تمكّن متظاهرون من أنصار التيار الصدري الأربعاء من اقتحام مبنى البرلمان العراقي بالمنطقة الخضراء المحصّنة وسط بغداد، والتي تضم مؤسسات حكومية وسفارات أجنبية، احتجاجًا على ترشيح "الإطار التنسيقي" التكتل البرلماني الشيعي البارز، للنائب والوزير السابق محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة، فيما تتخبّط البلاد في أزمة سياسيّة معقّدة منذ أشهر. لاحقًا وبعد نحو ساعتين، شرع أتباع الصدر في الانسحاب استجابة لدعوة زعيمهم.
فما هي تداعيات الإقتحام وما السيناريوهات المتوقّعة بعد هذا المشهد؟ وهل سيهدأ الشارع العراقي؟
الشارع
في السياق، يعتبر الباحث والمحلل السياسي العراقي وعضو المركز العربي - الأسترالي أحمد الياسري في حديث لـ"جسور" أن القوى التيارية ان غادرت البرلمان ستنزل الى الشارع، وهذا كان متوقّعًا منذ اللحظة الأولى لانسحاب الصدر"، موضحًا أن ما حصل فيه تجارب كثيرة، كما في ايران مثلاً مع الحركة الإصلاحية التي نزلت الى الشارع عام 2009 حين شعرت أنها استُبعدت من المشهد بإعادة أحمدي نجاد (الرئيس الإيراني)"، ويضيف: "القوى التيارية ليست من الأحزاب النخبوية إنما من الاحزاب التي تمتلك قواعد شعبية كالتيار الصدري".
الرسالة.. واضحة
ويعتبر الياسري أن "الرسالة واضحة للنخب السياسية بأننا سنُحرّك الشارع أمام أي شخصية يتمّ انتخابها تُتيح مجال لسطوة قوى الإطار على السلطة سواء كانت شخصية معتدلة، متطرّفة، عسكرية أو مدنيّة". ويقول: "المشهد المتوقع هو نزول قِوى شرّ، هذه بروفا وضغط وتحدٍّ واضح وأعتقد أن الصدريين سيُعيدون نصاب العملية السياسية الى عام 2019 يعني من الشارع وإليه".
في الحضور ومشهد الصدريين
ويوضح الياسري أن "القوى التياريّة يزداد تمثيلها داخل البرلمان وفي الشارع ولا شيء سيؤثّر، فلا يوجد عند الصدر ما يخسره". ويعتبر أن هذه العملية هي "تحد جديد، فمقتدى الصدر ليس بفقيه ويؤدّي دور المرجعية بالفتية، ولا هو سياسي ويمتلك جمهور ويحركه وقت ما يشاء، بل يجمع بين الاثنين وهنا تكمن الخطورة".
ويضيف أنه "يستخدم رمزية مقتدى الصدر في هذا الحضور وبالوقت نفسه هو قائد سياسي في مجموعته ويعطي أوامر سياسيّة بشكل عامودي فتتحرك مزاميع الأفقية وهذا هو مشهد الصدريين". كذلك يعتبر أنه من "الصعب جدًا أن تتفاهم مع هذا النوع من التيارات لأنه يحتكر مساحة النخب السياسية ويحتكر الحضور في الشارع."
السيناريوهات: اي حكومة؟
فيما خصّ السيناريوهات المتوقعة، يشير الياسري الى أنه "اذا أراد الإطار أن يخفّف الضغط في الشارع، فعليه أن يذهب باتجاه انتاج حكومة ترضي الصدر أو الإبقاء على حكومة الكاظمي (رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي) وتحويلها الى حكومة طوارىء للتحضير لانتخابات جديدة، كونها حكومة نجحت في إدارة الانتخابات سابًقا، ويختم: "أنا اميل الى خيار كسر الإحتقان بالابقاء على حكومة الطوارىء أي حكومة الكاظمي حتى تجرى انتخابات مبكرة".
دعوات الكاظمي
وعلى أثر التحركات، دعا رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي المتظاهرين إلى الانسحاب من مبنى البرلمان، مشددًا في بيان أنه على المتظاهرين "الالتزام بسلميّتهم وبتعليمات القوات الأمنية المسؤولة عن حمايتهم حسب الضوابط والقوانين"، ودعاهم إلى "الانسحاب الفوري من المنطقة الخضراء". وأضاف البيان: "سوف تكون القوات الأمنية ملتزمة بحماية مؤسسات الدولة، والبعثات الدولية، ومنع أي إخلال بالأمن والنظام".
الانسحاب من الشارع
وبعد نحو ساعتين من دخولهم، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في تغريدة مناصريه إلى الانسحاب، قائلا: "ثورة إصلاح ورفض للضيم والفساد، وصلت رسالتكم أيها الأحبة، فقد أرعبتم الفاسدين عودوا إلى منازلكم سالمين".
"تحركات ودعوات مشبوهة"
وسمى الإطار الذي يضم كتلا شيعية أبرزها دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي الموالي لإيران، النائب الحالي والوزير والمحافظ السابق محمد شياع السوداني، المنبثق من الطبقة السياسية التقليدية، مرشحًا له. وتعليقا على أحداث الأربعاء، أصدر الإطار بيانا قال فيه إنه "منذ يوم أمس توجد تحركات ودعوات مشبوهة تحث على الفوضى وإثارة الفتنة وضرب السلم الأهلي".
واعتبر أن "ما جرى اليوم من أحداث متسارعة والسماح للمتظاهرين بدخول المنطقة الحكومية الخاصة واقتحام مجلس النواب وعدم قيام القوات المعنية بواجبها يثير الشبهات بشكل كبير". وكان السوداني (52 عاما) سابقا في حزب الدعوة تنظيم العراق، وائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، أبرز الخصوم السياسيين للصدر، قبل أن يستقيل منهما حين طرح اسمه مرشحًا لرئاسة الوزراء في 2019.