصة لانتخاب رئيس للعراق الاثنين. ولطالما كرّر الصدر إصراره على تشكيل "حكومة أغلبية" ما سيشكّل انقطاعًا مع التقليد السياسي الذي يقضي بالتوافق بين الأطراف الشيعية الكبرى.
وكان الصدر أبدى استعداده مرارا للدخول في تحالف مع بقية القوى الشيعية ضمن "الإطار التنسيقي" باستثناء زعيم ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي، وهو ما ترفضه قوى "الإطار التنسيقي".
ويبدو بحسب المعطيات، أن التيار الصدري يتجه للتحالف مع كتل سنية لا سيما مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ومع الحزب الديموقراطي الكردستاني (31 نائبًا) الذي يمثّله هوشيار زيباري في انتخابات الاثنين.
ويُعدّ التيار الصدري أقوى كتلة في البرلمان العراقي بعد الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول 2021 إذ يشغل 73 مقعدا من أصل 329، إلّا أن تغيّب أعضائه عن الجلسة البرلمانية لا يُعرقل اكتمال النصاب، وبذلك لا تُلغى حتى الآن جلسة الاثنين.
والنواب العراقيون مدعوون لانتخاب رئيس جمهورية من أصل 25 مرشّحا بمن فيهم اثنان هما الأوفر حظًا: الرئيس الحالي برهم صالح والوزير الأسبق هوشيار زيباري، ويقتضي العرف أن يشغل منصب رئيس العراق كرديٌ.
وكتب مقتدى الصدر عبر حسابه على تويتر: "إذا لم يكن مرشح الحزب الديمقراطي الحليف لرئاسة الجمهورية مستوفيا للشروط، فأدعو نواب الاصلاح لعدم التصويت له".
مواقف الصدر "الغريبة"
وعن هذا الشأن، رأى الكاتب، المحلل السياسي، علي البيدر، أنه لا يمكن لأحد في الوقت الراهن التنبؤ بمواقف وقرارات مقتدى الصدر، فهي دائما غريبة الى حد كبير ولا يوجد اي استراتيجية خاصة بعمل التيار الصدري السياسي.
وأضاف البيدر في حديث لـ "جسور": "اعتقد ان هناك امرا معينا استطاع التشويش على مواقف الصدر التي كانت تتجه نحو الوطنية وجعله يصل الى قناعات بضرورة فك الشراكة السابقة مع جزء من الاكراد والسنة وهذا الامر ربما يجبره على الوجود داخل البيت الشيعي مرة ثانية واعادة ترميمه من جديد.
فضائح فساد!
وأثار تورّط زيباري في أعمال فساد غضب جزء من الرأي العام في الأيام الأخيرة، ما يتسبب بحرج لمقتدى الصدر الذي يقدّم نفسه على أنه مناهض للفساد.
وقال نائب من الكتلة الصدرية فضّل عدم الكشف عن اسمه، إن "قرار الانسحاب موجه للاكراد، بشكل خاص الحزب الديموقراطي، من أجل الاتفاق على مرشح كردي واحد لمنصب رئيس الجمهورية"، مضيفا، أنّ زيباري "لم يحظ بالتوافق الوطني والشعبي في ظل الاعتراضات السياسية والشعبية عليه".
وأقال البرلمان زيباري في العام 2016 بعد الكشف عن فضائح فساد وشكوك باختلاسه أموال عامة.
وأكّد زيباري في مقابلة متلفزة أنه "لم تصدر أي إدانة بحقّه في القضاء العراقي".
وشملت التهم الموجّهة إليه إنفاقه 1,8 مليون دولار على تذاكر سفر لحرّاسه الشخصيين.
وتصدرت "الكتلة الصدرية" الانتخابات التي أجريت في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بـ73 مقعدا، تلاها تحالف "تقدم" بـ37، وائتلاف "دولة القانون" بـ33، ثم الحزب "الديمقراطي الكردستاني" بـ31.
ويسعى الزعيم الشيعي مقتدى الصدر إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية، بخلاف بقية القوى الشيعية ضمن "الإطار التنسيقي"، والذي يطالب بحكومة توافقية يشارك فيها جميع القوى السياسية داخل البرلمان على غرار الدورات السابقة.
ويلقي الصدر باللوم على المالكي الذي ترأس الحكومة لدورتين متتاليتين (2006-2014) لـ"استشراء الفساد وأعمال العنف" في البلاد، إضافة إلى اجتياح تنظيم "داعش" لثلث مساحة العراق في صيف 2014.