تشهد أطراف العاصمة الليبية طرابلس منذ أيام تحشيدات عسكرية لقوات موالية لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وأخرى لرئيس الحكومة المكلف فتحي باشاغا.
وتحولت طرابلس، إلى ما يشبه ثكنة عسكرية، وذلك تحسباً للطلقة الأولى في الحرب على السلطة بين الميليشيات.
المحلل السياسي الليبي الدكتور محمد فؤاد، أكد في حديث لـ"جسور"، أن "كل ما يحدث الآن هو متوقع بسبب التوتر الذي خلقته حكومة باشاغا التي لم يعترف بها دوليا، إذ ان القرار الدولي كان واضحا أن الحكومة الوحيدة الموجودة في ليبيا هي حكومة الدبيبة، إلا أنه ما زال يحاول الدخول إلى العاصمة لأن رأيه كما رأي الكثيرين، ان من يسيطر على طرابلس سيتم الإعتراف به".
وتابع: "لذلك ما نراه الآن من توتر أمني سببه محاولات القوات المسلحة إما منع باشاغا من الدخول إلى طرابلس وإما مساعدته على الدخول إليها". وتوقع فؤاد "استمرار التوتر في المنطقة، خصوصا وان المجتمع الدولي منشغل عن ليبيا".
وكشف عن أن "التحالفات واضحة في المنطقة، فمن جهة قائد القوات المسلحة في المنطقة الشرقية خليفة حفتر ورئيس البرلمان عقيلة صالح، وبعض الأحزاب الموجودة في طرابلس على رأسها الحزب الديمقراطي وهو ممثل الإخوان المسلمين وبعض بقايا حزب التحالف وهو حزب شبه علماني في المنطقة، وهؤلاء متحالفون من أجل حكومة باشاغا، ومن جهة أخرى، هناك تحالف غير واضح المعالم ولا اتجاه سياسي له، وهو معارض بالأساس لحفتر ويرفض دخول الحكومة".
ورأى فؤاد أن "الحل لما يحصل هو بإجراء انتخابات نيابية، إلا أن مجلسي النواب والدولة يعرقلان ذلك لمحاولة البقاء في السلطة".
لا تفاوض
وقال آمر غرفة العمليات المشتركة بالمنطقة الغربية، المحسوب على باشاغا، اللواء أسامة الجويلي، إنه يرفض التفاوض مع التشكيلات المسلحة المقربة من الدبيبة، ورأى أن "أغلبها يسعى لذلك بمنطق المال والمكاسب"، وطالب في المقابل بضرورة انسحاب التشكيلات المسلحة من مقرات الحكومة وتسليمها من دون شروط.
في المقابل، أعلن قائد ميليشيات "جهاز دعم الاستقرار" التابع للدبيبة، عبد الغني الككلي، "حالة النفير في منطقة أبوسليم جنوب طرابلس، كما أعلن محمد بحرون الملقب بـ"الفار"، تشكيل غرفة مشتركة من كتائب المناطق العسكرية من طرابلس، والمنطقة الوسطى والساحل الغربي، وتجهيز الكتائب التابعة لقوات الزاوية المسلحة للمشاركة في العملية المرتقبة لحسم الأمور.
وتعهد الفار بوقف من وصفهم بالمجرمين الخارجين عن القانون، الذين لا يهمهم حياة المواطنين وأمنهم.
قلق بالغ
ورداً على هذه التحشيدات، قالت اللجنة الليبية لحقوق الإنسان، إنها تتابع بقلق بالغ التحشيد المسلح في مناطق مختلفة بمدينة طرابلس وضواحيها، ما ينذر بتصعيد جديد لأعمال العنف والاشتباكات المسلحة، التي ستُشكل خطراً كبيراً على أمن وسلامة وحياة المدنيين، وممتلكاتهم بالعاصمة طرابلس.
كما دعت منظمة "رصد الجرائم الليبية" لوقف التحشيد العسكري في محيط طرابلس من قبل قوات باشاغا والدبيبة، وطالبت الأطراف بإنهاء أشكال التصعيد كافة لتجنيب السكان المدنيين، والتجمعات السكانية، عواقب العمليات العسكرية.
وتشهد ليبيا أزمة سياسية حادة تتمثل بوجود حكومتين تتنافسان على السلطة، الأولى في طرابلس انبثقت من اتفاق سياسي قبل عام ونصف عام يرأسها عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا إلى حكومة منتخبة، والثانية برئاسة فتحي باشاغا عيّنها البرلمان في فبراير/ شباط ومنحها ثقته في مارس/ آذار وتتّخذ من سرت مقرّا موقتا لها بعدما مُنعت من دخول طرابلس رغم محاولتها ذلك.