تزامنا وحال الجمود التي تضرب العراق في مجالات شتى أثّرت على معيشة العراقيين، تعوّل البلاد على قطاع الموانئ للعودة لسابق عهدها. من هنا أكدت صحيفة "كوريا تايمز" الكورية الجنوبية أنّ بغداد تسعى لتحويل ميناء الفاو لأحد اكبر 12 ميناءً عالميًا بحلول عام 2041، من خلال تطوير العلاقات الكورية - العراقية عبر شركة "دايو"، كاشفة أن رئيسها التنفيذي "بايك جونغ وان"، التقى وزير النقل العراقي ناصر الشبلي لشرح وضع البناء الحالي لميناء الفاو، ووعده باستكمال المشروع بنجاح.
وبحسب المعلومات، فإن لدى الحكومة العراقية خطة لاستثمار 53 تريليون وون لتطوير الفاو، وتحويله الى احد اكبر 12 ميناءً في العالم. وذكرت الصحيفة أن "دايو" فازت بما مجموعه تسعة مشاريع للإنشاءات قيمتها حوالي 3.78 مليار دولار ضمن مشروع تطوير الفاو والذي بدأ في العام 2014، بإقامة حواجز لصد الأمواج.
تنمية الاقتصاد
ويقع ميناء الفاو في جنوب محافظة البصرة عند مصب شط العرب في الخليج العربي، ومن المنتظر أن يصبح من أكبر الموانئ في العالم وأكبر ميناء في الشرق الأوسط، وسيحول الفاو إلى مدينة عالمية تجارية اقتصادية ضخمة، وعن الفوائد الإقتصادية لهذا المشروع تحدث الكاتب والمحلل السياسي، علي البيدر، في اتصال مع "جسور"، لافتا إلى أنّ ميناء الفاو سيسهم في خلق فرص عمل كثيرة، إذ من المتوقع أن يبلغ عدد العاملين في بناء الميناء نحو 300 ألف عامل.
وأضاف البيدر، أن ميناء الفاو سيوفّر القدرة على استيعاب السفن العملاقة التي تزيد حمولتها عن 100 ألف طن، مما يخفف اعتماد العراق على الدول المجاورة في الاستيراد، مبينا أنّ المشروع سيوفّر مردودات مالية كبيرة للخزينة، يقدرها الخبراء بنحو 15 مليار دينار شهريًا.
وفيما أكد البيدر أنّ الفاو سيساهم في تنمية الاقتصاد العراقي، وزيادة الحركة التجارية، وهو ما سيحقق 4 أضعاف ما يجمعه العراق مالياً من الموانئ الأخرى مجتمعة، تحدث عن تطور حركة التبادل التجارية الداخلية والخارجية، مبيّنا أنّ الميناء في حال تم استكمال جميع جوانبه سيكون له الأثر الكبير في تغيير موقع العراق على مستوى التجارة العالمية كونه يمثل طريقاً مختصراً بتكاليف نقل أقل كلفة، وهنا تقع أهمية الجدوى الاقتصادية لهذ المشروع بحسب البيدر.
أهمية استراتيجية
يشير البيدر إلى أنّ أهمية ميناء الفاو الجيوسياسية والاستراتيجية، تكمن أنه في حال اكتماله سوف يربط الشرق بأوروبا من خلال ميناء الفاو وعبر طريق سككي بين العراق وتركيا وسوريا، وصولاً إلى أوروبا ومرور طريق الحرير البري من الصين عبر العراق بربط سككي سريع يقطع حوالى 2000 كيلومتر بشبكة سكك قطار سريعة تؤمن وصول البضائع والسلع من موانئ بحر العرب والخليج نحو الأرض اليابسة في البصرة وصولاً لتركيا وأوروبا.
وفي التفاصيل، تضمنت الخطط الأولية التي وضعها العراق، إنشاء 100 رصيف، ضمن مشروع ميناء الفاو الكبير، إلا أن الأزمة المالية جراء انخفاض أسعار النفط العالمية واستنزاف الموازنة في الحرب ضد الإرهاب وما تبعها من ظروف جائحة كورونا، قلصت من التصاميم الأساسية وأعداد المواقع المفترض إنشاؤها.
وأحالت وزارة النقل نهاية العام المنصرم مشروع تنفيذ ميناء الفاو على شركة "دايو" الكورية كمرحلة أولى بكلفة 2 مليار و625 ألف دولار، تشمل بناء 5 أرصفة من مجموع 90 رصيفا، وإنشاء ساحة للحاويات وقناة ملاحية بطول 12 كيلومترا، وأخرى خارج حوض الميناء بطول 13 كيلومترا، فضلا عن إنشاء طريق سريع رابط بين الفاو ومدينة أم قصر بطول 63 كيلومترا، مع إنشاء قناة خور الزبير.
وبحسب مدير الشركة العامة لموانئ العراق، فرحان محيسن الفرطوسي، وجهت دايو الكورية قبل نحو شهرين، دعوة إلى 200 خبير للمساهمة بإنجاز ميناء الفاو، مع اقتراب وصول معدات كبيرة منها مطرقة عملاقة لدق الركائز لأرصفة الميناء، فضلا عن التعاقد لشراء معامل لإنجاز المشاريع المكلفة بها الشركة المنفذة بشكل جيد.
موعد اكتمال الميناء
وكان الشبلي، كشف في وقت سابق، عن موعد اكتمال مشروع ميناء الفاو الكبير، قائلا: "ميناء الفاو الكبير فيه تفرعات عدة، تتمثل بالميناء ذاته، وميناء ترتبط به المدينة الصناعية والتجارية، فضلا عن المطار".
وبيّن وزير النقل العراقي أن الكلفة الإجمالية لمشروع الفاو الكبير، تصل إلى نحو 8 مليارات دولار، مؤكدا أنّ الانتهاء من المشروع، سيستغرق قرابة الـ 3 أعوام ونصف العام.
وتابع الشبلي أنّ الشركة المنفذة له، تعهدت بانتهاء العمل قبل الموعد المحدد، أي سيتم إعلان المشروع مكتملا خلال العام 2024، مضيفا أنّ الميناء سيصبح حلقة الوصل بين الشرق والغرب، كما سيتم مد خط سكة حديد من ميناء الفاو الكبير، الذي يمثل نهاية الخليج العربي إلى أوروبا وتركيا والعديد من الدول الأخرى، التي ستكون لديها مصالح في الميناء.
وشرح أن الميناء سيكون عاملا أساسيا في الأمن القومي، لأن الدول التي سترتبط مصالحها به، ستعمل على حماية الطريق الرابط بينها وبين الميناء، إضافة إلى دعمها لأمن العراق، كون هذا الأمر يعد استمرارا لمصالح اقتصادها.