منعطف سياسي جديد يتجه نحوه العراق إذ تدخل البلاد الاربعاء في الفراغ الدستوري، بعد فشل محاولات إنقاذ الاستحقاق الرئاسي ومصلحة البلاد العليا.
تداعيات الأزمة المستجدة ستحمل في طياتها انعكاسات سياسية خطيرة من شأنها أن تتلازم مع أخرى إقتصادية لن تكون أخف وطأة، وتأخذ معها البلاد إلى مصير قد يكون مجهولاً. فالخلافات المتجذرة بين أحزاب السلطة طغت على كل ما من شأنه إحداث تقارب فيما بينها.
نفق مظلم
تداعيات المرحلة ستكون خطيرة كما أعلن المحلل السياسي محمد علي الحكيم في اتصال مع "جسور" "وقد تدخل البلاد في نفق مظلم لا يحمد عقباه" كما أن تجاوز الدستور هذه المرة سيتسبب بزلزال في النظام السياسي والعملية السياسية برمتها وقد يفتح المجال أمام تدخل مجلس الأمن والأمم المتحدة".
ورغم أن السياسيين العراقيين "خالفوا الدستور مرات عدة منذ العام 2003" يقول الحكيم إلا أن المخالفة اليوم "قد تهدد النظام السياسي العراقي برمته وسيفتح شهية التدخل الأجنبي أكثر مما كان سابقا" ويعتبر أن المشكلة الأساسية تكمن في "الدستور الملغم والقانون الانتخابي الذي فصل على مقاسات الكتل السياسية وليس على مقاس مصلحة الوطن والمواطن"
أما الخروج من الأزمة، فيحتاج أمورا عدة برأيه أبرزها "تقديم تنازلات من جميع الكتل والفرقاء السياسيين بما يخدم مصلحة الوطن والمواطن بعيداً من المصلحة الشخصية والحزبية كما العمل ضمن إطار الدستور كونه الغطاء الشرعي لكل العملية السياسية"
ويتخوف الحكيم من أن ينعكس الانسداد السياسي سلباً على الملف الأمني "ويتحول من أروقة السياسيين الى الشارع مع كل السيناريوهات المحتملة" كما يقول، "وهذا ما يبحث عنه أعداء العراق"
وأشار الحكيم الى أن الشارع العراقي أيضاً "لم عدم يثق بهذه الطبقة السياسية التي بمعظمها فاسد ويسعى إلى تغيير جذري وخروجهم في تظاهرات تشرين وتقديم أكثر من 800 شهيد و27 الف جريح ومشاركة الشعب المتدنية في الانتخابات خير دليل أنه لم يعد يثق بهذا النظام السياسي منذ العام 2003 حتى الآن".
حلان قد يحددان مصير العراق في المستقبل كما يرى الحكيم "إما حل البرلمان طبقاً للمادة 64 من الدستور العراقي نصف زائدا واحدا وهو ما يمتلكة الصدر وحلفاؤه أو التوافق مع بعض الكتل والذهاب لانتخابات مبكرة مع حكومة تصريف أعمال" .
عود على بدء
من جهة أخرى، ستنعكس الازمة السياسية سلباً على الملف الاقتصادي في العراق ويوضح المتخصص في إدراة الأزمات الاقتصادية المهندس علي الجبار لـ"جسور" أن التداعيات الاقتصادية "ستكون الأخطر في مسألة إدارة الدولة في مرحلة يواجه العالم أزمات كبرى ولا تزال الحكومات العراقية المتعاقبة لا تجيد التعامل معها بحكمة للخروج منها بشكل متعافى" .
وأوضح أنه الارتفاع الكبير في معدلات أسعار النفط "يقابله ارتفاع في معدلات الانفاق بسبب عدم وجود موازنة للعام 2022 " كما "أن ورقة قانون الأمن الغذائي التي قدمت لم تحمل أي ملامح وحلول اقتصادية بل قدمت تشريعاً لصرف سلبي" .
وأكد الجبار أن العراق يعاني من تشوهات اقتصادية كبيرة جداً والفراغ الدستوري من شأنه أن "يخدم الكثير من أجندات الفساد والهدر في الأموال العامة" وقد "أصبحنا في مواجهة خطيرة جداً إذ أن أحزاب السلطة تتعامل مع هكذا نوع من الأزمات على أنه واقع تفرضه على الساحة العراقية " .
وأشار الى أن ما يسمى بالفراغ الدستوري أصبح صفة ملازمة للعملية السياسية وتحول إلى "عملية صراع على السلطة يواكب مرحلة تشكيل الحكومة والبرلمان ورئاسة الجمهورية" .
أما الإنفراج السياسي إن حدث فيرى الخبير أنه سيكون سلبياً ومبنياً على تقاسم المغانم "وعادة ما تنتهي هذه الأزمات بفرض إرادات داخلية أو خارجية ويلجأ معها المتصارعون على السلطة إلى التوافق على مبدأ المحاصصة السياسية "
بالتالي يرى الخبير أن العراق سيعود مرة جديدة إلى هذا الوضع في إدارة الازمات باعتبار النهج ذاته لا يزال يطبق ويحرك الأحزاب المتصارعة على السلطة.
وأمام هذا الواقع المأزوم والمفتوح على كل الاحتمالات، يطرح البعض تساؤلات حول دور قوى الثورة وهل سيستعيد التشرينيون دورهم ويعمدون إلى تغيير قواعد اللعبة في مواجهة الأحزاب التقليدية التي أعادت إنتاج نفسها في الانتخابات النيابية الاخيرة؟